ديوان الغائبين أحمد الحلو - المغرب - 1912 - 1949 م

أحمد بن محمد الكبير الحلو
ولد في مدينة فاس، وتوفي فيها، وهو في عز شبابه.
درس العلوم الأولية في كتّاب الحي، ثم التحق بجامعة القرويين حيث درس العلوم الفقهية والأدبية واللغوية، وتخرج فيها.
لم يذكر أنه شغل وظيفة. قضى عمره القصير مغمورًا، مع جودة شعره وحماسته الوطنية في مقاومة الاستعمار.

الإنتاج الشعري:

- له قصائد وردت في بعض مصادر دراسته، منها: «الرسالتان النعمانية والشوقية»، وله قصيدة: «زهرة عبقر» - مجلة الثقافة المغربية - مايو 1943.
المتاح من شعره نادر، غير أن قصيدة «زهرة عبقر» توحي بنضج ملكته الشعرية وقدرته على النظم، وقد نظمها ملتزمًا وحدتي الموضوع والقافية، تفيد من معجم الشعر الرومانسي من حيث معانيها وأفكارها ولغتها، وتهتم برسم الصور الكلية المستوحاة من الطبيعة، فتعكس قوة العاطفة وخصوبة الخيال. اللغة مشحونة بطاقة مجازية تعمق المعنى وتطلق الدلالة مع سهولة اللفظ وجزالته.

مصادر الدراسة:

1 - أحمد الدويري: الاتجاه الوجداني في الشعر المغربي الحديث - رسالة جامعية - كلية الآداب - فاس 1986 (مرقونة).
2 - عبدالسلام ابن سودة: إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1997.
3 - محمد المختار السوسي: الرسالتان البونعمانية والشوقية - المطبعة المهدية - تطوان (د.ت).
: خلال جزولة: المطبعة المهدية - تطوان (د.ت).
4 - الدوريات: محمد حجي: الحلو أحمد - معلمة المغرب (جـ11) - إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر - مطابع سلا 2000.

زهرة عبقر

أَرَجُ النبوغ من الخلود مَهبُّهُ = من «زهرةٍ» عُلْويةٍ نفحاتُها
في روضِ عبقرَ أينعت فتفتّحتْ = فتضوّعت فاستُنشقت نسماتها
فاحت فأسكرتِ النفوس بعَرْفها = للّه كم تسْبي الورى خطراتُها
هَبَّتْ هبوبَ نسائمٍ بأريجها = تُحيي ذبول أزاهرٍ هبّاتها
هذا الأريج العبقريُّ لو انتشت = منه الدنا مادت بها رقصاتها
عطْرٌ كعطر الخلد دام هبوبُهُ = كم روضةٍ رفّت به زهراتُها
يا روضُ هذي زهرةٌ عُلويّةٌ = تُحيي فؤادَ متيّمٍ لمحاتها
أوَ ما سمعتَ من الطيور شواديًا = تتلو نشيدًا وَحْيُهُ بسماتها
تشدو على أيك المنى طيرُ الهوى = سحْرُ الغناء تُذيبه نغماتها
هذي البلابلُ أسكرت بغنائها = روحَ الوجود، أخمرُها رشفاتها
ما للمزاهر والمزامر عطِّلتْ = لَـمَّا هفت بي نشوةً نبراتُها
رتِّلْ لها جوقَ الهوى أنشودةً = تسري كمثل الكهربا رنّاتها
في جسمِ من ردّت له بعد الـمما = تِ حياتَه ونشاطه همساتها
يا قلبُ صُغْ لحنًا مذابًا كالصَّدى = توحي به لك فتنةً نظراتُها
وارقصْ على غصن المنى مترنّحًا = واسكبْ غناءً نايُهُ صبواتها
وانشقْ أريج الخلد من نفحاتها = وارشفْ سلافًا سحْرُهُ نفثاتها
حلِّقْ إلى أفق العلا كأريجها = والمحْ ضياءً شمسُه ومضاتها
رصِّعْ هناك لآلئًا من طَلِّها = تسبي النهى - ويحَ النهى - حَبّاتها
علِّقْ على جيد الحياة عقودَها = تبقى على طول المدى بهجاتها
واضحكْ على وغدٍ يحاول قطفها = شَلّت يداهُ وحُزّزت نبضاتها
هو دودةٌ تخشى عبيرَ نسيمها = فلكم أماتت مثلَها نسماتها
لَـمَّا بدت بين الخمائل فجأةً = أرسى من الطَّوْد العتيد ثباتها
هبّت عواصفُ - لا سطوتِ عواصفًا = ماذا رَجَتْ من نَشْرها سطواتها
ظلت تُجيل اللحظ بين غصونها = مثل الرقيب، فلا سطت لحظاتها
لما دنت منها لعَجْم غصونها = غزتِ العواصفُ، لا انقضتْ نفحاتها
عجبًا لها كيف انثنت مشدوهةً = سكرانةً لا تنقضي سكراتُها
تتلو نشيد الفوز في ورقاتها = فترنّ في رحب الفضا لهجاتُها
هذي القصيدة نضَّدَتْها يد المنى = ورمت بسحر رحيقها كلماتها
سالت نُضارًا من تَرفّق خمرها = وطفت على كأس المنى نجماتها
أهديكها يا ملهمًا أهديكها = خمرَ الهناء تُريقها أبياتها

* منقول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى