صديقة علي - الكنافة*.. (قصة من الواقع)

مع كل قطعة كنافة ساخنة يصفّها البائع في العلبة،تهطل دموع حارقة من عينيّها ...هذه تمنتها لابنتها الصّغرى، وتلك للكبيرة .. وهذه للوسطى ( يا للحسرة لن يذقنها) قالت في نفسها (مضى وقت طويل وهن يطالبنني بالكنافة).
دموعها حيّرت بائع الحلويات ...
ـ مابك ياخالة، إن لم يكن معك ثمنها لا بأس عليك ...خذيها بالمجان.
ناولته النقود بصمت دون أن تسمعه، لأنّ هناك صوتاً طاغياًعلى صوته، يتردد في خلدها ..صوت السيدة التي تعاطفت مع حزنها،و التي نصحتها بأن تقصد زوجة مدير السجن، تلك التي تسكن الطابق العلوي . [إيّاكِ وأن تأتينها فارغة اليدين ... هذه لا تساعد أختها بالمجان].
تصعد بتأنٍّ أدراجاً، للمرة الأولى تطؤها قدماها كزائرة، خارج أوقات عملها ..تعرفها درجة درجة، فهي تنظفها يومياً والأدراج ايضاً ذاقت مرارة دموعها مرات ومرات.
بتردد وخوف، وقفت أمام الباب ، ما أن فُتح حتى أدركت تفاهة ما أحضرته أمام فخامة ما رأت. ارتبكت إذ قدمت هديتها، توسّلت للسيدة أن تساعدها بتأمين تصريح زيارة لتطمئن على زوجها.
نظرت السيدة للهدية بازدراء وقالت ببرودـ عودي مساء قد يحضر زوجي وقد يساعدك .
عادت مساء بأحلامها الكبيرة، برفقة ابنتها الصغرى .
أخذت تتدرب على ما ستقوله لزوجها.
إن قُضي طلبها ،ستخبره بأنّ طلبات البنات لا تنتهي وقد أنهكها التعب. ستسأله لم هو مسجون؟.وهل حاكموه؟. ستقول له أن الجميع تخلّوا عنها بحجة الخوف على أنفسهم، ولقد طردت من منزلها،لأنها عجزت عن دفع الإيجار. ..لا. .لا لن أخبره بذلك، بل سأقول له نحن على مايرام.. .سأخبره كم أحتاجه وأشتاق إليه، وبأنني عثرت على وظيفة محترمة تليق بشهادتي.
أيقظها من شرودها وصولها قرب البناية،و صوت طفلتها : ماما انظري لقد وهبنا الله ما نتمناه .
تسمّرت الأمّ في مكانها، راحت تنقل نظرها بين بريق السّعادة بعيني ابنتها، وشرفة السّيدة ويد طفلتها الممسكة بكيس كان مرمياً على الرصيف.
ثم خفضت رأسها، وعادت خائبة بكنافة باردة ،دون أن تصعد الأدراج .

ــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
‌اَلِكْنَافَة: أشهر أنواع الحلويات في سوريا


صديقة صديق علي




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى