رسالة من جورج اورويل الى اليانور جاك

في‮ ‬14‮ ‬يونيو سنة‮ ‬1932‮:‬
عزيزتي إليانور‮:‬
كيف تسير الأمور معك؟ آمل أن يكون والدك أفضل،‮ ‬وأن تكون حديقتك في أبهي شكل،‮ ‬أعمل بالتدريس في المكان الخطأ منذ ما يقرب من شهرين،‮ ‬ولا أجده عملا رتيبا إلا أنه مرهق للغاية،‮ ‬وبصرف النظر عن بضع ملاحظات‮...‬الخ،‮ ‬بالكاد أنجزت شوطا في كتابة،‮ ‬قصيدتي البائسة،‮ ‬التي كانت مبشرة ألا تكون‮ ‬غاية في السوء،‮ ‬وبالطبع سقطت ميتة،‮ ‬الأكثر إزعاجا هنا ليس الوظيفة في حد ذاتها،‮ ‬بل اليوم الدراسي،‮ ‬حمدا لله،‮ ‬لذا ليس لدي ما أفعله مع الصعاليك خارج ساعات الدراسة،‮ ‬إلا أن هايز في حد ذاتها تعتبر أحد أكثر الأماكن التي اكتشفتها بؤسا علي الإطلاق‮.‬
يبدو أن السكان هنا يقتصرون علي رجال الدين الذين يترددون علي الكنائس المسقوفة بالصفيح أيام الآحاد،‮ ‬وبالنسبة للبقية فإنهم يحبسون أنفسهم وراء الأبواب،‮ ‬صديقي الروحي القسيس،‮ ‬إنه إنجليكي رفيع الأخلاق،‮ ‬إنه رفيق‮ ‬غاية في الصلاح،‮ ‬بالطبع ذلك يعني أن عليّ‮ ‬الذهاب إلي الكنيسة،‮ ‬وهي مهمة شاقة هنا،‮ ‬كطقس ديني وحتي ككاثوليكي لا أعرف طريقي تجاه هذا الموضوع،‮ ‬أشعر أنني شديد الغباء بفظاعة‮.‬
عندما أري الجميع يركعون،‮ ‬ويحيطون بي من كل جانب،‮ ‬ولا يمكنني ملاحقتهم أو أن أحذو حذوهم،‮ ‬بينما الكاهن العجوز الفقير،‮ ‬الذي أظن أنه يبغض كل تلك البابوية،‮ ‬مرتديا زي الكاهن وقلنسوة مربعة الشكل،‮ ‬يقود جولة في موكب مع الشموع وما إلي ذلك،‮ ‬يبدو الأمر مثل تزيين ثور من أجل الأضحية،‮ ‬لقد قطعت وعدا بأن أعيد طلاء أحد تماثيل الكنيسة‮ (‬للعذراء مريم في نصف الحجم الطبيعي‮) ‬وسأبذل قصاري جهدي،‮ ‬أن تبدو مثل أحد الصور التوضيحية الموجودة في‮ "‬الحياة الباريسية‮"‬،‮ ‬وزرع الكوسة من أجل مهرجان الحصاد،‮ ‬وعلي أن‮ "‬أتناول‮" ‬أيضا،‮ ‬إلا أنني أخشي أن يتسبب الخبز في إصابتي بالشرقة‮.‬
هل قرأت ما يثير الاهتمام في الآونة الأخيرة؟ لقد قرأت للمرة الأولي‮ "‬فاوست‮" ‬لمارلو وأعتقد أنها بغيضة،‮ ‬وأيضا كتاب رث عن شكسبير يحاول إثبات أن هاملت يتساوي مع إيرل إسكس‮ (‬ربما شكسبير الأساسي لدوفر ويلسون الصادر في‮ ‬1932‮)‬،‮ ‬كذلك طبعة عنوانها‮ "‬العدو من ميندهام لويز‮" (‬ليس‮ ‬المحترف آر.سي‮) ‬يبدو أن لديك أيضا شيئا عنه،‮ ‬وشيئا من أوسبيرت سيتويل،‮ ‬وأيضا بعض قصائد هوراس،‮ ‬أرجو ألا أكون أغفلت شيئا،‮ ‬خلاف ذلك،‮ ‬لا أجد له وقتا كافيا أو طاقة،‮ ‬أرسلت لي السيدة كار‮ (‬صديقة لساوثوولد وأورويل‮) ‬كتابين عن علوم الدفاع وعن المسيحية الكاثوليكية‮.‬
وكان من دواعي سروري كتابة مراجعة لأحدهما‮ (‬روح الكاثوليكية لكارل آدم‮)‬،‮ ‬من أجل النشر في جريدة جديدة هي‮ "‬نيو إنجليش ويكلي‮"‬،‮ ‬تلك هي المرة الأولي التي كنت فيها قادرا علي إرساء قاعدة الضرب بالعصا تجاه‮ "‬آر‮ . ‬سي‮" ‬المحترف،‮ ‬لقد حصلت علي بضعة أقدام مربعة من الحديقة،‮ ‬لكن لم يكن بد من أن يصبح عائد المحصول عفنا بسبب الأمطار،‮ ‬والديدان والفئران،‮ ‬بالإضافة إلي عثوري بالكاد علي أعشاش للطيور،‮ ‬في مكان يقع في ضواحي لندن،‮ ‬بالطبع ظللت محتفظا بحوض السمك المصنوع من برطمان المخلل،‮ ‬من أجل تعليم الأولاد،‮ ‬لدينا سحالي وضفادع صغيرة وفراشات‮.. ‬الخ‮.‬
إذا حدث ومررت في أي وقت بمحطة الضخ في بداية العبارة،‮ ‬ستري بيض طائر السنور علي أشجار الحور،‮ ‬وسوف أكون ممتنا بفظاعة إذا تفضلت بالتقاط أوراق الشجر‮. ‬أرسليها لي عبر البريد،‮ ‬أرغب في بعض منها،‮ ‬تمكنت فقط من العثور علي واحدة أو اثنتين هنا،‮ ‬لا أقصد بالطبع تنظيم رحلة استكشافية،‮ ‬أقصد إذا حدث ومررت عابرة بالصدفة‮.‬
ماذا يفعل دينيس هذه الأيام؟‮ (‬دينيس كولينج‮) ‬أريد استشارته عن الفطريات الغريبة التي كانت تنبت هنا،‮ ‬لكنه بالطبع لم يسبق له من قبل الرد علي رسائل،‮ ‬قد أعود أو لا أعود إلي وولدز لقضاء عطلة الصيف،‮ ‬سأكون منكبا علي‮ ‬رواية‮ "‬أيام بورمية‮"‬،‮ ‬وإذا أمكن الانتهاء من القصيدة،‮ ‬وأعتقد ربما يكون من الأفضل الذهاب إلي مكان هادئ في‮ "‬فرنسا‮"‬،‮ ‬حيث أستطيع العيش بثمن بخس،‮ ‬وحيث الإغراءات أقل من باقي العالم‮ "‬الجسد والشيطان‮" ‬في سوالد،‮ ‬يمكنك تقرير أي من الفئتين تنتمي إليها،‮ ‬بالمناسبة،‮ ‬إذا جئت لندن أرجو إبلاغي لنتقابل،‮ ‬ذلك إذا أردت،‮ ‬أرجو أن تذكريني لوالديك،‮ ‬وأيضا للسيد والسيدة بولين إذا رأيتيهما‮.‬
صديقك
‮ ‬إيريك إي بلير
هامش‮: ‬في حال رؤيتك لدينيس قولي له إن الفطريات مثل التي رسمتها،‮ ‬وهي تحفر تحت الأرض‮.‬
‮ ‬يوجد هنا رسم‮ .‬


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى