ديوان الغائبين ديوان الغائبين : جياكومو ليوباردي giacomo leopardi - ايطاليا - 1798–1837

الشاعر الإيطالي العظيم جياكومو ليوباردي (1798–1837) كان فيلسوفا وكاتبا ومترجما. وهو أشهر شعراء إيطاليا في القرن التاسع عشر, ويصنف ضمن المتشائمين الكبار كنيتشه وشوبنهاور، . وبرغم أنه نشأ في قرية ريكاناتي المحافظة، إلا أنه كان على تواصل مع الكتاب التنويريين في إيطاليا. كانت له لمسة مجددة في العصر الرومانطيقي.
تُعد اللانهاية أو الأبدية القصيدة الأكثر تميزًا بين قصائده الرعوية، وهي القصيدة التي كتبها في عام 1819، وهو العام الذي عانى فيه الشاعر حالة من الاكتئاب قادته إلى حافة الانتحار لكن في نفس الوقت أشعلت فيه الحاجة إلى الكتابة كوسيلة للخلاص. وباعتبارها أعظم قصائد ليوباردي الشعرية، استحوذت اللانهاية على اهتمام الباحثين والنقاد بالإضافة إلى الشعراء من كل أنحاء العالم.

يوم السبت فـي القرية

عذراء من الريف أقبلت،
مع غروب الشمس،
أتت تحمل العشب،
وفي يدها بنفسج وزهور،
تنوي تزيين صدرها وشعرها بها.
أما العجوز فعلى الدّرج جلست،
تكلم الجارات..
وهي ترنو إلى غروب الشمس،
عن أيامها الجميلة،
وهيئتها البهيّة في أمسية السبت،
وعن رقصها حتى طلوع الشمس.
صار الهواء أثقل في كل مكان
وبلون الليل .. السماء اكتست
فاختفت الظلال من الأسقف والتلال.
وطلع البدر المنير
حينها أعلن الجرس بدء الاحتفال،
وهو صوت يرتاح القلب له.
الفتية في الساحة يصرخون،
ويمرحون في كل مكان.
بينما يمضي الإسكافي إلى منزله،
وهو يصفر .. فرحا بيوم راحته.
لاحقا، عندما تُطفأ الأنوار،
ويهدأ كل شيء..
ستسمع صوت المطارق ومنشار النجار،
في آخر الليل،
يعمل بكد حتى الشروق.
إنه أكثر أيام الأسبوع ترقبا،
مليء بالبهجة والمرح.
لكن الغد سيجلب معه الحزن والملل من جديد،
وسينشغل الجميع.
أن يلهو الصبي مرحا
هو النهار السعيد واليوم البهيج
واستهلال أزرق ليوم الاحتفال.
فاستمتع به يا بني،
إنها سويعة لطيفة، ولحظة ستنقضي
وآخر دعواي:
أن يتأخر يوم الأحد، وأن
لا يُحبطك ما حييت.
- إلى سيلفيا -
سيلفيا .. أمازلتِ تذكرين..
ذلك الوقت من حياتك الفانية؟
حين كان الجمال يشعّ من عينيك الساحرتين والباسمتين؟
حين كنتِ تتأملين زوال الشباب؟
كانت الغرفة الهادئة،
والشوارع المحيطة،
تغني معك كلما غنيتِ،
وأنتِ على المغزل تعملين.
في مايو الشذي
كنتُ حينها في المكتب أقرأ.
فتركت الأوراق التي دفنت فيها أزهى سنيَ عمري
وأنصتُ إلى صوتك العذب،
وشاهدت يديك تديران النول.
ثم نظرت إلى السماء الصافية والحدائق،
والبحر من هنا، والجبال من هناك.
لا يمكن أن أصف شعوري.
يا لنقاء أفكاري وآمالي وقلبي آنذاك
يا حبيبتي سيلفيا!
كما لو أن الحياة والقدر قد ابتسما لنا.
حينما أتذكر كل ذلك الأمل
أشعر بالمرارة .. والغضب على سوء حظي
أيتها الطبيعة، يا طبيعة ..
لم لا تفين بوعودكِ؟
لم تضللين أبناءكِ؟
ذويتِ قبل أن تذبل الأزاهير في الشتاء
أوهنكِ المرض .. ومُتِّ
ولم تري أزاهير عمرك المقبلات،
لم ينبض قلبك عشقا،
ولم تتحدثي عن الحب في أيام السبت
مع الصديقات.
وقبل ذلك بأمد طويل،
مات أملي الغض،
لقد حرمني القدر من شبابي أيضا.
صرتِ أمساً يا رفيقة براءتي،
ويا أملا أندبه !
هل هو العالم؟ وهل هذه هي
المتع والحب والحاجة والتجربة
التي تحدثنا عنها كثيرا؟
وهل هذا مصير الإنسان؟
عندما اقتربت الحقيقة منكِ
سقطتِ.. أيتها المسكينة
ومن بعيد أشار الموت إليكِ
من قبر خال.
- محاكاة -
أين أنتِ ذاهبة
أيتها الورقة الصغيرة،
بعيدا عن غصنكِ؟
نزعتني الريح بعيدا عن خشب الزان،
حيث ولدت.
صرت أدور كما تدور،
تنقلني من الغابات إلى المروج،
ومن التلال إلى الوديان،
أسافر معها بلا نهاية.
متجاهلة معها كل شيء.
وحيثما يذهب كل شيء..
أوراق الورد
وأوراق الغار
أذهب

.ترجمة: دلال نصر الله



.
جياكومو ليوباردي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى