بهاء الدين حسن - نفـيـســـه

( 1 )

ـ فضيها سيره ياأمه ... !!

هكذا صرخت فى وجه أمى عندما قالت لى ...

ـ تاخد نفيسه ... ؟!

( 2 )

عندما إتشحن الحريم بالسواد ، وأقمن فى الـدار مندبة . كانت نفيسه صغيرة ، وكنا عيالا ، وكلما سألت نفيسه أمى عن أمها تقول لها ...

راحت فوق ... عند ربنا ؟!

فتنام ، بعد أن تكون شبعت بكاء ، فى حضن أمى !!

( 3 )

ـ إتلهى ... جاتك خيبه !!

هـكـذا صــرخـت أمـى فى وجـهى ، وهـــى تمــط فى شفتـيها إستـهــزاء وسخــريــة عندما قلت لها ...

- خلاص ياأمه أنا موافق آخد نفيسه!!

( 4 )

عاشت نفيسه ـ بعــد أن إستحلف عمى أبى وأمنـــه عليها قبـــــل أن يسافر إلى بلاد بــره ـ معنا فى الدار إلى أن كبرت ، وكبرنا معا ، وعرفت أن أمها لن تعود من فوق من عند ربنا ، فكانت تقول لأمى مثلنا ... ياأمى ، ولأبى .. ياأبى ... ونحن كانت تنادينا بإخوتها !!

( 5 )

ـ معقول ... دى نفيسه الجربانه ؟!

تغيرت ملامح نفــيسه ، وتكشفت مفاتنها وأنوثتها بعد أن سلمنها النسوة ليد توحـه التى جاءت بحقيبـة يد بمجرد أن فتحتـها وجت منها رائحـــة عطره ، وأخذت تخرج منها المساحيق والبودرة والمكحلة والأحمر شفايف ، وبأصـابع مدربة راحت تنتف وتحفف وتجمل فى نفيسه !!

ـ أنا قلت هاآخد نفيسه يعنى هاآخد نفيسه !!

هكذا صرخت فى وجه أمى .


ـ ياابنى إفهم ... نفيسه خلاص .. إتكتب كتابها ، ودخلتها يوم الخميس !!

هكذا صرخت أمى فى وجهى .

( 6 )

لم يقتنع أبى هـــــو الآخر بكلامى عندما قلت له ، وهو يتربع على الدكه فى المندره ويكركر فى الجوزه ...

ياأبا الحاج إحنا أولى بلحمنا !!

فصرخ فى وجهى ، وقال لى كما قالت أمى ...

إتلهى ... جاتك خيبه !!

( 7 )

ذهبت ـ خلسة ـ إلى غرفة نفيسه ... كانت منهمكة فى ترتيب أشيائها ...

ـ حموده ... تعالى ياحموده ... !!

كنت أود أن أصــــرخ فى وجهها ، وأقول لها أن إسمى أحمد ، وأننى كبرت ولم أعد عيلا صغيرا كى تنادينى بحموده ...

حاســه إنى ملخومــه ، ماأعـرفش ليــه ياحمـــــوده ... هــو الجــواز بيلخم كـــده والنبى تاخد الشنطه دى ياحمـــوده ... نــزل ياحمــــوده الكرتونه إللى فوق الدولاب مش طايلاها ... جبت ياحمـوده حاجـــــه ساقعه لعبد الواحد ... هو قاعد فى المندره مع أبـــويا الحاج وإللا مشى ... إبن حــــــلال ... مش كـــده ... شــــــوف ياحموده الفستان إللى جابهــولى ... عقبالك ياحموده لما تلاقى بنت الحلال ... إنت ساكت ليه فيه حاجه ياحموده .. إنت ليه لحد دلوقتى ماقلتش مبروك لأختك نفوسه ... " ؟!

( 8 )

كان الكلام محشــورا فى زورى لايــريد الخــروج ، ولسانى فى فمى كأن الخرس قد أصابه ، وكانت نفيسه تتحرك كثيرا وتتكلم كثيرا وتملأ الغرفة بأشياء كثيره !!

دلفت أمى ، وفى إثرها البنات بالطبل والزغاريــد إلى غرفة نفيسه .. إبتلعنى المكان وتهت وسط ضجيج وصيـحـات وإبتهاج البنات ، وإنشغالهن بالتقـريص فى ركـبـتى نفيسه عسى أن يلحقن بها ويتزوجن قريبا !!

لم يعبــأ بى أحـــد .. خرجت أجرجر فى قدمى ، وأمام المرآة فى الغرفة وقفت طويلا أتأمل ذلك الوجـه الذى يقف أمامى فى بلاهة !!

أخرجت لــــه لسانى ، فأخرج لى لسانه ، وكنت كلما فعلت حركة لإغاظته فعل نفس الحركــــة لإغاظتى . حتى وجدتنى بملء فمى أبصق فى وجهه المكفهر وأصرخ فيه

ـ إتلهى ... جاتك خيبه !!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى