قصة ايروتيكة أحمد مسعد - عندما طردت حورية من القرية

فتح ابن مالك عينيه بغتة وسط الليل؛ انتبه للصوت الذي تصاعد ليقتل عذرية صمت ليل قريتهم المعتاد، أبناء مالك يعملون في أرض القرية منذ الفجر وحتى غروب الشمس، وينامون على مصاطبهم وسط الحقول متلحفون بهدوء الصمت ورتابه صوت أنفاس النائمين.

تأمل ابن مالك حوله فوجد الجميع مستيقظون، أصوات تأوهات الشبق المتتالية ضيعت طمأنينة نومهم فجلسوا يتأملون وجوههم الغاضبة في صمت يقطعه الصوت القادم من الكوخ القائم في الربوة البعيدة على أطراف القرية. اللون الأحمر الذي احتل عيونهم الصافية حسم القرار وحرك أجسادهم في آلية معتادة نحو كوخ الزعيم الأكبر فوق الجبل.

****

لم تكن تتخيل عندما فتحت عينيها أن كل هذا سيحدث.. تحركت من فرشتها عارية كما اعتادت وخرجت من باب كوخها لتلتحف بالأشعة الطازجة لشمس الصباح، خارج الكوخ كان هناك عدد لا بأس به من أبناء مالك سكان القرية الأصليين يقفون بتحفز جلي في الوجوه، يحوطون الكوخ من كل النواحي، طلبوا منها أن تحضر زوجها الغائب في لذة حلم الليلة الماضية، وأن يحضرا سويا في الساحة الخارجية لكوخ الزعيم الأكبر قبل الضحى، وغادروها جميعًا في آلية أزعجتها.

كان هناك بعض الوقت قبل الضحى، لم تشأ أن توقظ آدم قبل موعده وتفسد عليه يومه فجلست على العشب الأخضر أمام باب الكوخ تحاول أن تستنتج سر الاجتماع الطارئ لدى الزعيم الأكبر. منذ أن خطت قدماها فوق أرض القرية لم تر الزعيم إلا مرة واحدة رحب فيها بوجودها لراحة الضيف العزيز آدم -كما سماه- فلماذا يطلبهم الآن؟! ولماذا تشتم حاستها الأنثوية شيئا خاطئا وراء هذا الأمر.

أراحت جسدها الأبيض على العشب الندي وهي تمدد أطرافها المجهدة بفعل ليلة أمس، آدم منذ أن أرسل في طلبها من أرضهم البعيدة وهو يمتع جسده بنعومة جسدها كل ليلة، بل يمتع جسدها بعنفوان جسده أكثر من مرة في الليلة ومع ذلك ليلة أمس لم تكن عادية، مازالت تستشعر بقبضات يده على صدرها الطري تعتصره متعة، تتأمل إحمرار جلدها بفعل احتكاكات جسده الخشن بجلدها الناعم، أغمضت عينيها وأخذت تتذكر آهات متعتها التي انسابت عالية دون أي قدرة لها في الكتمان.. هي في المعتاد لا تتحكم بصوتها كثيرًا عند إتيان شهوتها، أمس صوتها كان جليًا في السماء ولكنها لم تهتم، آدم نفسه كان يزداد عنفوانًا وضغطًا بجسده الصلب بداخلها كلما ارتفع صوتها عاليًا وكأنه يستمتع بالأمر، حركت جسدها ببعض الرفق من على الأرض ودخلت الكوخ لتوقظه.

آدم لم يكن نائما بعمق.. انتبه لها من النداء الأول ولكن النظرة التي علت وجهه أخبرتها أنه قادم من حلم بعيد ربتت على كتفه وهي تقبل جبينه المتعرق وتخبره كما اعتادت بنعمة كونها أنثاه، جلست على الأرض وأسندت رأسها على فخذه وأخبرته بأمر أبناء مالك والاجتماع المنتظر في ساحة الزعيم. قطب جبينه ومسح بيده على رأسها ببعض القلق قبل أن يخبرها أن الأمر خطير.

الزعيم الأكبر قبل بوجوده في القرية بعض اعتراضات أبناء مالك على وجوده، أبناء مالك هم أحفاد أصحاب القرية الأصليين وأقدم سكانها، رفضهم كان بسبب أن القادمين من الأراضي البعيدة يفسدون هدوء قريتهم ويعكرون صفو النظام الذي يعيشون فيه. أمر الزعيم الأكبر بقبول ضيافتهم، كان مشروطًا بألا يفسد وجود آدم نظام القرية وألا يزعج ليلهم الساكن، تحركت حورية من جلستها وغادرت آدم الجالس على فرشتهم يفكر في مخرج لأزمته الحالية.. لم يكن يرى للخروج من القرية للطرقات المهجورة مصير ينتظرهم بعد ساعات قليلة، فهو في سكر نشوة جسدها الطري نسى الشرط الوحيد الذي رهنت به إقامتهم في القرية ضيوفًا غير مردود لهم أي طلب.

حورية كانت على عكس آدم تماما، لم يقتنع عقلها بما سرده عليها أدم عن الإقامة المشروطة باحترام سكون الليل، هي لم تجرح صمت الليل بإرادتها، صرخات متعة ليلتها الماضية لا دخل لها بها، هي رد فعل لا إرادي لرقصات روحها المنطلقة في فضاء السماوات البرحة على أنغام دقات طبول جسد آدم الصلب على جسدها، تصاحبه الموسيقى الداخلية المتصاعدة من انصهار خلايا جسدها شوقا وتدفق ماء متعتها دون توقف، صوت تأوهاتها شبقا يشبه تمام صوت انفعال أشجار القرية الشامخة مع هدير الرياح وتدفق الأمطار؛ يشبه تمام صوت تفاعل طيور الصباح مع أشعة الشمس الندية الطازجة، هو صوت مكمل لأنشودة الخلود التي تعزفها مخلوقات القرية أجمع بما فيهم أبناء مالك على اختلاف الطريقة.. فكيف يمكن لها أن تقبل بعقاب على ذنب لم تفعله؟ إذا أراد أبناء مالك الاعتراض على تأوهاتها فليعترضوا على من منحها القدرة على الامتاع والاستمتاع.. فليعترضوا على من منحها نعمة التعبير بالرضا عن رحلة الخلود عبر مضيق فخذيها المبلل بمطر مقدس.

أمام الزعيم الأكبر أرغد وأزبد كبير أبناء مالك واللون الأحمر يمتد من مقلتيه ليغطي على بياض لون جسده، ولكنها لم تهتز، حتى صمت آدم وخضوعه التام للزعيم الأكبر الذي ترك بعض الغصة في قلبها لم يرهبها، لم يمنعها كثرتهم وخضوع ذكرها عن البوح بما كانت تعتقد أنه صواب، رقصت فى الساحة الكبيرة أمام الجميع كما لم ترقص حتى فوق جسد آدم من قبل، باحت بكل ما كان يعتمر في قلبها وعقلها أمام الجميع، ركزت طاقتها مع الزعيم الأكبر ذو الشعر الأبيض الطويل.. دون جدوى، حرك أخاديد وجهه وهو ينطق قرار خروجهم قبل غروب الشمس من القرية بلا عودة.

أشعة الشمس الغاربة تنعكس على ظهرها المشدود رغم الألم النفسي والجسدي الذى كانت فيه، تحمل على كتفيها أحلام لمستقبل حياتها في أرض غريبة لن تخرج منها قبل أن تترك ذرية تعيش الحياة كما يجب أن تكون، وأفكار ستزرعها في ما سيطرحه جسدها العامر ليخلدوا ويسيطرون يومًا ما على القرية وزعيمها العجوز بدلا من أبناء مالك، خلفها يسير آدم يحمل ذنب استسلامه لمتعته والنسيان، هي لم تكن تهتم كثيرًا به فتجربة الليلة أثبتت أن تدابير الكون كله بيديها هي وحدها ونساء نسلها من بعدها.. إنها ستؤرخ للحياة من يوم خروج الحورية من القرية.




01.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى