ديوان الغائبين حسين محمد الشبيبي - العراق - 1919 - 1949


ولد حسين بن محمد بن علي بن شبيب بن راضي بن صقر الشبيبي في مدينة الناصرية (جنوبي العراق)، وتوفي في بغداد.
أخذ عن والده مبادئ اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم التحق بمدرسة النجف الابتدائية للبنين (1926 - 1932)، ثم بمدرسة النجف الثانوية (1933) وتركها في الصف الخامس.
عمل موظفًا في دائرة بريد النجف (1939)، وفصل من وظيفته لأسباب سياسية (الانتماء الماركسي) فعمل في عدد من الأعمال الحرة حتى نفذ فيه حكم الإعدام من قبل السلطات الملكية العراقية (1949) إذ كان له نشاط سياسي شارك من خلاله في المظاهرات المناهضة للنظام الملكي، وكان له دوره في وثبة كانون (1948) مما عرضه للسجن غير مرة.

الإنتاج الشعري:
- له مجموع شعري مخطوط في حوزة أسرته.

الأعمال الأخرى:
- له ثلاثة مؤلفات: «الاستقلال والسيادة الوطنية» - دار الغد - بغداد 1949، و«الجبهة الوطنية الموحدة» - مطبعة الرابطة - بغداد 1959، و«موقف حزب التحرر الوطني من حكومات العهد المباد والجبهة الوطنية» - مطبعة الرابطة - بغداد 1960.
شاعر ثوري، طابق بين الكلمة والفعل فذهبت حياته جزاء شعره، المتاح من شعره قصيدتان: أولاهما: «ذكرى أيار» (60 بيتا) تجمع بين الذكرى التاريخية ليوم العمال العالمي، ومناهضة الإنسان لعوامل القهر والظلم، وثانيتهما «كن كالجرئ» (13 بيتا) يدعو فيها إلى التمرد واطراح الخوف ومواجهة الطغيان، اتسم أسلوبه بالقوة والإحكام ودقة التعبير والتصوير، مع نزعة خطابية تسك الشعارات وترددها.

مصادر الدراسة:
1 - جعفر باقر آل محبوبة: ماضي النجف وحاضرها - المطبعة العلمية - النجف 1955.
2 - كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين - مطبعة الإرشاد - بغداد 1969.
3 - محمد هادي الأميني: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام - مطبعة الآداب - النجف 1964.

من قصيدة: ذكرى أيار

مَوْكِبَ الـتـاريـخ للنصر اندفـاعــــــا = وإلى النجـم سُمـوَّا وارتفـاعــــــــــــا
وأَغِذّ السّير مقــــــــــــرون الخطى = بـالـدم القـانـي حـمـاسًا وانـتجـاعـــا
وبأرواح الضَّحـايـا صُعـــــــــــــــــدًا = وأمـامًا لا انحدارًا وارتجـاعـــــــــــا
وبـهدْيِ الفكر مـن مـنـــــــــــــبعه = نحن والـبـاغـي احتـرابًا وصراعـــــــــا
كـاهلٌ يحـمـل للـدنـيـا جهـــــاداً = وأردنـا الـمـجـد فـانقـاد انصـيـاعــــا
ومشى الـتـاريـخ فـازددنـا اختبارا = فدفعـنـاه وقـد زدْنـا اقتـنـاعـــــــــا
إننـا نحن الـمـريـدوه، حـيـــــــــــاةً = والـمشـيـدوه اصطبـارًا واضطلاعـــــــــا
قـد دحـرنـا الظلـم فـانهدَّ انصداعــا = ويـدٌ مـا فتئت تبنـي صِنـاعـــــــــــــا
نحن أهل الأرض كَدْحًا واجتـمـاعــا = لـمـريـديك فطـامًا ورضـاعــــــــــــــا
طـالـمـا مـنّاك نـورًا هـــــــــــــاديًا = إذ تداعت أنفسٌ طـارت شعـاعـــــــــــــا
قـد صَحِبْنـاك وكـم مــــــــــــن زورةٍ = لك كـالفجـر إذا اللــــــــــــيل تداعى
هـاربًا لا يـنطـوي إلا عـــــــــــــلى = ظُلَمٍ تأكلهـا النـار اندلاعـــــــــــــا
كلُّ عصرٍ ثـورةٌ عـــــــــــــــــــــارمةٌ = تـمحق الظلـم اجتثـاثًا واقتلاعـــــــــا
كلُّ جـيلٍ قــــــــــــــــــــــوةٌ زاحفةٌ = مزّقتْ عـن دنس الخـصـم القنـاعـــــــــا
كل يـومٍ قصّةٌ سطَّرهــــــــــــــــــا = دم شعبٍ إذ تبنّاهـا يراعــــــــــــــــا
مـوكبُ الـتـاريـخ مـا زلـت شعـاعـــــــا = نحن أهل الـحقِّ رغمًا وانـتزاعــــــا
نحن أهل الأرض كـدحًا واجتـمـاعــــــا = كـم طريـقٍ جُزْتَهـا مـلأى ضبـاعـــا
فَتَكَ الـوحش ولـم تحفل وكــــــــــــــم = سـامك الفتك افتـراسًا وابتلاعــــا
يـومَ لـم تـمـلك سـوى كـيـنـونة الــــــ = أنسِ ولا الإنسـان عقـلاً وذراعــــا
فتحدَّيـتَ وقـد كـنـت الشّجـاعــــــــــــا = ومـلكتَ الصـبر والـبأس جـمـاعــا
وانطـوت مـرحـلةٌ مـن عُمُر الـدهــــــــــ = ـرِ تلا العهد تبـاعًا فتبـاعــــــــــــا
مـنذ عهد الرقِّ حتى زمـن القنْــــــــــــ = ـنِ، وحتى سلـب الجهد ابتـيـاعـــا
زعـمـوهـا سنَّة خـالـــــــــــــــــــدةً = خلق الإنسـان عبـدًا أو مطـاعـــــــــــا
كل عصرٍ بشـرٌ مستثـمــــــــــــــــــــرٌ = قتل الإنسـان إن طـوّل بـاعـــــــــــــا
كـاهلٌ يحتـمـل الـدنـيـا جهــــــــــادًا = حـيـن لـم تـمـلك قـوى الشـرِّ دفـاعــــا
ـــــــــــــــــــــتتخطّى كل عصرٍ ظاف = تهدم الطغـيـان شـرعًا وقـلاعـــــــــــا
لـم يعـمْ فـي وجهك الظلـم فـمــــــــــا = قـوَّم الظلـــــــــمُ صروحًا تتداعى
أيـهـا الـمـوكب زوّدْنـا متـاعــــــــــا = نحن فـي ركبك لـم نذهـب ضـيـاعـــا
أمّة أيـقـظْتَهـا فـانــــــــــــــــتفضت = أممٌ برَّحهـا السّوط الـتـيـاعــــــــــــا
الجـوى والـحقـد والعزم ومـــــــــــــا = حـمـل القـلـب ثبـاتًا واتسـاعــــــا
وومـيض الـوعـي والنجـم الـــــــذي = شحذ الـوعـي مضـاءً واقتطـاعـــــــا
ونظام القـائد الأول فـــــــــــــــــي = ركبنـا السـائر مـا انفكّ مطـاعـــــــــا
كُلُّهـا أسلــــــــــــــــــــــحةٌ فتّاكةٌ = مـا احتـويـنـاهـا احتـرابًا وصراعــــــا
نحن هـذا الشعب كـدحًا واجتـمـاعــا = نحن أهل الـحق رغمًا وانـتزاعـــا
هـذه أنشـودة الـتأريـخ حتــــــــــــمًا = نـتبنّاهـا غنـاءً واستـمـاعـــــــــــــا
إننـا نحن الـمـريـدوه حـيــــــــــــاةً = والـمشـيـدوه اصطبـارًا واضطلاعـــــا
فتحدَّيـت ولـم تَقْدم جهــــــــــــــــادًا = ويـدٌ مـا فتئت تبنـي صنـاعـــــــا

***

كن كالجريء

لا تشـتكـي الدهـر مهـمـا حلَّ أو حصلا = خاب الذي يرتجي مـن دهـره أمـلا
إن الأبـيَّ له دهـرٌ يســـــــــــــــايرُهُ = أمَّا الـذلـيل ففـي أقــــــــــدامه رُكلا
إنْ سـرَّكَ الـدهـر يـومًا لا تهــــــــادنه = وإن أغاظك أقـدِمْ لا تكـن ثـمــــــــــلا
فـي طبعه الـمكر يغويـنـا ونأمــــــــنه = ومـا عـلِمْنـا بـه فـي غـيرنـــــــا شُغِلا
إذا رُمـيـتَ بسهـمٍ فـاحتـمـل ألــــــــمًا = إن الـتألـم يشفـي مـن له احتـمـلا
لا تقـدمـنَّ عـلى شــــيءٍ وتجهله = الجهلُ بـالشـيء يعطـي الجاهل الخللا
هَيّا فلا تـنثنـي كـن كـالجــــــــريء له = صـوتٌ مهـيبٌ بـه قـد زلزل الجـبـــلا
إلا الـتـردّد إذ يُفضـي بصـاحـبـــــــــه = نحـو الـوهـاد ويغدو للـورى مــــــــثلا
إن الـحـيـاة ومـا فـيـهـا لـمدركهـــــا = طـوع الـبنـان إذا مـا أحسن العـمـــــلا
إن الـتخبُّطَ والأهـواءَ قـــــــــــــاتلةٌ = للـمـرء واللـوم لا يُجْديـــــــه إنْ خذلا
فـاخطُ بـوعـيٍ ولا تأتِ بثـانـــــــــــيةٍ = مـا لـم تكـن سَنَدًا ولا تكـــــــــنْ وجلا
تبـدو الـحـيـاةُ لأهل الـمـالِ ضـــــاحكةً = ومـا دروا أنَّ بعض الضحك مـــا قتلا
دعهـا لـتبكـيك دَعْهـــــــــا واتّخذ عِبَرًا = إنَّ الـحـيـاةَ لـتُدمـي مَنْ بـهــــــا جَهلا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى