رسالة من حسين القهواجي الى ادونيس

الأستاذ أدونيس
تحية الود والتقدير،
أيّة طريق أخذتني على وجه الخطإ الجميل، للوقوف أمام كنيسة قوطيّة من العصر الوسيط تفضي مباشرة إلى مقهى «الدوماغو»: ما ألطفها مصادفة!
لمحتك من وراء الزجاج رفقة صديقك الذي تكرّمت وقدّمتني إليه، وهو يتبسّم بوداعة فيلسوف أشيب. في حقيقة الأمر عرفته من خلال مجموعته الشهيرة: «بالأمس سادت الصحراء»، ولم أره من قبل بهذه العيون الخضر وهذه السماحة: إيف بونفوا أستاذ كرسيّ الشعر بالكوليج دو فرانس.
أصغيت إليه وهو يدعو الى توسيع دراسة الآداب العربية بأوروبا، ويحثّ الطلاّب على نقل المعرّي والنفري والبسطامي الى اللغة الفرنسية. هنيهات على طاولة ينفح من جلاّسها عطر شانيل وضوعة التبغ من غليونك، كانت تذكي نكهة الحضور والاستماع إلى الجاز المنبعث خفية، فيما تتكوّم فوق الكراسي مطبوعات بكلّ لغات العالم.
هنيهات، يا سيدي، هي من أعياد العمر. يومها تهيبت أن أستسمحك في الاطلاع على قصائد مختلّة أحتفظ بها في جيبي. وربما شرائي أعمال أدونيس في مجلّدين أحمرين عن دار العودة، من مكتبة ابن سينا بسان جيرمان واحتضاني لهما، كانا سببا يقرّبني، وإن كنت لقيت جنابك في «قضايا الشعر العربي المعاصر» بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات تونس سنة 1981.
أشكرك على الكأس الغالية والبسكويت الصغير، مازلت أذكر أيّها الغصن الطيّب بين أغصان باريس.
لك حبّي واحترامي
تونس في 28-3-1988

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى