حوار مع الأديب الشاعر حسين عبروس - حاوره: رامز النويصري - مدير مـوقع بلـــــــد الطيوب.. balad Attieoob

أدب الطفل أحد الموارد المهمة في تثقف الأجيال والرفع من ثقافتهم وفهمهم للعالم حولهم، كما إن الكتابة للطفل هي حجر الأساس في تحويل الأحلام إلى حقيقة والدخول إلى المستقبل بثقة، خاصة وإننا نعيش عصرا تتسارع فيه وتيرة الاكتشافات.
حول موضوع الكتابة للطفل، نستضيف الكاتب الجزائري “حسين عبروس” الذي عبر عن غضبه في أكثر من منشور على حسابه على الفيسبوك واستيائه مما يقدم تحت من نصوص للطفل العربي، والتي كما يقول: تساهم في غباء إنسان المستقبل.
في هذا الحوار القصير، حاولنا أن نركز صحب الضيف على الكتابة للطفل وأهميتها وكيفية تقديم أدب يليق بجيل المستقبل.
نصوص تساهم في غباء إنسان المستقبل
عبر أكثر من منشور على حسابك الشخصي على الفيسبوك، عبرت عن استهجانك مما يقدم من نماذج من أدب الطفل.. فأين ترى المشكلة؟
لقد صدر مني ذلك الاستهجان والغصب الفني، نتيجة ما يكتب في هذه الأيام باسم (أدب الطفل)، من خلال تلك النصوص التي تساهم في استزادة غباء انسان المستقبل، أو الضحك على ذقون الصغار من أجل الاحتيال عليهم في كسب المال والمتاجرة بأحلامهم.
والمشكلة تكمن في استسهال الكتابة للصغار، والعبثية بهذا الفن الذي أراه جديرا بالتعامل معه بكل لياقة وحذر، فقد يكون سبباً في هدم القيم الجمالية عند الصغار، والقيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والعقائدية. وكان من المفترض أن تكون الكتابة للطفل في عصرنا هذا، كتابة تنبض بالوعي الحضاري والمعرفي والجمالي، حيث تلتقي فئة الصغار في وحدة متكاملة داخل الوطن الواحد أو داخل الأوطان العربية مشتركة والعالم.
من خلال خبرتكم في المجال؛ كيف -من المفترض أن- تكون الكتابة للطفل في عصرنا الحالي؟
يقوم أدب الطفل على التوازن بين الفكرة واللغة والبناء الفي والجمالي، هذا التوازن الذي يؤسس تلك المرتكزات القوية التي تنبع من قوة تجربة الكاتب، ومن مصادره المعرفية والجمالية بحيث يجعل منها منطلقا أساسيا في تقديم عمل مختلف عما عرفه هذا اللون الأدبي الموجه للكبار وللصغار على حد سواء، وهو يتجاوز حدود الطريقة الكلاسيكية؛ بدء من بساطة الفكرة الى بساطة اللغة، وانتهاء بطريقة العرض للنص.
فالطفل عندنا في هذا العصر لم يعد هو طفل الأمس، فلديه اليوم وسائل تكنولوجية ووسائط اتصال قوية، وألعاب تفوق خيال مبتكرها، ولذا حريّ بنا أن نفكّر في أساليب جديدة متطوّرة، ولهذا أصرّ على ألا تسيطر فئة المتطفلين والمحتالين والدهماء على دنيا ثقافة الطفل، على كل ما هو فكري وجمالي في حياتنا الثقافية.
ولكن للأسف في غياب النقد الأدبي والثقافي والمعرفي تسود الضحالة، وتنتشر الخرافات الهادمة للثقافة وللأخلاق وللأفكار الأصيلة.
من المهم تقديم الرموز عبر النص القصصي والشعر
في مقاليك الأخيرين، أشرت لأهمية الرموز واستخدامها في إيصال الفكرة للطفل وتأثيرها في بناء الجيل..
هل تؤمن بأنه يمكن للأدب والثقافة أن تؤثر في بناء الأجيال؟
إن الرموز التي أشرت إلى استخدامها في ايصال الفكرة للطفل وتأثيرها في بناء الأجيال هي رموز معرفية تقدم للصغار عبر النص القصصي أو النص الشعري (الأناشيد والمحفوظات)، والنص الروائي. بحيث تلعب اللغة دورا مهما في توصيل الفكرة للطفل، وتكون محفزة لشد انتباه القارئ الصغير من خلال تلك الأعمال الموجهة إليه، ومع ذلك يظل النص الأدبي هو من يصنع سلوكيات المجتمع ويبني شخصيات الأفراد والجماعات، فتذوب فيهم تلك الفوارق الفردية والقبلية والعشائرية، ويصبح المجتمع يؤمن بحقيقة الوحدة الوطنية المترابطة التي تخلو من الصراع الطبقي والقبلي المقيت، وما أكثر هذه الصفات في مجتمعاتنا العربية.
ما هي أساسيات الكتابة للطفل، وأنت المختص؟
ومن الأمور الأساسية في أدب الطفل أن يكون الكاتب على درجة من الوعي في أن يتجاوز حدود النمطية الجاهزة، كما هو الحال في شخصية أبطال القصة من الحيوانات، مثلا: الأسد هو ملك الغابة وهو الشجاع وهو من يفتك بالحيوانات الأخرى، والأرنب هو الضعيف وهو السهل للصيد وللموت، والذئب هو الماكر في كل العصور، والثعلب هو المحتال دائما.
هذه النمطية هي التي جعلت الأجيال العربية ترى أنه لا يمكن تجاوز قوة أمريكا وسيطرتها، ومكر الكيان المحتل لفلسطين، هذه النظرة النمطية القاتلة يجب أن تزول من أفكار الأجيال؛ حتى يؤمن الطفل العربي بأنه يجب أن يهزم قوة المتجبر ذلك الضعيف إن صمّم على الحياة بالتفوّق العلمي والمعرفي والفكري.
بعض من مؤلفات الكاتب الجزائري حسين عبروس
الطفل العربي يحتاج جيلا من الكتاب والأدباء والإعلامين يساهم في صقل مواهب الطفل وتحفيزه
ما أكثر ما يحتاجه الطفل العربي أدبا؟
إنّ أكثر ما يحتاجه الطفل العربي في ثقافته ، يحتاج الى أبوين على درجة من الوعي والتعليم لاكتشاف ميولات ومواهب أطفالهم قبل دخولهم إلى الروضة أو المدرسة، ومساعداتهم في توجيههم، كما يحتاج إلى معلمين وأساتذة على درجة من الكفاءة والوعي والتذوّق الجمالي الذي تكاد تنعدم منهم مدراسنا ومؤسساتنا التربوية من الرّوضة حتى التخرّج من الجامعة، ويحتاج أيضا جيلا من الكتاب والأدباء والإعلامين يساهم في صقل مواهب الطفل وتحفيزه من أجل إظهار قدراته ومواهبه الإبداعية، كما يحتاج إلى نصوص خالية من الأخطاء النحوية والصرفية واللغوية التي تقوّم ألسنة الصغار وتزيد من مهاراتهم الإبداعية، وهم بذلك يطمحون الى كل جديد، دون إغفال التراث الحصاري للأمة ومحاولة إخراجه في حلّة جديدة في ثقافة الطفل.
لقد عملت على أن أكتب للطفل شعرا ونثرا قصصا من التراث بأسلوب جديد، وعملت على إبراز الجوانب العلمية في سلسلة قصص علمية يكون للفضاء وللنور وللكهرباء والكسوف والخسوف بطولة في النص بلغة آسرة جميلة، كما عملت على كتابة تاريخنا الوطني والعربي في سلسلة تشد انتباه الطفل ولكن للأسف ما تزال تنتظر الظهور في زمن زحمة الكتاب الإلكتروني.
كلمة أخيرة…
أتمنى أن يكون هناك تعاون فني كبير بين كبار الكتاب لأدب الطفل في مؤسسة عربية تتولى صناعة ثقافة الطفل بكل تفاصيلها، وأن تواكب الكتابات الإبداعية للطفل كتابات نقدية واعية تتحدى الخمول والجهل والتطفّل في عالمنا العربي وألا تصبح تلك المنابر التي تدعي ثقافة الطفل هي الرائجة التي تصدر الينا ثقافة الرداءة وثقافة الضحالة.
لقد قدمت في سنوات ماضية كتابا حول ثقافة الطفل تحت عنوان (أدب الطفل وفن الكتابة) وهو عبارة عن تجربة في فن الكتابة للطفل والذي لقي اهتمام المختصين والمدرسين والطلبة في الجامعات الجزائرية.
أشكركم على هذا الحوار الفكري الممتع، وأملى أن أكون قدمت شئيا يستحق الانتباه في عالم أدب الطفل وثقافته تحتي الى كل من يكتبون للطفل العربي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى