قصة ايروتيكة عماد البليك - القط المقدس

فصل من رواية
لم تكن لدى مايك الخبرة الكافية بالكيفية التي تمارس بها القطط الجنس، وقد ظل هذا السؤال يشغله طوال فترة العصر إلى قدوم المساء، وهو يحتسي القهوة التركية مع بالتوس في الحديقة، في حين كانت هارومي مع والدتها يجهزان خبزا فرنسيا.
فكر مايك في توجيه السؤال لبالتوس غير أنه أحس في البداية بالحرج لأن بالتوس ذكي وقد يفهم شيئا ما، لكنه قرر أن يسأل، لأن والد هارومي رجل خبر الحياة بما يكفي ولن يكون متهورا على أية حال.
وبالفعل كان بالتوس قد تعامل مع السؤال بطيب خاطر، وأخبر مايك:
“دائما الأنثى هي التي تبادر.. إنها كثيرة التودد بخلاف الذكر الذي يكون عصبيا ويفقد شهيته بسرعة”
كان مايك يسمع هذه الكلمات ويتذكر ما حدث في الظهيرة بملامح ضبابية، فقد عاش تلك اللحظات كما لو أنه قط يعاشر قطة.. وبصعوبة استرجع المشهد وهو يقول لنفسه: “في مثل هذه الأمور يستوي البشر مع القطط.. الجنس هو الفعل الوحيد الذي يكون فيه الحيوان بشرا والعكس صحيح”.
سمع بالتوس يواصل: “الذكور بطبعهم يهربون من المداعبات ويريدون أن يصلوا إلى الذروة مباشرة.. بخلاف الأنثى التي تريد أن تعيش في قبلات متواصلة.. إنها لا تمل هذا الشيء.. إنها تعشق الدغدغة والتمايل والتخنث.. ونحن البشر نكاد نفعل هذا الشيء تقريبا فالرجل بطبعه عندما يتعلق الأمر بالجنس لا يرغب في التفاصيل الكثيرة.. يريد أن يفرغ شحنته العاطفية في الزج بهذا العضو الزائد في مخبئه لكي ينتهي من المسألة وبسرعة”.
فكّر مايك مع نفسه، من أين اكتسب بالتوس هذه الخبرات، هل قرأها في الكتب، ولماذا لم يخطر في باله ذات مرة أن يقرأ أشياء كهذه إنها ممتعة على الأقل إن لم تكن مفيدة. وقرر انه سيفعل ذلك عاجلا، ووجه سؤالا لبالتوس:
“هل لديك كتب تروي أمور كهذه؟”
“وماذا تريد من الكتب؟”
“أنه لأمر مفيد.. أن يقرأ المرء في أمور كهذه إنها مسلية”
لم يكن مايك صادقا، ولم يكن بالتوس يحتاج لأدنى ذكاء ليفهم ذلك، فرد ضاحكا:
“مفيدة أم مثيرة للغريزة؟!”
وأردف:
“لديك قطة جميلة اسمها هارومي.. أعرف أن ابنتي شبقة.. أعرف ذلك جيدا”
كان بالتوس صريحا.. كانت هارومي قد أخبرت مايك بهذا، والآن تأكد أنها كانت صادقة. ولم يسترسل مع نفسه حيث قطع عليه بالتوس التفكير قائلا:
“تعال لأريك شيئا”
أخذه إلى حيث مخزن اللوحات، وهناك أراه لوحة صغيرة على شكل “سكتش” غير مكتمل، سأله:
“ماذا ترى هنا؟”
تأمك مايك اللوحة ولم يعرف ما الذي كان يقصده بالتوس بالضبط، لكنه قرر ألا يكون محتالا وأن يجيب بما يراه فعلا، قال:
“هناك امرأة.. جميلة.. لها شعر مسترسل.. هي إلى حد ما وديعة وتشبه قطة في شكل جسدها.. وهنا قط بجوارها.. لا إنه آدمي”
ابتسم بالتوس، وأشار له بأن يخرجا من المخزن، بعد أن غطى اللوحة ووضعها في مكانها في رف صغير كان مقسم لأجزاء رأسية في كل جزء وضعت لوحة بنفس حجم اللوحة السابقة.
فهم مايك أن المقصود قد تحقق.. وأدرك أن بالتوس يريد أن يخبره أن هذه اللوحة تصور المساحة التي يتلاشى فيها تقريبا الفرق بين الإنسان والقط.. فالأنثى هنا ممثلة في القطة في حين يلعب الإنسان، دور الذكر.
كانت تلك الرسالة التي ينوي بالتوس إيصالها، وقد أدرك والد هارومي أن مايك سيفهمها ببساطة فقد وثق في عقله.
وهما يتخذان طريقهما إلى الحديقة للجلوس مرة أخرى، قال بالتوس:
“لا أدري هل أفخر بك أم بابنتي؟!”
شعر مايك بالفرح، وكما لو أنه طفل في مدينة ملاهي.. وفاتح بالتوس أنه يريد الزواج من ابنته اليوم إن لم يكن غدا.. ولم يسمع ردا، فقط اكتفى بتأمل وجه العجوز الذي رسمت فيه تفاصيل العقود التسعة من حياته خرائط معقدة يمكن للناظر إليها ولفترة محدودة أن يرى فيها أشكالا لا نهائية، لما يدور بذهنه من تصورات لأي أشياء كانت. كانت الخرائط قد أنبأته بالإيجاب، أن هارومي هي نصيبه هو، لا أحد غيره.
كانت هارومي قد وضعت طاولة صغيرة إلى جوارهما وكان الخبز الفرنسي جاهزا مع الحليب الساخن، وبدا لمايك كما لو أنه يعيش أجمل لحظة في حياته.

.


.
waterhouse_mariana_in_the_south.jpg


John William Waterhouse

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى