ديوان الغائبين الأشرم المكي - 1861 - 1893 م

عبدالواحد الجوهري.
ولد في مكة المكرمة - وتوفي بها.
عاش في الحجاز.
تلقى مبادئ علوم الدين على بعض علماء عصره، وكان الشاعر المدني عبدالجليل برادة أستاذًا له في فنون الشعر.

الإنتاج الشعري:
- له مقطوعات وقصائد في كتاب «من تاريخنا».
شعره تقليدي، يلتزم الوزن والقافية، تهيمن عليه الغنائية، يدور معظمه حول الغزل والتشبيب، وقليل منه في المناسبات، وله تشطير وتخميس وتطريز جريًا على عادة شعراء عصره، وله قصيدة هجائية واحدة فيما وصلنا من شعره، أخيلته وصوره تقليدية مستمدة من البيئة العربية البدوية والشعر القديم، في بعض قصائده حرص على استعمال المحسنات البديعية، وفي بعض نظمه ضعف يقترب بأسلوبه من العامية.

مصادر الدراسة:
1 - إبراهيم الفوزان: الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد - مكتبة الخانجي - القاهرة 1981.
2 - عبدالله الحامد: الشعر في الجزيرة العربية "نجد والحجاز والأحساء والقطيف" خلال قرنين (1150هـ - 1350هـ) - دار الكتاب السعودي - الرياض 1993.
3 - عبدالرحيم أبوبكر: الشعر الحديث في الحجاز (1916:1948) - دار المريخ - الرياض 1980.
4 - محمد سعيد العامودي: من تاريخنا - الدار السعودية للنشر - جدة 1967.

حوراء

فـي آيِ طهَ معـانٍ، هـنَّ معـنـاهــا = حـوراءُ تـرمـي فؤادَ الصـبِّ عـيـنـاهـــا
مـا كـنـت أحسب أن الـورد يُغرَس في = روضٍ مـن الثلج حتى بـان خَدّاهـا
مـا الـدرُّ والـمـاس والـيـاقـوت تَذْكرهــا = إلا بـمبسمهـا الـمعسـول نلقـاهـا
كأنمـا خـصرُهـا الـمـيـــــــزانُ إذ خطرتْ = وكفَّتـاه - كـمـا يُنـبـيكَ - رِدْفـاهـــا
تجـرُّ بـالـتـيـه أذيــــــــالاً ومذ سفرَتْ = تقنَّع اللـيل فـي أضـوا محـيّاهــــــــــا
بـاتتْ تدير عـلـيـنـا كأسَ صـافـيةٍ = حـمـراءَ بـالريـق مزجًا قـد شـربنـاهــــا
كأنمـا الكأسُ إذ لاحت على يـدها = طلـوعُ شمسٍ عـمـودُ الصـبح حـاذاهـا
ونـاولـتْنـيَ صِرفًا وهْي بـــــــاسمةٌ = وقـالـتِ: اشـربْ! فـمـا أحـلى، وأحلاها
تَشـابـهَ الكأسُ والصَّهـبـا ومبسمُهـا = وشـابـهَ الـحَبَبُ الأسنى ثنـايـاهـــــا
والقـلـبُ قد حـار أن يـختـار أيّهـمـا = وكـان أشهى مـن الإثنـيـن لي، فـاها

***

حمامة هذي الدار

حمـامةَ هذي الدار، ذكَّرْتِني سلمى = سلمتِ! فإن الذكرَ قد كان لي سلمى
هـواهـا الـذي أغرى الهـوان بـه ومـا = تذكَّرهـا إلا وذابَ بـه هَيْمــــــــــــــا
ولـولا قـديـمُ العهد مـا كنـت ثــاويًا = على حفـظ عهدٍ بـيـن عهدٍ طغى ظُلْما
عهدتُ زمـانـي كـان بـالعهد وافـــــيًا = ولـمـا وفَيْتُ العهد لـمَّ الأسـى لـــــــمّا
ألا أيهذا الدهـرُ - والنقضُ سيِّئٌ- = أسأت وهل في النقض نلتِ المنى، أم ما؟
وإنـي وأيـمُ اللهِ، والـدهـرُ خـــــــائنٌ = لآمـنُ مـن رام الـوفـــــــــاءَ، ومَنْ أَمَّا

***
ذات القِناع

إلى «دَشَمٍ» لـمـا أتينـا عـشيةً = ومـا «دشَمٌ» إلا ريـاضٌ مــن الأنسِ
كأن ثراهـــا، والزروع مُراهقٌ = عـلى خدِّه شَعـرٌ سلـيـمٌ مـن اللـمس
شربنا على كأس الهناء مدامةً = وكـان لهـا السـاقـي نديمٌ بلا حسّ
ومـرَّتْ بنـا هـيفـاءُ تحت قناعهـا = كصهـبـاءَ تجلوهـا العيونُ من الكأس
وأصغت لمـا نروي عن «ابن خفاجةٍ» = ومـا انتخبتْ إلا الجلوسَ على الدّهس

***
مريض الحبّ

مـا احتـيـالـي ولـم أجـدْ فـي زمـاني = مـن مُعـانٍ أجـاد بـالإمعـــــــانِ
يـا طببـيـاً بطِبِّه قـد أتـانـــي = «مـرضـي مـن مـريضةِ الأجفــــــــــــان»
«وشفـائـي فـي وصلهـا والـتدانـي» = ذاب قـلبي من بُعدهـا ونـواها
لـيـت شعـري ومُهجتـي مأواهــــــا = هل أراهـا ولـيس دائي سـواها
«يـا خلـيلـي ولائمـي في هـواهــا» = «عـلِّلانـي في حـبِّهـا عـلِّلاني»

***

وذات تدلُّلٍ

وذاتِ تَدَلُّلٍ طـافت مســـــــــــــــاءَ = وقد كشفَ الهوا عـنهـا رداءَ
فقـلـت: وقـد أبـان السـاقَ مـنهـــا = جزى الله الهـوا عـنــا جزاء

***

عِقد الحسناء

ولمـا رأيت العِقْدَ لاح بجِيدهـا = فقلت لمـاذا العقد وهي جواهــرُ
أجاب لسانُ الحال منهـا مخاطبًا = يـزين الهلال المشتري وهو بائر

***

لثمت البدر

لثـمت الـبـدرَ مـن شغفـي فقـالا = وحسنُ جـبـيـنه ضــــــــــوءٌ تلالا
عهدتُكَ صـائمًا والآن عـــــــــندي = نقضتَ ختـام صـومك، قـلت لا لا
رأيــــــــــــــــــتُ هلال وجهك مستهلاً = وقـد صمناه بـالرؤيـا امتثـالا
وصـومُ العـيـد مـنهــــــــيٌّ لشكٍّ = وكـيف يصـوم مـــــن نظر الهلالا؟

***

تبدّت بقدٍّ

تبـدّتْ بقـدٍّ صِيغ فـــــــــــي أحسن السبكِ = وصـيّرتِ الأحرار في ربقة المـلكِ
وقـلـتُ لهـا والعـيـنُ مـن أجلهـا تبكي = أيـا ربّةَ الخـال الـتـي أفسدت نُسكي
عـلى أي حـالٍ كـان لا بـدَّ لـي مـــنكِ = بـمـن فلق الإصـبـاحَ والـحـب والنـوى
ومـن مـنح العـشاق في حبك الجوى = أريحـي فؤادي قـد أذلّ بـه الهـوى
فإمّا بذلٍّ فهـو ألـيـقُ بـالهـــــــــــوى = وإمّا بعزٍّ فهـو ألـيـق بـالـمــــــــــلك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى