سبع رسائل غارثيا لوركا

" إلى ماريا ديل ريبوسو أوركيا ليلة 1 فبراير 1918"

عزيزتي الصديقة القريبة البعيدة:
ربما ستتعجبين- حضرتك- إنني أكتب إليك بهذه الصورة، وفجأة، لكن كما هو الحال لا يمكن أن تذهب صورتك الرقيقة والظريفة عن مخيلتي، أتصور دائماً أنني أتحدث إليك، ربما يكون ذلك توافق الأرواح.
آه لا تضحك، لا تضحك.. يا ريبوسو ربما تجاسرت في الكتابة إليك، أقول تجرأت لأنه في إسبانيا تعتبر هذه التصرفات جسارة وجرأة، كتبت إليك من أجل أن تسدي إليّ خدمة.
لأنني عازم على نشر كتاب.
أتوافقين أن أخصص فصلاً عنكِ؟ إذن أجيبيني على ذلك.
أعتقد أنه سيكون لي الشرف إذا وصلتني إجابتك، لا أنتظر شيئاً آخر من امرأة مثلك، كعاشقة لشوبان، أو مثل ترجمة جيدة لأعماله.
أحياناً تأتي لحظات- ياصديقتي ريبوسو- نشعر بأننا نرغبُ بالكتابة إلى روح اختفت في البعد، وأنَّ تلك الروح تسمع نداء الصداقة بيننا.
في المرحلة الحالية نحن الرومانتكيون علينا أن نغرق أنفسنا في ظلال اجتماعي.
ربما حضرتك- أنت رومانتيكية مثلي- تحلمين في شيء روحي جداً بحيث لا يمكن العثور عليه، نعم، نعم، لا تضحك.
ولو أدى ذلك إلى الضحك لديك، شيء لا أعتقده.
إنه كذلك.
ربما لا ترغبينه.
دائماً لدينا مرارة بأن لا نستطيع تحقيق انتزاعه، آسف لأنني أزعجتك.
أنا دائماً عاطفي، لا أريد أن أزعجك أكثر! أتوافقينني على ذلك؟
ما أفعله هو من أعماق قلبي.
كنتِ واحدة من تلك النساء اللاتي مررن في طريق حياتنا وتركن أثراً هادئاً ولطيفاً ومريحاً وروحياً، شيء من هذا القبيل.
يشبه أريجاً يعبق من وردة اختفت في المكان البعيد، كم كتابتي سيئة أليست هذه هي الحقيقة، آسف.
أجيبي في الحال، إن لم يكن لديك عائق.
سأشكرك إلى ما لانهاية،تحدثي دائماً مع صديقك
تحياتي إلى باكيتو.

فدريكو غارثيا لوركا

***

"إلى إميليا يانوس- مدينة مدريد- 25 نوفمبر 1920"

صديقتي إميليا:

أطلب منك السماح لأنني تصرفت تصرفاً سيئاً معك أيتها الفاتنة الرائعة لكنني أعلم جيداً، أن إميليا تعذر دائماً، لأنها صديقة ممتازة لي، أليست هذه هي الحقيقة، أنا أعمل كثيراً، وأحيا أكثر قليلاً لأن أكون قادراً..لأن القمر جميل.
وأحياناً النجوم زرقاء.
أنا أعيش أغنية أصيلة من أعماق قلبي.
حاضر، سأكتب لك على مهلي، وبشكل مطول
أجيبي حضرتك؛ بالله عليك،"سأطلب إليك راكعاً" أتوسل إليك.
اكتبي لي على الأقسام الداخلية للطلاب- بينار 15 الذي هو عنواني.
إلى اللقاء أيتها الفاتنة إميليا.
لا تنسي صديقك المخلص.

فدريكو

ملاحظة: هذه الرسالة كتبت بقلم الرصاص في نهاية رسالة أخرى للرسام إسماعيل جونثالث دي لاسرنا إلى إميليا يانوس حول كتابة مع خط إسماعيل جونثالث دي لاسرنا موجهة إلى غرناطة- بلاثا نويبا "الميدان الجديد" رقم 1-

***

" إلى أميليا يانوس

مدينة مدريد 28 نوفمبر- تشرين الثاني 1920"
إلى الآنسة- إميليا يانوس
- بلاثانويبا
- الميدان الجديد- غرناطة.

عزيزتي إميليا:

منذ أمدٍ بعيد لم أعرف عنكِ شيئاً؟ البارحة- فقط- أشتقت إليك جداً؛ كما- أنا- أعرف بالشعور الذي ينتابني حينما يتعلق الأمر بأشخاص عزيزين عليَّ جداً، ورقيقين جداً من أمثالك؛ إذ أنني أراك وسط ذلك المشهد الغرناطي الجميل؛ كامرأة غرناطية فريدة لها القدرة على الإحساس بذلك، ويسرني جداً أن تكوني لي صديقة ترى ذلك الحور المتلألىء؛ وأن ترى تلك الأشياء البعيدة كما أراها أنا.
كم هو جميل؛ وكم هو محزن سيكون طريق حدره Darro؛ وأيّ غيوم داكنة تستمر عبر فالبرايسو Val Paraiso!
أليست هذه الحقيقة؟
أتذكر غرناطة عندماكنت طفلاً كما أتذكر خطيبين ميتين؛ وكما أتذكر يوماً مشمساً! هل سقطت الأوراق كلها؛ هنا في مدريد أصبحت الأشجار جرداء؛ وباردة سوى قسماً منها؛ بقي فيها وريقة تتحرك مع الريح الحزينة؛ تتحرك كفراشة ذهبية، الآن بدأت تمطر؛ وأصبح كل شيءٍ مغطى بسحابة رائعة سأكون صريحاً معك؛ ينتابني قليلٌ الحزن؛ ينتابني قليل من الكآبة، أشعر في روحي مرارة لتكون وحدها التي تحب، أعلم أنك في حالة حزن عابرة.. لكن أثرها دائم.
البارحة ذهبت إلى شارع سان خيرونيمو San Jeronimo؛ ورأيت امرأةً بدا لي أنها تشبهكِ؛ تشبهك في القامة؛ وتشبهكِ في الرشاقة وأكثر من ذلك أنها كانت واقفة في واجهة محلّ للتحفيات..! وأي تحفيات؛ جرار صينية؛ كؤوس يابانية؛ قلائد هندية.. كنت قد صرخت عالياً حتى أن الجنوي صاحب المحل قد فرَّ مذعوراً (1) هل ستكوني معي أكثر مودةً إذا أرسلتِ لي صورة موقعة بلطفك؟
أتفعلين ذلك؛ سأرى؟
أنا سأدفع مقابلها قصيدة؛ اتفقنا؟
لهذا اليوم يكفي؛ لا أتحدث أكثر في هذا؛ أنا سعيد جداً؛ وأنتظر الجواب لكي أكتب إليك أكثر تفصيلاً.
إلى اللقاء يا إميليا العزيزة؛ لا تنسي صديقك!
تحياتي إلى فدريكيتو يانوس

فديريكو

***

"إلى آنا ماريا دالي A. Ana Maria Dali مايو 1925"

عزيزتي الصديقة:

لا أعرف كيف يكون موقفي أمامكِ وأنا أكتب إليكِ هذه الأسطر؛ يبدو أنني أتصرف بدون خجل- نعم، بدون خجل- مثل أي رجل قبيح! الناس الذين لا يستحون؛ يصعدون هكذا حتى يصبح قبيحاً كبيراً؛ مع شروين لامعة لبرج إيفل Tour Eiffe.
لكني أنا أعلم أنك ستسامحيني طوال هذه الأيام كلها؛ كنتُ أفكر بالكتابة إليك؛ لماذا لم أفعل ذلك ؟
أنا نفسي لا أعرف ذلك؛ تذكرتُ أكثر منك؛ لكن أنتِ ستعتقدين أنني نسيتك تماماً.
على شاطئ البحر؛ تحت ظلال الزيتون في صالة الطعام ببيتك عند البحيرات؛ في صالة الطعام في بيتك تحت لوحة الراعية الإلهية، عندي في ألبوم الصور ذكرياتي معك؛ ضحكاتك التي لا يمكن أن أنساها؛ علاوة على أنني لا أنسى ذلك أبداً؛ يمكني ألا لا أظهر مشاعري للحياة لكن حدّتي غير ظاهرة.
كيف حال عمتكِ؟ وكيف حال أخيكِ؟ على الرغم من سؤالي عنه؛ لم تصلني الإجابة عن استشارتي لهُ!
كيف حال والدكِ؟
أفكرُ في قداقس- Cadeques، تبدو لي أنها مشهد خالد ومعاصر لكنه رائع؛ الأفق يرتفع مشيداً قناة مائية كبيرة. الأسماك الفضية تخرج لتناول القمر؛ وأنتِ تبلّلين ضفائرك في الماء حينما تبتعد وتقترب أصوات متقطعة لزوارق الغازولين؛ حينما يكونون جميعاً عند باب منزلكم؛ سيأتي الغروب ويصبح المرجان في يد العذراء وهاجاً ومشتعلاً.
لا يوجد أحد في صالة الطعام؛ فالخادمة ستكون قد ذهبت إلى الرقص والراقصتان السوداوان في الكريستال الأخضر والأبيض ترقصان الرقصة المقدسة التي تخيف الذباب في النافذة وعند الباب، حينذاك؛ ستجلس ذاكرتي على إحدى الأرائك.
ذاكرتي مثل كوسيل؛ وشراب وردي، أنتِ غارقة في الضحك وأخوك يحلمُ كأنّه زنبور من ذهب؛ في الأسفل الأروفة البيضاء تحلمُ بالأكورديون.
عند باب ليديا ينادون الغرسة الطبية؛ لكن لا أحد يجيب:
الصيادان الشجعان لكوليب - Culip يبكيان بأصواتٍ
- جالسة على ركبتيها.
ليديا أصبحت ميتةً، أنا أريد أن أسمع في هذه اللحظة؛ يا آنا ماريك؛ الضجيج المنبعث من جنازير جميع البواخر اللاتي رفعن الأنجر Ancla منهن في جميع البحار.. لكن طنين الذباب؛ وصوت هيجان البحرمنعها.
بالطابق العلوي في غرفة أخيك يوجد قديس على الحائط،بويك باخاديس Puig Pajades في بطنه التي تشبه منطاداً صغيراً؛ نازلاً على السّلم، لقد بقيت وحدي طويلاً في صالة الطعام؛
لكن لا أستطيع أن أنهض.
أحد رسوم سلفادور مشبك أرجلي؛ أي ساعة ستكون؟
أنا أريد أن آكل الآن؛ في هذه الساعة؛ من سمك المرلوثا.
كيف يقال ضباب؟
سحابة عبر النافذة.. تمرّ الغيوم؛ تبكي حزناً على هذه النساء المغبرات لابسات الحداد اللواتي ذهبن لرؤية القاضي الشرعي.
هكذا كنت في صالة طعامكم؛ أيتها الآنسة آنا ماريك!!
ذكرياتي هي.. دائماً حادة.
أتذكرين- أنتِ- كيف ضحكت حينما رأيتِ القفازات الممزقة يومَ كنّا سنغرق!
آمل أن تتعلمي كيف تسامحينني؛ لا تكوني ناقمة.
أخواتي ليس لديهن ما يفعلنه، سوى السؤال عنك؛ وكيف حالك؟
بلغي تحياتي إلى والدك وإلى عمتكِ.
ولك مني أفضل التحيات

فدريكو

- هل ستجيبين على رسالتي؟

***

"إلى آنا ماريا دالي
باحة الساقية- الحمراء 25- تموز- يوليو 1925"
مقاطعة خيرونا "جيرون"-

آنستي- آنا ماريا دالي دومينيش
يسرني جداً أن أقدم لكِ تهانيَّ في ذكرى يوم تعميدكِ
تحياتي إلى عماتكِ وخالاتك وإلى والدكِ وأخيك-

فديريكو

- سروري البالغ بيوم تعميدك.

***

"إلى آنا ماريا دالي خريف 1925"

عزيزتي الصديقة آنا ماريك :

استلمت- في غرناطة- رسالتك العذبة؛ لا أنساك أبداً، وإذا كنتُ لم أكتب لكِ من قبلُ، فلم يكُ ذنبي، ولكن بسبب أيامي القليلة المجنونة التي قضيتها في مدريد.
الآن في الأندلس - أصبحت شخصاً آخر؛ نفسه الذي كان في قداقس كم هي المرات التي تذكرت فيها ذلك الزورق الحقيقي الذي غرق بنا في كاب دي كريوس Cap de creus؛ كم كان لذيذاً ذلك الأرنب الذي أكلناه سوية بالملح والرمل، تحت تمثال النسر البرتقالي.
ذلك البحر هو بحري أنا؛ يا آنا ماريك، جميل جداً ما تقولينه لي حول قفازاتي البائسة "التي استلفتها؛ من أجل أن أعمل لنفسي قيمة في البيت جميل جداً عبر هذه القفازات والقبعات تظهرشخصية المرء حينما تكون مستخدمة ومبللة، أعطني قفازاً أخبرك عن شخصية صاحبه.
في غرف المهملات لبيت بيشوت Pichot عدة قفازات من كلِّ تلك الأنواع، سوداء بلون جلد الماعز؛ بيضاء صغيرة لبالغي سن الشباب محاكة بشكل.. من المؤكد أن من يراها في سلة العُصب سينبهر بها؛ خاصة قفازات الأم؛ لا أريد التفكير في موضوع إبسن هذا!!
لنفكر في نيني Nini الذي جاء لابساً قفازات أورفيو Orfeo مغنياً كبحار؛ وسكران على صدفة من صفيح.
تقولين لي: إنَّ الصيف الماضي كان جميلاً؛ وهذا يسعدني جداً كان صيف الزوارق والإيماءات الكلاسيكية.
وأنا في المقابل؛ قد مرت عليَّ أيامٌ سيئة. A
قد عملت كثيراً؛ لكن لديَّ قلق كبير عندما أكون في البحر. B
ثم أصبحت؛ وقد تعافيت تماماً.
أستطيع القول إنَّ مالقة قد أعطتني الحياة؛ هكذا استطعت إنهاء إفيجينيه mi Ifiginia؛ التي سأرسل لكِ بعض قطرات منها.
ما يتعلق بـ"ليديا" فهو شيء رائع؛ لديَّ صورتها، وضعتها فوق آلة البيانو العائدة لي؛ يقول العبقري- خينوس Xinius. إنَّ ليديا لها روعة دون كيخوتة Don quijote "هنا يجب أن نطبق بشدة شفائفهُ ونغمض العينين"؛ لكنهُ قد أخطأَ.
ثربانتس قال عن بطله أنَّه أخرج سرَّهُ "شهرته"؛ هذه هي الحقيقة جنون دون كيخوتة جنون جاف؛ نبوءة كاذبة على هضبة عالية؛ جنون أجرد دونَ أخيلة.
أمَّا جنون ليديا فهو جنون طري؛ ناعم، مليءٌ بالنوارس، ومليءٌ بجراد البحر جنون تشكيلي؛ دون كيخوتة يمشي في الهواء؛ وليديا تسير على شاطىء البحر المتوسط؛ هذا هو الاختلاف؛ وأريد أن أكون على يقين من أجل أن لا نرمي جذور خفة العبقري "خينوس xenius".
ما أعجب قداقسي هذه! وأي شيء مسلٍّ هذا الذي أستطيع أن أقارن من خلالهُ؟ بين ليديا وآخر نبيل جوّال "دون كيخوتة"!
وأنت هل ستسامحيني على تحليلي المقتضب لهذه الأمزجة؟
أعتقد ذلك؛ لأنه في مرات عديدة تحدثنا- نحن- حول هذه الموضوعات استطعنا على كلِّ حال أن ننقذ أنفسنا من هذه الحماقات؛ هذه المطبات؛ وهذه الصخور؛
ألم تتعرفي إلى آرنستو هالفر E. Hffter؟
حقيقة أنه مجنون مهم جداً؛ يملك حماقة كافية ليصل .. ليكون فناناً عظيماً.
لماذا لا تأتين، أنتِ وشقيقك إلى غرناطة
شقيقاتي سيكتبن لكِ ليدعونكِ لزيارتنا.
سلمي على عمتكِ؛ ووالدكِ؛ وأنا أشكرهم جداً على العناية الفائقة؟ وعلى المودة القلبية، وتحياتي إلى سلفادور Salvador واعلمي أن صديقك لن ينساك

فديريكو

وصديق قطلونيا المطلق؛ دائماً هو كذلك! يا حلوة.
كيف ترين ياآنا ماريك اللوحة التي رسمها السيد أخوك؛
اكتبي لي ما يقوله! لا تنسي هذا الغريق الأندلسي المسكين.

***

"إلى إيزابيل غارثيا رودريفت ممبرثي Mimbrete؛
عنوان
مقهى الرَّملة- برشلونة برشلونة مايو أو يونيو 1927"

حضرة العزيزة العمة إيزابيل: أبعث إليك تحية قلبية من برشلونة حيث؛ كما تعلمين؛ أقوم بتحضير الحفلة الافتتاحية لمريانا بينيدا Mariana Pineda اليوم قمتُ برسم صورة لي، كاريكاتيرية- ولديَّ منها في بيتنا الكثير؛ وأرغب أن تكوني أنت ممن يحصل على بعضها؛ تلك التي أرسمها؛ مزحة خفيفة، لكن أبعثها لكِ مع ما كلّ المودة القلبية.

سلمي على جميع الأصدقاء؛ كذلك إلى العائلة جميعاً، خاصة العم بيبي Pepe وقبلات إلى الأطفال؛ ولكِ مني عناق شديد؛ وقبلة من ابن أخيك الذي يحبك جداً سواء كان عن قربٍ أو عن بعد .

أشواق كثيرة إلى عمتي ماريا وزوجها؛ كذلك إلى الحلوة الجميلة الرقيقة مرثيديكاس Mercedicas؛ وأطفالها؛ وإلى مانويل؛ تحياتي إلى ريكاردو.

فديريكو

================

ت. د. عدنان محمد آل طعمة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى