ديوان الغائبين ديوان الغائبين : سعيدة المنبهي - المغرب - 1952 - 1977

* ولدت الشهيدة سعيدة المنبهي سنة 1952 بمراكش.

* تابعت دراستها الجامعية بكلية الاداب شعبة الانجليزية بالرباط العاصمة.
* درست باحدى الاعداديات بالرباط وناضلت في صفوف الا تحاد المغربي للشغل.
* انخرطت في صفوف منظمة الى الامام التي كانت تعمل في السرية.
* اعتقلت بتاريخ 16 يناير 1976 اثر حملة اعتقالات واسعة شملت ثلاتة مناضلات(..pierra di maaggio.. فاطمة عكاشة.. وربيعة لفتوح.).
* حوكمت في يناير 1977الى جانب 138 معتقلا بتهمة المس بامن الدولة. حيث نددت خلا لها بالقمع الممارس في حق المراةالمغربية -صفقت لها القاعة- كما اكدت على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
* حوكمت بخمس سنوات سجنا اضافة الى سنتين بتهمة القدف في هيئة القضاء
* تم عزلها بالسجن بمعية كل من رفيقاتها من جهة والمناضل ابراهام السرفاتي من جهة اخرى.
* خاضت اضرابا عن الطعام واستشهدت في اليوم الاربعين منه بتاريخ 11 دجنبر 1977 في سن 25 سنة .




من اشعار
الشهيدة سعيدة المنبهي
ترجمها عن الفرنسية
الشاعر عبد اللطيف اللعبي.


-1-

ريح بلادي
تعوي ..تصر.. تهب
على الارض المبللة (تكنسها)
ترسم اشكالا
تنقش صور الماضي
ماضي انا..ماضيك انت
ماضي كل واحد منا
صوتها يذكرني بسمفونية
تلك التي كنت تهمسها في اذني كل ليلة
قبل ذلك..منذ وقت بعيد
اليوم..هذا المساء.. هذه الليلة
بصمات الحياة وحدها تراود ذهني
والمطرالدؤوب
الريح العنيدة
يعودان ككل سنة
ويرجعان اليك مهما بعدت
فيذكراني بان لي جسما
بان لي صوتا
ارفعها قربانا اليك.

20 اكتوبر 1976


***

قصائد من السجن
سعيدة المنبهي

بعد الحكم الجائر
انتظردق الساعة
ساعة اللقاء والانتصار
منذ ما يقرب من سنتين
لا شيء غير الصمت
الكثيف المجلجل...
هكذا اشعل نجوم حياتي
الواحدة تلو الاخرى
ليظهر وجهك
في ضوء النجمة الحمراء
وأسهر ليتحطم الليل
لتتبعتر كل الاصوات
ولتنفجر الكلمة شرارة
وشمة الازمنة
مرخة
رفضا للاستغلال والاستيلاب
كلمة تثقب السور
والكثافة
كلمة حمراء ضد الديماغوجية
الهدر المصحر
كلمة كرسم هيروغليفي لقلبي
مخططة بريش الدم
كلمة شاعر
كلمة كالشفرة التي تسلخ
قامة مصاص الدماء..

في الزنزانة السوداء
في هذه الليلة الحالكة
في ليلهم الذي يطرده النهار
اتحول الى لحظة
واصبح انتصارا
ابحث في العتمة
عن معلم** في الزمن
زمن العامل..الفلاح
كل الثوار
في يوم النور ذاك
سأرى صورتي في عينيك
وانا عارية كفكرة
مكسوة كلبلاب
في يوم النور ذاك
سنكون قد رمينا من ايدينا
الاغلال البيضاء
في وجه الكلاب النابحة

13 غشت 1977

* معلم : بسكون العين وفتح اللام


***

أشعار السجن
سعيدة المنبهي

يوم الاربعاء
ام وطفلتها
في ذعر الاهمال
والسجانة

ضوء باهر
في ظلمة وحدتي
هذه الطفلة
هذه الام
تفصلهما القضبان
كل واحدة من جهة
لقاء نظرتين دون كلمات
الصغيرة تضرب الارض برجليها
وأنت منذ وقت طويل
منشغلة بشؤونك
الاطفال في مثل هذا السن
يظنون ان العالم ملك لهم
انها تريد ان تكون كبطيخة
بين ذراعيك
انها تجهل القضبان
عناق
لكن دموع الغضب
تسيل على وجهها الممتقع
انها تشعر ببرودة القضبان الحادة
لماذا هذه القضبان
كانها اول شيء يجب ان يرى
في الحياة
عناق
الطفلة..الام
والقضبان
عندما تتبادل طفلة وامها
قبلة
حتى لو كان ذلك من خلال القضبان الغادرة
يتجسد الحب
يغرد خفية
وفي الافق يرتسم عالم الغد
الجبال..التلال
تركع لهما
بينما يعلو في الدروب البعيدة
في ممرات الادغال
نشيد عبد الكريم والأممية
يا طفلتي
اذا ما بلغتني الشيخوخة
او الموت
اذا ما قطعوا راسي...
لكي لا يرى السجن غدا
اطفال مثلك
فالعراقيل ستنتفي امامكم
ستفتح الابواب
ستجد الشمس طريقها
الى السجن

14 شتنبر1977

***

سعيدة المنبهي
أشعار السجن


حلم في وضح النهار

هل تعلمين يا صغيرتي
لقد كتبت لك قصيدة
لكن لا تعاتبينني
ان انا كتبتها بهذه اللغة
التي لا تفهمينها
لا باس يا صغيرتي
عندما تكبرين
ستفهمين ذلك الحلم
الذي رايته في وضح النهار
وستحكين بدورك
قصة تلك المراة العربية السجينة
في وطنها
عربية حتى شعرها الابيض
وعيناها المخضرتين
يبدا الحلم يا صغيرتي
عندما -ارى حمامة
والطيور التي تبني أعشاشها
فوق سطوح السجون
انني احلم ببعث رسالة الى ثوار فلسطين
لا عبر لهم عن مساندتي
وحتمية النصر
احلم بان لي اجنحة
وكالحمام
كالخطاطيف
أعبر الاجواء
في طريقي الى اريتيريا
الى ظفار
اليدان محملتان بالسلاح
والاس بالاشعار
اريد ان اكون مسافرة
على ظهر السحاب
ببدلتي الحربية
فاقاوم "بينوتشي"
في ادغال الشيلي
التي تغنى بها نيرودا
اه يا حلمي
ارى افريقيا حمراء
ولم يبقى فيها اطفال جياع
احلم بان القمر سيسقط من اعلاه
(لينزع من العدو)
احلم بالقمر سينزلني في فلسطين
انني اناضل من اجل نصرة
كل الشعوب المكافحة

26 شتنبر1977



سعيدة المنبهي



تعليقات

- سعيدة تكتب الشعر بالاظافر والدم
تقديم الشاعر عبد اللطيف اللعبي.

بدات سعيدة تكتب الشعر باظافرهاعلى حائط الزنزانة. كان ذلك في سنة 1976 بالسجن المدني بالبيضاء. كانت تكتب ولا تنقح لانها لم تكن تفكر في اضواء الشهرة ولا في المخبرين وجواسيس اللغة. كانت تؤرخ المحنة العادية وتفتح قلبها على مصراعيه للطيور المطاردة.. للاطفال الموشومين بالفاجعة.. للنساء الثاكلات اللواتي جردهن الاستغلال والقهر من اثداء العطاء.. لرفيق العمر المفصول عنها بكلمترات الا سةار والعسس.. للانجم المسافرة من قلعة منفى على طول وعرضالوطن الكبير.
كانت سعيدة تكتب باظافرها في غبش الزنزانة ولا تابه بامراض الابداع. القصيدة رئتها الثالثة التي تستنشق بها رائحة غابات الحرية.. عرق السواعد التي تنشر الخيرات والتي تبترها احيانا انياب آلات الراسمال. كانت القصيدة اليومية عينها الثالثة التي ترقب بها تراث المستقبل.
وتمر الاشهر كسرب من القوافل الضماى التي شدت رحالها الى ينابيع الفرح وسعيدة تكتب باظافرها على حائط الزنزانة.. تكتشف رويدا رويدا من خلال المعاناة وممارسة الحقد والحنان.. من خلال الرؤيا المشحونة بحدة الواقع وعناده.. تكتشف العلاقات الخفية التي تربط اعضاء القصيدة برحم الثورة.. بصراع الطبقات. هكذا بدات القصيدة تتحول من لحظة تاريخ غنائية الى عملية كشف وتطوير تتوحد خلالها سعيدة والقصيدة والمشروع الذي ادى بها الى غياهب المعتقل السري.. ثم السجن العلني.
تم اللقاء.. تداخلت المكونات وتشابكت في نسيج غريب واليف في نفس الوقت.. يبهر بالنضارة. اصبحت سعيدة شاعرة لانها اكتشفتسر انسانيتها وكفاحها كامراة ومناضلة.. لانها اكتشفت بهاءتجربتنا الانسانية.
في هذه اللحظة بالذات .. جاءالموتفقابلته سعيدة ببسمة الواثقة من نفسها. وعلى فراشها الاخير.. خرجت للحظة من غيبوبتها العميقة لتكتب بالدم كلمتين بسيطتين.. كلمتين رقيقتين حادتين في آن معا.. لهما طعم الرصاصة والقبلة.
كتبت سعيدة.. "ساموت مناضلة".. ثم دخلت من جديد في غيبوبتها اليقضة النهائية لتلتحق بقافلة الشهداء/الشعراء/الشهداء.
 
أعلى