رسالة من محمود درويش لـصحيفة (الجزيرة ) السعودية

6-2-1427هـ

الأستاذ خالد بن حمد المالك المحترم
تحية طيبة،
لا أستطيع أن أخفي عنكم عمق تأثري العاطفي والثقافي بحفاوتكم الكريمة بتجربتي الشعرية المتواضعة. فليس من عاداتنا، نحن العرب، تكريم أحيائنا. لذلك سألت نفسي، وأنا أتصفح عدد مجلتكم الثقافية المكرَّس لي: هل مِتُّ ولم أنتبه؟ وسرعان ما انتشلتني من هذا السؤال القراءة المتأنيةُ للمقالات والشهادات الخارجة عن المألوف، والتي جدَّدت إيماني بأن الحُبّ ما زال ممكناً، وبأن الشعر ما زال ضرورياً... وأيقظتْ فيَّ وعي المسؤولية ومطالبة الذات ببذل المزيد من الجهد لأكون جديراً بهذا الدعم المعنوي الكبير، ووفيّاً للقارئ المجهول، وهو المبدع الثاني الذي يمنح الشعر حياته الحقيقية، حيث يجد فيه المشاركة والصوت والصدى.
لا أعرف كيف أُعبّر لكم عن امتناني العميق وشكري، لأنكم ذكَّرتموني بجدوى الاجتهاد في البحث عن تعريف للشعر لا يُدْرَك.
كما أنني لا أَعرف كيف أَصوغ عبارات المحبة للنقّاد والشعراء والكتّاب والفنانين الذين أسبغوا عليَّ من كرمهم وتشجيعهم الأدبي ما دفعني إلى التساؤل: هل أنا حيَّ ولم أَنتبه؟
أَتمنّى أن تكرِّسوا هذا التقليد النبيل، لنتعلَّم جميعاً كيف نحترم الأحياء أيضاً! وكيف نقاوم ثقافة الكراهية بثقافة الحُبّ!

مع خالص المودة والاحترام
محمود درويش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى