ديوان الغائبين ديوان الغائبين : شـــاندور بتـوفي Sandor Petofi - المجــر - 1823 - 1849

ولد شاندور بتوفي Sandor Petofi ، أحد أعظم شعراء المجرية، في العام 1823، في مدينة صغيرة هي كِشكوروش Kiskoros ولقبه الحقيقي بتروفيتش. كانت عائلته كثيرة الترحال في صغره، فأخذ عنها كثرة ترحاله هو أيضاً، وكان يجوب المحافظات المجرية من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ليعود فيبدأ رحلته من جديد. احترف الجندية ثم أصبح ممثلاً في فرقة مسرحية صغيرة جوالة. نشر أول ديوان شعر بعنوان "قصائد" في 1846 وهو بعمر الثالثة والعشرين. عمل في الصحافة أيضاً، ونشرت أعماله الكاملة في العام 1847 للمرة الاولى. كانت قصيدته "نشيد وطني" واحدة من الشرارات التي فجرت الثورة التحررية المجرية في 15 آذار مارس 1848 ضد حكم عائلة هابسبورغ النمسوية، وقد كتبها ونشرها عشية الثورة. لم ينجح بالفوز في الانتخابات التي جرت بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة، لكنه استمر في القتال ضمن وحدات الحرس الوطني، وقتل في السادسة والعشرين من عمره في تموز يوليو من العام 1849 وهو يحارب كضابط مساعد للجنرال البولندي "يوزف بم" الذي أسهم في نضال المجريين التحرري. باع مكتبته بعد قيام الثورة ليتبرع بثمنها الى الجيش المجري، وهذه تضحية كبيرة من شاعر كان مستعداً للتضحية بحياته من أجل حبه، والتضحية بحبه من أجل الحرية.

برز في شعره الغزلي وفي أشعاره الثورية على حد سواء، وأحيانا مزج الغرضين في وحدة شعرية. له العديد من المسرحيات الشعرية الطويلة، مثل "الفارس يانوش" 1844 و"إشتوك المجنون" 1847. لنثره وترجماته الأدبية ورسائله أهمية أدبية كبيرة. ترجم عمل شكسبير "كوريولان" الى المجرية، وكان يجيد الانكليزية والألمانية والفرنسية واللاتينية.

كان بتوفي أحد أغزر الشعراء المجريين انتاجاً، يجيد التلاعب بالكلمات ببراعة تماثل براعة تلاعبه بالسيف في ميدان المعركة. وعلى رغم حياته القصيرة المتألقة، خلف وراءه مجلداً ضخماً يضم شعره المتـنوع الذي تميز بجماله ودقة ألفاظه. ويصنف شعره ضمن المدرسة الواقعية الغنائية والشعبية. نقدم ترجمة لبعض أشعاره القصيرة، وترجمة للنشيد الوطني،

يتجمد القلب إن لم يحب

يتجمد القلب، إن لم يحبْ
وإن أحبَّ، يحترقْ.
هذا وذاك بلية. وأي البليتين
أفضل؟... الله وحده يعلم!
أنا مغرم.
أنا مغرمٌ
أو هل سقطتُ في نارٍ؟
لا أدري، لكنّي أعرفُ
أن روحي وجسدي يحترقان
وجهيَ الشاحب
هل ترونه يحمر؟
أفجرٌ أم غروب
ذاك الذي يهجمُ هناك؟
فجرٌ هو وغروب:
فجرُ أفراحي
فجرُ أفراحي
وغروب أحزاني
أعترف: ليس الأول
هذا الحب.
لكن أتراه الأخير،
أقسم على ذلك.
حبي نسر طائر
إما أن يحلق بي في السماء،
أو يُقَطّعُ
بمخالبِهِ قلبي.
عندما يسقط القيد
عندما يسقطُ القيد
من أرجلِ السجين،
يسيرُ بعدها
كما لو كانت الأصفاد باقية،
فقد أعتادَ
الثـِقلَ الحزين
أنتَ أيضاً تعودتَ يا قلبي
على الألم.
والآن وقد نَفَضَ قَدَري الحَسِنُ
عنْكَ ذاك الألم،
لا تستطيع الفرح
إفرح إفرح، يا قلبي!
فمنْ يفرح إن لم تفرحَ أنت؟
من يمتلكَ مثلك
مثل هذه السعادة؟
من يمتلك على الأرض
مثل هذه الجنة؟
الحرية... الحب
الحرية، الحُب!
كلاهما ما أريد.
من أجلِ حُبِّي أُضحي
بالحياة،
من أجل الحريةِ أُضحي
بحُبّي.
للغابة طيرها
للغابةِ طيرُها،
وللجنينة زهرتُها،
وللسماء نجمتُها،
وللشاب حبيبتُه.
تـتـفتحين، يا زهرة، تغردُ، يا طير،
وتسطعين يا نجمة مذنّبة،
والبنت تـتـفتح، تغرد، تسطع...
الغابة والجنينة والشاب سعداء.
آه تذبل الزهرة الممشوقة،
النجمة تسقط، الطير يطير مبتعدا،
لكن البنت تبقى،
والشاب يمتلئ سعادة.
نشيدٌ وطني
إِنهض، أيها المجري، الوطنُ يدعوك!
حانت الساعة، الآن وإلا فلا!
عبيداً نصبح أم أحرارا؟
هو السؤال، فاختاروا!
برب المجريين
نقسمُ،
نقسمُ، عبيداً لن نكون
بعد الآن.
عبيداً كنا إلى الآن،
أجدادنا الأوائل يتعذبون
عاشوا وماتوا أحرارا،
لن يرقدوا في أرض العبودية.
برب المجريين
نقسم،
نقسم، عبيداً لن نكون
بعد الآن.
السافلُ عديم الوطن،
مَنْ لا يجرأ الموت الآن، لو تطلّب ذلك،
مَنْ عنده حياته المهترئة،
أغلى من شرف الوطن،
برب المجريين
نقسم،
نقسم، عبيداً لن نكون
بعد الآن.
السيفُ أكثر لمعاناً من القيد،
أحلى باليد من القيد.
ونحن مع ذلك نتلبس القيود!
تعالَ أيْ سيفُنا القديم!
برب المجريين
نقسم،
نقسم، عبيداً لن نكون
بعد الآن.
سيعود الاسمُ المجريُ جميلاً من جديد،
لائقاً بخَبَرِه العظيم الفائت
الذي لصقته به القرون،
سنغسلُ العار.
برب المجريين
نقسم،
نقسم، عبيداً لن نكون
بعد الآن.
وحيث ستتحدب قبورُنا،
سيجثو الأحفاد،
وبصلاة وتباريك،
يقرأون أسماءنا المقدسة.
برب المجريين
نقسم،
نقسم، عبيداً لن نكون
بعد الآن.

***

* عِنْدَما يَسْقُطُ القَيْد

عِنْدَما يَسْقُطُ القَيْدُ
مِنْ أرْجُلِ السَّجِين
يَسِيرُ بَعْدَها دَهْراً
كأنَّها باقِيَةٌ الأصْفاد
فقدِ اعْتادَ
الثِّقلَ الحَزِين
أنتَ أيضاً تَعوَّدْتَ
- يا قلبي - على الألم
والآنَ..
وقد نفضَ عنكَ
قَدَري الحَسنُ ذاكَ الألم
لا تَستطيعُ الفَرَحَ
بِصِدْق

***

اِفْرَحْ افْرَحْ، يا قلبي
فَمَنْ يَفْرَحُ إنْ لم تَفْرَحْ أنت؟
مَنْ يَمْتَلِكُ مِثْلَك
مِثْلَ هذهِ السعادة؟
مَنْ يَمْتَلِكُ على الأرض
مِثْلَ هذهِ الْجَنَّة؟


شـــاندور بتـوفي Sandor Petofi.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى