- رسالتان من كاميلو خوسيه ثيلا والبروفيسور أنتونيو فيلانوفا

رسالتان من كاميلو خوسيه ثيلا و البروفيسور أنتونيو فيلانوفا

بالما دي مايوركا، 31 آيار من عام 1954

السيّد أنتونيو فيلانوفا

برشلونة

عزيزي أنتونيو،

(...) يسعدني جداً بأنك في حالة جيدة، وبأنك تسافر، وتلقي المحاضرات، وبأنك تتعب، أيضاً. وتحدياً، لكي أجهد نفسي، سافرت في هذه الأيام الى برشلونة. على أيّة حال... شكراً لتعاطفك. تعلم أن الأمر يتعلق بك. ما زلت أصنّف الإنسانية - بالنسبة إليّ، وهو ما يهمني، وليسامحني اللّه – إلى أصدقاء وأبناء الزانية. والبقية هم ثقلاء ومزعجين، وأغبياء. وفيما يخصني، فقد مرت أيام المراهقة المتحمسة تلك، التي كنت مولعاً، خلالها، بحب المتابعة، حيث أهديت للحكومة وللآخرين جميعاً، قوافٍ لبيكر، ملائكية، ومكتملة مثل سيدة متشوقة لأن يأتيها الطمث – وبركات الخالق – للظهور بحلة لائقة.

حياتي كأرض بور،
لا أحد يكترث لها،
وفي طريق قدري المحتوم،
هناك من يزرع الشر،
بتستر واضح.
أما الآن، فالأمر يختلف. أنا الآن قاسٍ، وليس لديّ من أحبه من الأصدقاء، وأيضاً، من يحبني. كفى.
عليّ أن أجري بعض التغييرات على (لا كاتيرا)، إثر العديد من الإستشارات والضغوطات، وفي الواقع، ليس على الإسلوب أو الحذف، بالتأكيد، بل على الغاية، أو المعنى. (...) ولدي المؤشرات على التغييرات التي ستطرأ. الكتاب يجب أن يخرج وهو خالٍ من التعقيدات. وعليه، لن يحتوي سوى على مفردات شاملة، ولكن بسيطة، بحيث لا يشمل مصادر الكلام وأصوله، بل المعاني. ولبساطة هذه المفردات، سوف أعالجها لاحقاً، في مناسبات اخرى. وعندما يخرج الكتاب الى الوجود، سوف انشر، (ربما في مجلة دفاتر إسبانوأميريكانوس، بسبب من طبيعة الموضوع)، مقالة طويلة أضع لها عنوان "مفردات لا كاتيرا الفنزويلية"، حيث سيكون بمستطاعي التوسع في الموضوع كيفما شئت. حينها سوف أكون في حاجة الى مساعدتك (...).
أنا متعب وأعتقد أنني خرجت برسالة غير متناسقة، لا بداية لها ولا نهاية. اليوم الذي سأكون فيه من دون رأس، وأكون من دون أرجل أقف بها على الأرض، لا بد سأدان.

خالص تحياتي،
كاميلو خوسيه ثيلا

***********************

بالما دي مايوركا، 6 شباط من عام 1960

حضرة الدكتور أنتونيو فيلانوفا

برشلونة

عزيزي أنتونيو،

ألف شكر على كلماتك الحنونة بمناسبة وفاة والدي. توفي فجأةً ومن دون أية معاناة تذكر، بدا سعيداً وهو يرانا مجتمعين، وبمعنويات عالية، متجاهلاً ما كان يعانيه جرّاء مرض السرطان، الذي لم يسبب له أدنى وجع. ترك لنا، نحن أبنائه، النموذج الرائع لأخلاقه العالية – هؤلاء الليبراليين الكبار السن هم أصحاب مبادئ جيدة جداً -. أنا وأشقائي نشعر بالفخر إزاء الذكريات التي نحملها معه. لقد مكثنا معه حتى مثواه الأخير، من دون أن نسمح لأحد من غير عشيرتنا أن يمس نعشه. غير أنّ وقع الصدمة كان قوياً، عزيزي انتونيو، قوياً وموجعاً بصورة لا يمكن وصفها. والأسوأ، عند تلقيك الصدمة، لا تستطيع أن تذرف دمعة. التهجم عليّ خلال تلك الأيام العسيرة. لقد وجهوا أولاد الزانية أسلحتهم الأكثر قساوة نحوي، لأنهم أدركوا أن تلك اللحظة كانت مواتية لتوجيه ضربتهم إليّ. هل تصدق بأنني تلقيت مكالمات مجهولة عن طريق الهاتف للسخرية من حزني؟ لكنني قاومت، عزيزي أنتونيو، وإجتزت تلك المرحلة، بالضغط على قلبي. وقد قاوم أبي أيضاً. أنا أعمل كثيراً، وهو خير ما يمكن أن أقدمه له. وأغفر الآن أيضاً من أحتقرهم وأتلاشاهم. إذ لم يعد لهم ما يمكن أن يكون كافياً لإستفزازي.
(...) وألف شكر أيضاً لمقالتك الكريمة " واجهة" عن "الوردة"، أنه كتاب صادق، كتب عن محبة وبلمسات مرحة (...) الكتاب ذاك هو و"أول رحلة أندلسية"، ولدا في وقت كنت في امس الحاجة إليهما.
آلاف التحيات الحارة للوليتا ولوالديك. وأن تكونوا في العام 1960 في صحة جيدة، وهذه هي أمنية صادقة من أوفى صديق لك.

سيدني – استراليا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى