ديوان الغائبين ديوان الغائبين : حمزة قفطان - العراق - 1889 - 1923

ازداد حمزة بن مهدي قفطان في مدينة الحي (محافظة واسط - جنوبي العراق) وفيها توفي، بعد عمر قصير.
رجل دين شاعر، درس مقدمات العلوم على أخيه، ثم انتقل إلى مدينة النجف ليواصل دراسته الدينية، فانتسب إلى مدرسة عبدالحسين الحياوي.
غادر النجف نحو عام 1912، وتجوّل في مناطق من جنوبيّ العراق، وقد ظهرت موهبة النظم عنده، فأخذ يساجل الشعراء ويطارح الكبراء ويسامر الأعيان بشعره.

الإنتاج الشعري:
- له عدة قصائد في كتاب «شعراء الغري»، وكان له ديوان مخطوط أودعه ابن أخيه لدى علي الخاقاني، فضاع منه في ظروف شرحها في كتابه: شعراء الغري.
تتعدد موضوعات قصائده بين المدح الديني والاعتزاز القومي (التاريخي) والقضايا الاجتماعية، وبخاصة ما يدفع إليه التطور من تغير في السلوك العام. إن الإطار الذي يجمع بين هذه الموضوعات الثلاثة هو الالتزام الأخلاقي، أما الجانب الشعري فإنه أضعف جوانب الطرح.

مصادر الدراسة:
1 - علي الخاقاني: شعراء الغري (جـ3) - المطبعة الحيدرية - النجف 1954.
2 - الدوريات: مجلة «اليقين» البغدادية - السنة الأولى 1341هـ/1922م.

هواكَ أثار العيسَ

هواك أثار العيس تقتادها نجد = ويحدو بها من ثائر الشوق ما يحدو
تجافى عن الورد الذميم صدورها = لها السير مرعىً واللغام لها ورد
تمرّ على البطحاء وهي نطاقها = وتعلو على جيد الربى وهي العقد
عليها من الركب اليمانيّ فتية = ينكّر منها الليل ما عرف الودّ
أعدّوا إلى داعي المسير ركابهم = وأعجلهم داعي الغرام فما اعتدوا
تقرّب منهم كل بعد شملّة = عليها فتىً لم يثن من عزمه البعد
وما المرء بالانساب إلا ابن عزمه = إذا جدّ أنسى ذكر آبائه الجد
يردّ الخصوم اللد حتى زمانه = على أن هذا الدهر ليس له ردّ
ويغدو فاما ان يروح مع العلى = عزيز حياة أو إلى موته يغدو
ويغضى ولا يرضى القذى بل عن الكرى = جفوناً عن التهويم أشغلها السهد

***

راية العز

راية العز شأنها الارتفاع = تتسامى منصورة إذ تُطاع
راية يقرأ المفكر فيها = ما روى مجدنا القديم المضاع
حيّ أعلامنا وحيّ قناها = يوم كانت تندك منها القلاع
يوم كانت بنو معدّ بن = عدنان مهيباً جهادها والدفاع
يوم كان العقاب يخفق في = الجوّ ومنه نسر الأعادي يراع
يوم أردى كسرى وقيصر منه = زجلٌ لا تطيقه الاسماع
ما اكتسى لون خضرة النصر إلا = بعدما احمرّ بالدماء اليفاع
ذاك عصرٌ بنوره ملأ الأرض = التي ضاء في دجاها الشعاع
ذاك عصر النبي والامناء الغرّ = إذ أمرهم مهيب مطاع
ثم عمّ السلام والعدل ظلٌ = لم يكدّر به الصفاء نزاع
ثم وافى عصر العلوم بفضل = أشرقت من سناه تلك البقاع
فاستطاعوا بسيرهم للمعالي = في المساعي ونعم ذاك الزماع
واستطاعوا بوحدة العزم والآراء = من حفظ مجدهم ما استطاعوا
أبّهذا المذكري مجد قومي = حين فاض الونى وجفّ اليراع
تلك أعلامهم بألوانها الأربع = مرفوعة وهذي الرباع
أين لا أين هم ، وأين علاهم = أسلامٌ ذكراهم أم وداع
فبرغمى أن الديار طلول = حين راحوا ومنتدى الحيّ قاع
طمعت فيهم الأعادي لوهنٍ = فأذاعوا ما بينهم ما أذاعوا
رقدوا والمخاتلون قيام = وتوانوا والحادثات سراع
رُب ظلم بالحزم أشبه حقاً = وحقوقاً أضاعها الانخداع

* * *

أيها الغرب هل تصورت يوماً = كيف تعلو على الهضاب التلاع
سترى الضغط كيف يضرم ناراً = يصطلى حرّها الكمّي الشجاع
لم تزل تظهر التلطف حتى = شفّ عن سوء ما نويت القناع
قف معي ننظر الحياة بعين = لا تغشى جفونها الأطماع
لنرى ما الذي ملكت به الشرق = فأضحى يشرى لكم ويباع
أنت والشرق في الوجود سواء = لم يميزك دونه الابداع
لكما في الحياة حرية العيش= سواء لكم بها الانتفاع
فلماذا تمتاز بالحكم فيه = وعليه لأمرك الاستماع
الفضل أضحت تدار لديه = بيديك الشؤون والأوضاع
كل ما تدعيه أنك أقوى = وبذا تدعي الوحوش السباع
ما لهذي النفوس تضرى مع القسوة = في ظلمها وتجفوا الطباع
فيخال القويّ أن له الحق = ومن واجباته الاخضاع

***

يا صادح الشرق المعيد كما بدا

يا صادح الشرق المعيد كما بدا = روح النجاح بميت الآمال
أصدح على غصن الحقيقة معلناً = ليسف حول حولك طير كلل خيال
واخطب فمحفلك البلاد وأهلها = مصغ لأخطب قائل فعال
وأسل على العرض المفارق صورة = من جوهري المبدأ السيال
وأز لنا سرج السعادة إنما =نهر الحياة مع الشقاء ليالي
واسمع أبث إليك آلام النوى =دعوى تصدقها شهود الحال
أنعم بعيشك هل تفكر في الدجى = مإذا أظلت من هدىً وضلال
نشرت جناحيها تحلق في الفضا = لتروغ عن أحبولة المحتال
ضمت قوادمها النجوم خوافقاً =مما تشاهده من الأحوال
ولو أنها انكشفت فأضحى غالق = لرأيت كيف تصارع الآجال
طبع بتضحية النفوس ولم يكن = الا غداة السلم قرن نزال
وإذا المنى أنفس معشر =يوماً بضنك العيش رحب مجال
أمسى بها بيني القصور له على = أنقاض ما يبلى من الأطلال
وليت تهزأ من خلي ساهر = أو رحت تأسف من شجٍ متخالي
حذر الخلي لنفسه مما به = يئس الشجي فنام خلو البال
ولربما أغمضت عينك طامعاً = في منظر ظنته طيف خيال
حتى إذا صدقتك قلت تبصري= مرآك تعتقدي به وتخالي
لا تيأسن من الرجاء فان يفت = أمل الغدو فصله بالآصال
استلفت الأبصار إلا بارق =الآمال بعد تشوق ومطال
يا معهد العلم الذي بعهاده = يسقي الظماء بعذبه السلسال
ألقيت عن وطني تحية شيق= أبداً إليك على البعاد موال
واجبته البشرى بنهضتك التي = ستعيد شمس الشرق بعد زوال
ولئن بعدت وكان فضلك شاملا =فلقد يجل الشمس بعد منال
فأعد لنا المجد القديم ممثلا = أدواره بالقول والأفعال
إن المعارف والفنون هي التي= تقضي بفك مجامع الأغلال
نهضت بها الأمم الوضيعة للعلى = حتى ارتقت أوج الرقي العالي
زحموا بها طير السماء كأنما =فطموا به حرية التجوال
وعدوا على الحيتان حتى ضيقوا = في الماء مسرحها على استقلال
وقضوا على ظهر البسيطة حكمهم = فجرى على الوهدات والأجبال
وعلى بطون الأرض ان تبقى لهم = أفلاذها وتدر ضرع المال
وعلى متون الحر سيطرة النهى = تأتي بكل بديعة التمثال
ولئن عجبت فإن كل فعالهم =عجب يقصر عنه كل مقال
وإذا تأملت العلوم وحلها = عن سبر عقل المرء كل عقال
أيقنت أن الناس شرع خلقهم= لولا قضاء الجد والإهمال
فلعل طب العلم ملتفت إلى داء = من الجهل المميت عضال
يا أيها الفكر المواصل جده =هجر الكرى ودعا العلى لوصال
وفقت من هاد واسعدك المنى = من آمل وشكرت من مفضال
ثابر على العمل المبرر واثقاً = إن العلا نتيجة الأعمال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى