ديوان الغائبين ديوان الغائبين : رفعت الصليبي - الاردن - 1916 - 1952

ولد رفعت بن سعيد (باشا) بن مصطفى الصليبي في مدينة السلط سنة 1916. كان والده أول نائب عن لواء البلقاء في أول مجلس تشريعي في البرلمان السوري في العهد الفيصلي ، وتولّى رئاسة البلدية، وكان أحد أعضاء مجلسها، والتحق بالثورة العربية الكبرى منذ أن قامت.

نال تعليمه الأول في الكتاتيب على يد الشيخ عبد الحليم زيد الكيلاني، إذ حفظ بعض أجزاء من القرآن، وتعلّم شيئاً من الحساب، ثم انتقل إلى مدرسة تجهيز السلط ( ثانوية السلط)، ثم إلى جامعة دمشق وتخرّج فيها، ونال إجازة الحقوق في 25 حزيران 1938.

بدأ حياته العملية محامياً، وكان يضمّه والشاعر الأردني مصطفى وهبي التل (عرار) مكتب واحد. انتقل إلى سلك الإدارة الحكومية وكان أول تعيين حظي به (مساعد النائب العام) ثم أصبح في ما بعد قاضي صلح عمان، ثم انتقل إلى محكمة بداية إربد، ليصبح بعد ذلك قاضي أراضٍ بدرجة ممتاز. وفي تلك الأثناء شارك في تعديل كثير من موّاد قانون دائرة الأراضي في عمان.

كان مولعاً برياضة الصيد، وفي أثناء وجوده في غور الصافي بمحافظة الكرك، نزل في رحلة صيد، وكان معه كاتبه الذي انطلقت منه رصاصة طائشة فقتلت الشاعر الصليبي على الفور، فحُمل إلى مدينة السلط، حيث ووري جثمانه، وكان في السادسة والثلاثين من عمره.

نظم رفعت الشعر وهو صغير السن، وما تزال عائلته تحتفظ له ببعض الأوراق التي تمثل هذه الفترة، كما يحتفظون له ببعض الرسائل. واستمر في نظم الشعر وهو في دمشق عندما كان يدرس الحقوق، وكان في تلك الأثناء ممثلاً لطلبة شرقي الأردن، وناطقاً باسمهم في الجامعة السورية، واتصل بعدد كبير من الشخصيات العربية التي كانت تقارع الاستعمارين الفرنسي والإنجليزي. وعندما عاد سلطان باشا الأطرش إلى سورية قادماً من الأردن ألقى رفعت بين يديه كلمة. له أحاديث إذاعية، وقصائد بثّتها دار الإذاعة الفلسطينية، كما قدّم محاضرة في فندق الملك داود بمدينة القدس.

كان رفعت من مؤسّسي \"الندوة الأدبية بعمّان\" ثم أسّس النادي العربي بإربد. وكان يستدعي لهما كبار الأدباء من فلسطين ولبنان وسورية محاضرين وزائرين. عمل قرابة عامين سكرتيراً لتحرير مجلة \"الرائد العربي\" التي كان يصدرها أمين أبو الشعر.

لم يُجمع ديوان الشاعر رفعت الصليبي في حياته، وقام د. سحبان خليفات بجمع شعره، وتبنّت دائرة الثقافة والفنون نشره، وأصدرته بعمّان سنة 1978 بعنوان:\" رفعت الصليبي: قصائد ومقالات 1916-1952\". وتضمن المنشور 60 قصيدة، وبعض المقالات النقدية، ومرثيتين رثاه بهما الشاعر رشيد الكيلاني والشاعر حسني فريز، ومقدّمة للدكتور سحبان خليفات، ودراسة نقدية للشاعرخالد الساكت.



من مراجع ترجمته:



الصليبي (رفعت): قصائد ومقالات، دائرة الثقافة والفنون، عمّان، 1978.

قطامي (سمير): الحركة الأدبية في شرقي الأردن، 1921-1984، وزارة الثقافة والشباب، عمان، 1981.

الناعوري (عيسى): الحركة الشعرية في الضفة الشرقية من المملكة الأردنية الهاشمية، وزارة الثقافة والشباب، عمان، 1980.


* منقول للفائدة

***


[SIZE=6]يا جارتا رحماك في دنف

يا جارتا رحماك في دنفٍ = ناء بلا خدن ولا خلّ
يطوي الليالي وهو متكئب = دامي الفؤاد مشتت الشمل
إني غريب الدار في وطني = رغم الصحاب وكثرة الأهل
كم بت وحدي ليس يؤنسني = غير النجوم إذا دجا ليلي
لما عرفتك والهوى قدر = أضحى خيالك في الدجا شغلي
فقوامك الريان تيمني = يا فتنة الأبصار والعقل
وسهام لحظك أوهنت جلدي = فلحاظها أمضى من النصل
باللَه لا تقسي على كبدي = فأنا صريع الأعين النجل
فإذا قسوت علي يا أملي = وأطعت فينا ألسن العذل
أيقنتُ أنك قد هدرت دمي بل سرعت عامدة إلى قتلي


***

يا دارها لا زلت آهلة


يا دارها لا زلت آهلة = وسقى ربوعك وابل القطر
طوّفت حولك في الظلام كما = طاف الفراش بمونق الزهر
وينام أهلك ملء أعينهم = وأهيم حتى مطلع الفجر
ما قرّ لي جنب ولا هدأت = مني الجراح وخانني صبري
لي في الهوى كبد مقطعة = تكوى بنار الصد والهجر
يا مي حبك في دمي يجري = ولأنت كل مناي من دهري
لا تعتبي أني أذيع هوى = قد ضاق عن كتمانه صدري
يا مي إني مولع دنف = أودى المقام به وما يدري
فإذا علمت بما يجرّعني = دهري الشقي بكأسه المر
وإذا نظرت فلم تري شبحي = أو قبل غيّب في ثرى القبر
هل تذكرين فتاك جازعة =إني لأرضى منك بالذكر
إني سأبقى خالداً أبداً = ما دمت في شفتيك والفكر
[/SIZE]
***
.

[SIZE=6]بلبل في الرياض يلهمه الوحي[/SIZE]

بلبلٌ في الرياض يُلهِمُه الوحيُ = فيشجي القلوب عذبُ بيانِه
باسم للحياة يستقبل الفجر = بحلو الغناء من الحانه
ناشيءٌ في النعيم لم يدر ما البؤسُ = ولا طاف هوله بجنانه
هام بالسحر بالجمال وروى النفس = من شهده وخمر دنانه
وتغنى بالحب في لحنه العلويّ شعرا = اشجى الورى بحنانه
ذهل الدهر حقبةً عنه والدهرُ = لئيمُ الطباع في طغيانه
لم يدع صافياً من العيش إلا = كدّرَ الصفو فيه بعد ليانه
نهش الداءُ صدره وهو جلدٌ = ليس يشكو الضنى ولؤم زمانه
وسرى السقم بين جنبيه كالأفعى = يمُجّ السموم في جثمانه
فذوى في الصبا وأوهنه الحزن = ولجّ الفؤاد في خفقانِه
فبكى شجوَهُ فأبكى وكانت = ترقُصُ الثاكلات من أوزانه
ينضح القلب بالذي فيه من شتى = أحاسيسه ومن أشجانه
ثم أغفى وودّعَ النايَ والشعر = وولّى الشبابُ في عنفوانه
ترك الحزن للأخلاء والأهل = وللأصفياء من إخوانه
لا عزاء لهم سوى الأدمع الحرى = ولحن قد صيغ من أحزانه
فجعَ الشعر والشباب وهز الخطب = عرشَ القريض من أركانه
أين من كانت المنابرُ تهتزّ اختيالا = على صدى تبيانه
ونظيمٍ أرقّ من ارج الزهرِ = نضير كالورد في بستانه
في حواشي السطور نجوى المحبين = وسحر الهوى وعزّةُ شأنه
ويرى كل عاشق في قوافيه = دقيق الأسرار من وجدانه
وهو نار السعير إن عظم الخطبُ = عدو اللئام في أوطانه
نم أبا جعفر قريراً لما شدتَ = لفنّ البيان في بنيانه
وتقلبتَ في النعيم وفي البؤس = وذقتَ الشقاءَ في ألوانه
هل ترى حطيم الصبا سورةَ الداء = أم الحب في لظى نيرانه
وأراح الفؤادَ من عنت الدهر = وآلامه ومن عدوانه
منجلُ الدهر يحصدُ القوم حصدا = من صعاليكه ومن أعيانه
زورقٌ كم أقلّ من عالم الأحياء = للموت وهو في دورانه
قُل أخا الشعر ما الفناء وما البعث = وما الخلد في بديع جنانه
ما مصيرُ الإنسان إن سكنَ القبر = وهيل الثرى على أكفانه
ذاك سر لم يدرك العقل حلا = لأحاجيه في مدى أزمانه
وأساطير قد تعزى بها الإنسانُ = من سطوة القنا بكيانه
قد أسينا لمصرع الشاعر النابغ = غضّ الصبا وفي ريعانه
وأتينا وفي محاجرنا الدمعُ = نُعَزّي القريض في حسّانه
أيّنا يملك العزاء ويسلو =عن مصاب البيان في طوقانه



رفعت-الصليبي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى