محمد علام - اعترافات أخيرة قبل أن أكذب

مـشهـد
الشمس مصلوبة على جدران الأفق الرمادية
5:00 صباحا
.. تطل دائراتان من شاشة الظلام كلا.. بل كرتان صلبتان لهما عينان شريرتان.. بدون أسئلة اقتربا منى، و .. التفت الأغلال حول معصمى.
11:00 مساء
لم تصدق عيناى منظره ممددا على الأرض وقد سالت الدماء حوله، تجمدت أطرافى وارتكزت عيناى على منظر واحد، وكأن الدنيا شريط سينما تعطل فجأة، وتوقفت الصورة عن الحركة. بدأت زوبعة خفيفة تقتحم السكون، تلقى بأوراق كثيرة تحمل الأسماء المختلفة التى عرف بها.. على جسده.
11:30 مساء
تضطرب خطواتى فى الشوارع التى تصدعت.. وكأن زلزالا عميقا أصابها، الناس يسيرون تائهين مغيبين ولو ألقيت نظرة علوية، فستجد قطعا من الشطرنج تترنح ثملة، وكأن الأمر برمته لوحة تشكيلية غابت ملامحها وطمست تفاصيلها.
12:30 صباحا
لم أشك مرة فى وعيه وقدرته على.. كلا بل شككت فى ذلك، أذكر عندما طارت صينية الشاى ليهبط الفنجان أمامه، لا أزعم أننى رأيته يشرب شايا، ولكن لحظة ما أمسك الفنجان، لحظة ما اختفى، انقلب الفنجان على الطاولة فلم ألمح سوى بضع قطرات بنفسجية هى كل ما تبقى.
1:15 صباحا
كلا أنتم تكذبون.. لم أقل إننى رأيته، أنا ربما.. ربما أشعر بوجوده فقط.. أو أتعلم.. ربما أكون رأيته ذات مرة عندما تسلل إلى غرفتى لينثر بعضا من شعيراته البيضاء على جدرانها التى استوطنتها الجذور الجيلاتينية السوداء وتدلت منها خيوط سوداوية صغيرة، ثم أوصانى قبل أن أنام أن أردد بعضا من التراتيل التى علمنى إياها أبى فى صغرى.
2:00 صباحا
لا أذكر شيئا عما أقول.. لكننى أرى هاهى شعيراته البيضاء قد بدأت تندمل مع الجذور السوداء ولم يعد لها دور فى إيقاف نموها ولا تزال تسبب لى بعضا من ألم.
3:15 صباحا
وقفت فى الشرفة منتظرا كالعادة ولم يأت، هذا ما أكد لى حقيقة ما رأيته منذ ساعات، فقد اعتاد فى هذا الوقت أن يهبط الحارة، عندما يبرق من أمامى شبح أبيض متوهج، أعلم أنه جاء ليتفقد رعيته.. ولكنه لم يأت.
4:30 صباحا
اندفعت من غرفتى هاربا من أنَّات الجذور السوداء المزعجة هائما على وجهى، نزعة من الوحشة طوقت أرجاء الظلام، حتى يداى لا أراهما.. فجأة توهجت كرة من اللهب أمام وجهى للحظة خيل إلىّ أننى رأيتنى، وللحظة أخرى أظلم كل شىء و ..
6:00 صباحا
فى الغرفة الكبيرة التى ملئت بالمصورين والصحفيين، تمتد الأصابع البدينة لتسحب سيجارة من على سطح المكتب المغطى بعلب الزاناكس وأقراص الفاليوم والآتيفان، فى نظرة حازمة ولهجة صارمة:
ـ هل فعلا رأيته مقتولا؟!
حينها أحسست بـ( الإسبازمو دايزبام ) قد بدأت تنتشر فى عروقى، وفجأة.. أظلم وعيى تماما.. وسقط لسانى.


محمد علام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى