من رسائل دوستويفسكي وزوجته آنّا

- من رسائل دوستويفسكي وزوجته آنّا

1 ـ من ﭭيودر دوستويفسكي إلى آنيَا دوستويفسكي (13 تموز 1876)

(...) في كل مرة وبعد هجران طويل تراني أقع في حبك، وعند الرجوع أهيم في حبك. ولكن يا ملاكي، في هذه المرة كل شي مختلف : باعتقادي بانك شعرت بأنه في هذه المرة، عندما غادرت بطرسبورغ كنت متيماً بك.

(...) أثناء السنوات التسع على حياتنا الزوجية، كنت مغرماً بك أربعة أو خمسة مرات، وفي أحيان أخرى كل مرة ... والآن، وباستمتاع أتذكر كيف أنه منذ أربعة سنوات، قد احببتك. فعندما كنا في حالة خصام، ولم نتحدث مع بعضنا البعض لأيام عديدة، وكنا في ضيافة بعض الأصدقاء، فأنا قبعت في الزاوية، وأختلست النظر من هناك نحوك، وبقلب محروق يتفطر دماً، تمعنت بك، فيما كنت تتحدثين وبفرح مع الآخرين.

(...) هنا [في ألمانيا] خطرت في بالي فكرة، بأني قد احببتك في بطرسبورغ في الأيام الأخيرة، بدرجة كبيرة. لإننا كنا قد تضاجعنا، أو بالأحرى تقاسمنا الفراش سوياً. فنحن منذ زمن بعيد لم نتضاجع معاً، بل منذ سنوات (لدى ظهور الأولاد في حياتنا). ومن الممكن أن تكون هذه المفاجأة قد أثرت فَيَ.

آنيا، لا تقولي، بان هذه الفكرة هي مادية بحتة، فهنا ليست المادية وحدها. فالتفكير، بأن وجودي، لا يريد الإنعزال عني كلياً، وبأنه يلازمني في فراشي أيضا، هذا التفكير يؤثر بي بشكل مخيف.

فاحكمي على الأمر الان، عندما نكون نحن في حالة فراق، فبأية ذكريات حلوة اتذكرك .. أفكر بك واتصورك في كل دقيقة، فأستعيد كل ذكرياتنا، حول ما كنا قد تحادثنا وتجادلنا فيه سابقاً. ولكن أنت كنت مشغولة، مرة واحدة فقط وكانت، عند رجعتنا من دعوة غداء قبل يوم واحد من سفري، نعم وكانت هناك ...( سطر بكامله مشطوب).

أتذكر الآن يا ملاكي، بأني قد سمحت لك...(كلمة واحدة مشطوبة)، أما الآن أخاف. من الممكن ان تستهزئي بكلمة [سمحت]. آنَيا آلهتي، أعلم بان كل شئ في سلطتك الوحيدة (عدة كلمات مشطوبة) ... ولكني أنا أثمَن غالياً، واثق في عقلك الراجح وفي شخصيتك، وبأني أعلم شيئاً واحداً... (خمسة سطور مشطوبة).

(...) أنا أحبك حتي العذاب، آنيا، لا تسخري مني. يحلو لي أيضاً أن اعترف بحبي لك.

*******

2 ـ رسالة آنيَا إلى ﭭيودر دوستويفسكي

من روسيا القديمة إلى مدينة "أمس"

(...) عزيزي : هل تعلم من رأيت في اليوم الأخير؟ [قبل رحيل ﭭيودر دوستويفسكي من بطرسبورغ ]. رأيته !!.

فأحزر من؟ وعليك بالغيرة! التفاصيل في الرسالة التالية.

*******

3 ـ من ﭭيودر دوستويفسكي إلى آنَيا (15 تموز 1876)

من "أمس" إلى روسيا القديمة

يعني أنك التقيت به في آخر ساعة، نهار السبت صباحاً. نعم وإنك تضيفي : التفاصيل فيما بعد ... آنكا[1]، أنا ببساطة اخاف.

(...) أنا أعلم بأن الزوج، والذي لا يخفي في حالة كهذه تخوفاته، فانه يضع نفسه في موقف حرج في عيني زوجته، آنيا، لا اخفي : أنا أقلق، بالفعل أخاف، وأنك إذ تكتبين لي بأن أغار عليك، فإني لمتأكد بانك كتبت ذلك، وانت تبتسمين تلك الإبتسامة الحلوة المحببة لي، فأعتقد بأنك قد حققَت هدفك. نعم انا أغار عليك، آنيا!

(...) لقد قلت لك : "إمرحي، والعبي مع من تشائين، ولكن هذا لإنني سمحت بذلك. وأعلمي بأني أحبك حتي المستحيل. فشخصيتك الغنية، المهيوبة، الفخمة (قلباً وقالباً) (بالفكر والقلب)، وباتساع صدرك، وهذه الصفات غير موجودة عند النساء الأخريات، ولكل هذا إشتقت لقربك، وثقتي كبيرة بك وبعقلك وضميرك.

*******

4 ـ رد آنيَا إلى ﭭيودر دوستويفسكي (19 تموز 1876)

إهدأ يا عزيزي، ويا روحي، ولا تفكر في هذا الأمر. فاعلم بانه لم يحدث على الإطلاق، بأن تتلطخ حياتنا، ولن يحصل أي عمل يهدد سعادتنا، فمن ناحيتي وعلى كل الأحوال ( فعلى زوجي وفي بعض الأحيان أقلق واخاف كثيراً). يغار يعني ُيحب ـ هل هذا صحيح؟

(...) فالأولاد كلهم بخير، وبحالة نفسية مريحة، هذا كل ما أستطيع أن أقوله عنهم، وثق يا عزيزي، فإنه لن يأت ذلك اليوم الذي من الممكن ان تحمر فيه خجلاً بسبب حبيبتك آنيا ...

********

5 ـ دوستويفسكي إلى زوجته آنيَا

(...) تكتبين بانك تحبينني وتشتاقين لي، ولكن على ما يبدو بأنك كتبت [لي] قبل أن تلتقي به ... أنكا، معبودتي، مهيبتي الطاهرة الشريفة، لا تنسيني. ولما لا، وانت معبودتي وآلهتي! أعشق كل ذرة من جسدك، ومن روحك، وأقبل كل شئ فيك، كل شئ، لإن كل هذا لي، لي أنا! فإلى اللقاء ـ ومتي سيحدث هذا! فاكتبي لي عن كل شئ وبالتفصيل. وبأية فستان كنت!؟

أنحني أمامك على ركبتي وأقبَل كل قدم من قدميك الناعمتين بدون توقف! اتخيل هذا بالدقائق واستمتع بذلك. أنكا ، آلهتي، [لا تزعلي].

*********

6 ـ آنَـا إلى ﭭيودر دوستويفسكي 18 تموز 1876

(...) رسالتك قد هزَت مشاعري إلى حد كدت ان أبكي. فلا تتصور كم أشكرك، وكيف أني سعيدة برسالتك.

عزيزي، انا اعتَز بحبك لي اعتزازاً كبيراً، ولكن يتراءى لي احياناً كثيرة، بأني لست أهلا لهذا الحب. فانا إمرأة عادية، متوسطة بكل شي، مع بعض الغناج ومتطلبة بعض الشئ، وتملك خاصية وحيدة، وهي أني صريحة وصادقة في مشاعري. فانا احبكم جميعاً الأربعة [دوستويفسكي وأولادهما] بإخلاص. وفجأة، كالخيال يقع في حبي، إنسان طيب القلب، مخلص، وشريف بل إنسان مقدس!.

عزيزي، لو كنت الآن معك، لركعت عند قدميك لأجل رسالتك هذه، ويا للأسف، لإني لا أستطيع التعبير عما يجول في قلبي وخاطري .. أقُبل يديك وقدميك، وسأبقى سعيدة، أسعد إمرأة في العالم، ولكن، هيهات!.

ملاحظة : إني اتعجب منك، كيف أنك تستطيع ان تحب هكذا إمرأة عجوزة، وقبيحة، كزوجتك آنَـا.

********

7 ـ من ﭭيودر دوستويفسكي إلى آنَا دوستويفسكي (24 تموز 1876)

(...) انت بنفسك لا تلاحظين مدى إمكانياتك. فأنك لا تديرين فقط البيت، وليس فقط أعمالي، ولكن أعمالنا كلنا جميعاً، وتتحملين كل مشاكلنا ونزواتنا، ابتداءً مني حتي ألوشا، وتدبرين حالك ايضاً. آه كم أحلم بان أجعل منك ملكة، وإعطيك مملكة بكاملها، وأقسم لك، بأنك تستطيعين عمل ما لا يمكن ان يعمله أحد ـ وهذا بفضل ما تملكينه من عقل راجح رزين، وتفكير سليم، وقلب واسع وطاهر، ومعرفة تدبيرية.

********

8 ـ دوستويفسكي إلى زوجته آنَا

أنت تكتبين لي "كيف يمكنني بأن أحب إمرأة عجوزه وقبيحة مثلك "هنا، أنت تكذبين كليا. بالنسبة لي أنت الهناء بذاته، ولا يوجد لك مثيل. وأي إنسان، يتمتع بقلب وإحساس وذوق مرهف، من المفروض بان يقول لك ذلك، إذا نظر إليك، ولهذا السبب فأنا أغار عليك في بعض الأحيان .

انت نفسك لا تعرفين إلى أي مدى جمال عينيك، وابتسامتك الحلوة، وحديثك العذب الذي يغري ويفرح الروح، وذلك يعود إلى انك لا تختلطين بالناس. فلو حصل ذلك لعرفت مدى أهميتك وانتصارك ...

أنكا، ملكتي وسيدة روحي، أني مستعد بان أضحي بكل شئ حتى أن أختار بان تلدغني نار الغيرة، كنت تحبين السفر والتسلية. فأنا سأكون عندها من أسعد الناس، مجرد أنك فرحة ومسرورة. وإذا ضربتني الغيرة عندها سوف أنتقم منك بزيادة حبي لك.

********

9 ـ ﭭيودر دوستويفسكي إلى أنَـا

(...) كيف لك بان تتعجَبي، [اني احبك هكذا]، يعني كزوج وكرجل؟

من يغنجَني هكذا مثلك، من استَقر بي، وغزا روحي وجسدي. نعم، وكل أسرارنا في هذا فهي مشتركة. وبعد هذا، تظني بأني غير مجبر على ان أعشق كل ذرة منك، وان اقبل كل شئ فيك، وبدون شبع، نعم فهل هذا يحدث؟ ويبدو، انك بنفسك لا تستطيعين فهم وجودك، وإلى أي حد انت ملاك طاهر إو هذا ما سوف اظهره لك عند عودتي .

وما له، فليكن، إني إنسان مهووس عاطفيا، ولكن كيف لك بأن تفكري ( وإن كنت إنسان مهووس عاطفيا) من الممكن أن أعشق إمرأة إلى حد عدم الشبع، كما واني ألف مرة قد برهنت لك ذلك. بالحقيقة، فكل البراهين القديمة ـ لا تعني شيئاً، أما الآن، عند عودتي، فإني على ما يبدو سوف انهمك. (أعتقد بان هذه الرسالة لن يقرأها احد وانت لا تطلعي احد عليها).

*********

10 ـ آنَا دوستويفسكي إلى ﭭيودر دوستويفسكي (27 تموز 1876)

(...) أحبك هكذا، كما لو انه لم يوجد على وجه البسيطة أية زوجة احبت زوجها هكذا.

********

11 ـ من ﭭيودر دوستويفسكي إلى آنَـا دوستويفسكي (30 تموز 1876)

(...) جميلتي، نور عيني، وأملي،.. أطلب من الله بأن يطيل في أعمارنا لنعيش سوياً. وانا من جهتي، فكل ما طال العمر، سوف أحبك اكثر. وهذا واقع !

*******

12 ـ من أنـّا إلى ﭭيودر دوستويفسكي

(...) أقَبَـل يديك، وقدميك، وعلى وجه الخصوص شفتيك، هذه الشفاه الساحرة.

********

13 ـ من ﭭيودر إلى أنـَا

(...) آه، يعني انك تحلمين بي في منامك، وعندما تستيقظين تشتاقين لي، وتحزني لإني لست معك، فيا للهول ما أجمل ذلك. هذا يدل، على انك تحبينني. هذا بالنسبة لي، أحلى من العسل. لدى عودتي، سأنهمر عليك بالقبل، أما أنت فأراك ليس في الحلم فقط، بل في النهار. فأنا اعشقك ليس لهذا فقط، بل لأنك بالدرجة الأولى صديقة لي ـ فهذا بحد ذاته أمر رائع. فلا تخونينني في هذا، بل على العكس، ضاعفي الصداقة بصراحتك الخاصة (التي في بعض الأحيان تنعدم )، عندها سيصبح الوضع عندنا افضل بعشر مرات. فالسعادة ستحصل، آنـَا هل تسمعينني.. أحبيني وانتظريني.

=================
ترجمة وإعداد
عماد الطفيلي،

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى