عامر هشام - يحدث لعراقي فقير في يوم عرس الأمير..

عامر هشام


لقد تعوّد أن يفتح الستارة كلّ صباح عند نهوضه من النوم ويلقي نظرة على الشارع الذي يسكن والجيران والسيارات التي تملأ الزقاق.. أدرك أنه في عطلة اليوم.. فقد صرّحت الحكومة بذلك قبل أكثر من شهر عندما أعلن عن يوم زواج الأمير ابن ولي العهد البريطاني الرشيق الأنيق.. سماء مدينته صافية على غير العادة اليوم ونسمة عذبة داعبت شعيرات رأسه الأشيب وهو يهم خارجا لشراء جريدته الصباحية. تذكر أنه قد وعد أولاده أن يكون فطورهم اليوم فيه نكهة عراقية.. الكل مستعد اليوم حتى أبنته الصغيرة رآها وقد سبقته الى التلفاز الذي فاجأ الناس بنقل مباشر مبكر.. يسمع تغريد عصفور صغير على غصن شجرة أورقت أغصانها قبل أسبوع بعد يباس طال.. تفاءل ومشى حيث غرفة حاسوبه الجديد.. والنقل المباشر من لندن يحكي كل شيء: قصر الملكة والكنيسة ونهر التايمز والفراشات الملونة لابسات القبعات المزركشة والوجوه الضاحكة وشخصيات ولوردات والجمهور والرايات وموسيقى الحب ..الكل هناك ينتظر رؤية العروس وفستانها وتسريحة شعرها وخاتم الزواج والعريس الضاحك الأمير صاحب اللقب الجديد دوق كمبرج.. يرى هو كل ذلك وأم أولاده تذكّره بيوم عقد قرانهم في مدينته الوديعة قبل ثلاثة عقود مضت..
يضحك هو .. ويسرح مع أسئلة مرت بخاطره اليوم …تلّح عليه.. تملأ رأسه: متى يكون لأهلي يوما للفرح؟؟؟…
يدق هاتفه المحمول مساء نفس اليوم وأذا بأخته على الخط باكية تبلغه بأستشهاد زوجها الطبيب في عيادته ببغداد بقنبلة زرعها تحت سيارته خفافيش الظلام.


د. عامر هشام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى