أ. د. عادل الأسطة - الأدب بين الصحيفة الورقية والفيس بوك :

كتبت أمس إنني سأكتب عن الفرق بين زمن الصحيفة الورقية وزمن الفيس بوك . كان ذلك تحت عنوان " هل أسهم كتاب القصة القصيرة في موتها ؟ " .
الشاعر سميح محسن في تعقيبه قال ما أردت قوله ، وذكر ما كان يقوم به الكاتب وليد أبو بكر Walid Abu Bakr في الصحافة الكويتية حيث نشر سميح هناك أولى كتاباته ، فعرف شاعرا في الكويت أكثر مما عرف في فلسطين .
ولأن لي تجربة في تحرير صفحة " الشعب الثقافي " في جريدة " الشعب " المقدسية ، حيث أوكل إلي الصديق القاص أكرم هنية مهمة الإشراف عليها ، فيمكن هنا أن أكتب عن تجربتي وقد تتشابه مع تجربة وليد أبو بكر التي كتب عنها سميح .
عندما كنت أحرر صفحة الثقافة وصفحة ثانية خاصة بالأقلام الشابة كنت أستلم كل ما يصل إلى الجريدة من مواد أدبية ؛ أقرأه وأنظر في الصالح منه وما يستحق النشر وأكتب ردودا لمن لا يستحق نصه النشر ، وأحيانا كنت أنشر بعض فقرات وأقدم نصائح لصاحب المادة المرسلة . هذا كان يخص الناشئة لا الكتاب المحترفين ، فهؤلاء لمقالاتهم ودراساتهم الاحترام كله ، وكان منهم الدكتور جمال سلسع Dr-Jamal Salsa الذي كتب نقدا مختلفا غير مألوف للقراء .
ركام من الكتابات كان يصل إلى الصحيفة وقليله كان يجد طريقه إلى النشر وكثيره لا ينشر . وأغلب الظن أن الكثير مما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي لا يختلف عن الكثير الذي ما كان ينشر في الصحافة الورقية .
ما يجب الإشارة إليه هنا هو أن هذا الكثير الذي ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي يجد تشجيعا من أصحاب كاتبه وأهله ، وأغلب هؤلاء ليسوا متخصصين في الأدب ولا يتقنون لغة الكتابة وأساليبها ، وهات بعد نشر ما ينشر وتشجيع غير المتخصصين ومجاملات الأصدقاء هات أقنع من كتب بأن ما كتبه ليس جديرا بالنشر والإطراء .
مرة تواصلت مع كاتبة أصدرت عملين أدبيين ولاحظت لغتها . إنها لا تتقن الكتابة ولا تعرف النحو ولا تجيد الصياغة ولكن عمليها الصادرين مصوغان بلغة تخلو من الأخطاء فاستغربت ، وعندما سألتها إن كان هناك من صحح لها لغتها وأسلوبها عرفت أنها دفعت للناشر مبلغا من المال ، وتكفل هو بالطباعة والتصحيح والنشر .
أعتقد أن بعض دور النشر ، إن لم يكن أكثرها لها أيضا إسهامها في موت الشعر والقصة القصيرة وعما قريب الرواية .
ربما قلت شيئا وغابت عني أشياء ، ورحم الله الشاعر الحسن بن هانيء ( أبو نواس ) الذي هاجم المعتزلي النظام قائلا :
" فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء " .
كثر الكتاب ودور النشر وقل القراء وأغلقت مكتبات كثيرة أبوابها .
مساء الخير
خربشات عادل الاسطة

٢٦ / ٩ / ٢٠٢٣

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى