قصة ايروتيكة احمد ابراهيم الفقيه - لوسي في السماء

احمد ابراهيم الفقيه
لوسي في السماء


لا اعرف الرجل ولم اتبادل معه كلمة واحدة خلال وجودنا صدفة في مقهى فندق كارولاين في المهندسين حيث اذهب لقراءة الصحف مكتفيا بطلب فنجان القهوة العربية المضبوطه، واراه دائما يجلس، احيانا بمفرده واحيانا صحبة صديق، ويبدي اهتماما بجهاز التليفزيون، القابع في ركن من المقهى، مفتوح دون صوت، لا يهتم احد به الا اثناء اذاعة مباريات كرة القدم، بينما هو يسأل النادل ان يرفع الصوت قليلا اذا تصادف وجود لقاء مع احد الفنانين، او يطلب منه ان ينتقل الى قناة الاخبار ليسمع اخر النشرات، وهذا الاهتمام بالتليفزيون قاصر على اللحظات التي يكون فيها وحيدا في المقهى، لانه يكون مشغولا بالحديث مع صاحبه عندما يكون في رفقة احد هؤلاء الصحاب، وكنت قد دخلت وجلست افتح احدى الصحف التي كانت معي واطلب قهوتي، حيث كان هو قد سبقني وجلس بمفرده امام التليفزيون يراقب برنامجا غنائيا اجنبيا في قناة النيل، ولم اكن اعير انتباها لما تذيعه المحطة من اغاني، حتى فوجئت بالمذيع يقدم اغنية شهيرة من اغاني فرقة البيتلز، اشتهرت كثيرا في الستينيات، حملت عنوان البوم كنت شخصيا اقتنيه واعيد تدويره في الة الاسطوانات هو البوم فرقة سارجنت بيبر للقلوب الوحيدة، من تاليف والحان احد اعضاء تلك الفرقة جون لينين، فتوقفت عن القراءة اتابع الفرقة، ووصلت الاغنية الى اشهر مقاطعها الذي يقول
lucy in the sky with diamonds أي لوسي في السماء مع داياموندس، واثار دهشتي وفضولي ان الرجل الذي كان يجلس وحيدا مستغرقا استغراقا كاملا في الاستماع للاغنية، انفجر يبكي، بكاء حارقا ملتاعا، كأنه فقد لتوه اعز انسان لديه في الوجود، ومد يده لحاملة المناديل الورقية، فوق الطاولة يستعين بها على تجفيف عبراته، وجسمه كله ينتفض مجهشا بهذا البكاء الذي اثار قلق الجرسون فهرع اليه يسأل باهتمام سلامتك يا استاذ، ويعاود جملة "سلامتك يا استاذ"، دون ان يفعل شيئا، فاتجهت اليه بالكلام قائلا ان يحضر للاستاذ كأس ماء، فاسرع باحضاره، كما اسرع باسعافه بمزيد من المناديل الورقية التي استنفذها الرجل، وابدل منفضة السجاير بواحدة جديدة بعد ان تكوم الورق المبلل بالدموع فوق الاولى، وكان مقطع الاغنية الذي يتحدث عن لوسي قد انتهى، فهدأ الرجل قليلا، واصبح بكاؤه خافتا، مما جعلني اربط بين انفعال الرجل وبكائه وبين هذا المقطع الشهير من الاغنية، وحاولت ان اضع نفسي مكانه، وابحث عن تأثير الاغنية في نفسي، لانني كنت قد ارتبطت بها في فترة من شبابي، وما زالت تثير الشجن في نفسي ولكن ليس الى هذا الحد العنيف الذي حصل مع الرجل، وشجعني على اجراء المقارنة انني انتمي الى نفس الفئة العمرية التي ينتمي اليها الرجل، ولابد انه افتتن مثلي بهذه الفرقة التي تسمت باسم الخنافس، وسيطرت بموسيقاها على عقول وقلوب الشباب في مرحلة الستينيات، حيث كانت الفرقة الموسيقية الاولى على مستوى العالم، ولابد انني كنت اكثر التصاقا بمثل هذه الفرقة، وتلك اللحظة التاريخية التي رافقت ظهورها، لانني كنت اقيم في لندن للدراسة وحضرت جزءا من الثورة الطلابية التي حدثث هناك، وكانت هذه الفرقة تعبيرا عن تلك الثورة الشبابية، بل هذا المقطع من هذه الاغنية بالذات اصبح تعبيرا عن مرحلة من الانطلاق والتحرر الى حد انه قيل ان الاحرف الاولي من هذا المقطع أي حرف اللام من لوسي والسين من سماء او سكاي والدال من داياموندس، هي ترويج ودعاية وتمجيد لحبوب الهلوسة المعروفة بهذا الاسم، الا ان جون لينون اوضح في احدى المقابلات التلفزية، ان المقطع لم يكن ترويجا لذلك العقار وانما اعجبه رسما لطفلة اسمها لوسي تدرس مع ابنه في الروضه فاستوحى منه ومن اسمها هذه الكلمات، وقطع هذه التداعيات صوت الرجل الذي كان يبكي يخاطبني ويتجه لي بكلمة شكر لانني طلبت له كاس الماء، فوجدتها فرصة لارضاء فضولي عن سبب بكائه قائلا له:
ــ لابد ان هناك ذكريات تربطك بهذه الاغنية؟
وعندما وجدته يستأذن في اعادة السؤال، لانه لم يسمعه جيدا، انتقلت للجلوس بجواره، واعيد عليه السؤال، فاذا به يفاجئني بانه لا يملك اية ذكريات تجمعه بهذه الاغنية، ولم يسمعها في السابق، ولا يعرف اللغة الانجليزية التي ينطق بها فريق الغناء، اذن لماذا، بحق الالهة، ينفجر باكيا بهذه الطريقة العنيفة وهو يستمع للاغنية؟ كان هذا هو سؤالي التالي الذي اسرع في الرد عليه قبل ان اكمله، قائلا بانها لوسي، الاسم هو ما اثار في نفسه كل هذا الاحساس الدافع للبكاء، فهي امراة رحلت عن البلاد عام 1967 ايام الحرب مع اسرائيل، فقد كانت يهودية هربت من موجة العداء التي استهدفت اليهود في ذلك الوقت.
ــ هل كنت تحبها كثيرا؟
ــ لا لم اكن احبها، لان علاقتي بها لم تكن تتجاوز علاقة زبون بامراة مومس.
ـــ هل كانت لوسي مومسا
ــ نعم
ـــ فما الذي يبكيك بهذه الحرقة لمجرد ذكر اسمها؟
ــ سأقول لك كلاما لم يسبق ان افصحت به لاحد من الناس، ولكن لانني ارتحت اليك، ولانك شاهدتني ابكي اليوم غيابها، فساصارحك بالسبب، راجيا ان يبقى الامر سرا بيننا اذا كان فيك من يكتم السر؟
ــ سرك في بئر.
وهنا بدأ يشرح لي كيف عرف الجنس لاول مرة في حياته مع هذه المرأة، فقد عرفها في مطلع الستينيات، وكان عمره سبعة عشر عاما، وبقى معها اكثر من خمس سنواته ارته خلالها من فنون الجنس ما جعله لا يذهب لامراة سواها، كان طالبا في الجامعة يساعد والده في محل الماني فاتورة في حي الحسين، ويخبيء جزءا مما يبيعه لصرفه على لوسي، التي كانت تشترك في شقة بالعتبة تستخدمها لاستقبال زبائنها مع زميلة لها، وكان يحجز لديها يوما في الاسبوع يقضيه كاملا عندها ليلا ونهارا، حيث يبقى منذ دخوله غرفتها صباحا، عاريا يتقلب معها على السرير الى اليوم التالي، وهي عارية مثله، لا تضع شيئا فوق جسمها الا اذا خرجت من الغرفة لجلب اكل او شراب، في عملية جنسية تتواصل اربعا وعشرين ساعة، لا يتخللها الا نوم قصير لا يتجاوز ثلاث ساعات، ما تبقى فهو جنس له الوان مختلفه واشكال لا حصر لها وله اكثر من طعم تعرفها هذه المرأة، كان يظن كغيره من الناس ان الجنس وجبة واحدة، لها شكل واحد ومذاق واحد، الا ان هذه المرأة اثبتت له بالتجربة ان الجنس مائدة اشبه بموائد الملوك بها مئات الاصناف وتقدم فيها الاطباق مطبوخة ومقلية ومشوية ومسلوقة، وتقدم فيها اللحوم والسلطات والخضروات واطباق الفاكهة واطباق الحلوى، وتستطيع ان تجعل اللذة الجنسية تصدر لا فقط عن طريق الاعضاء التناسلية، وانما من كل خلية في جسمه، فهي مثلا تطرحه فوق السرير وتبدأ في تقبيل جسمه من اصابع قدمية الى اصابع يديه والى حلمتي اذنيه فيحس باللذة في كل ملليمتر في جسمه، كانت تدع له ان يركبها، في اوضاع تقليدية، يركبها وهي مستلقية على ظهرها، ويركبها وهي مستلقية على بطنها، ثم ياتي وقت هي التي تركبه في اوضاع كثيرة احداها اسمه الدولاب الدائر، عندما تجعل جسمها يدور فوق عضوه الجنسي كما يدور دولاب فوق لولب كهربائي، ثم في وضع يكونان الاثنان كانهما يتهيآن للطيران، هي تطير به وهو يطير به، ويسالني اليس معنى الاغنية هو لوسي في السماء مع الالماس، انه وصف لحالة كان يعيشها مع لوسى عندما يرحل معها الى السماء ومن حوله جواهر الفرح وجواهر المتعة تشع كالالماس من حوله، فوافقته على تفسيره باعتباره افضل من تفسير حبوب الهلوسة وافضل من ذلك الذي ساقه صاحب الاغنية عن الطفلة التي اوحت له بلحنها وكلماتها.
واضاف انه كان في بداية الصبوات وعنفها، وفي اوج قوته الجنسية وفورانها، وانه يذكر لوسي لانها منحته متعة لم يستطيع ان يحصل عليها فيما بعد , وطلب هذه المتعة عن طريق معاشرة نساء من بنات مهنتها، فلم يفلح في الفوز بها، وطلبها عن طريق الزواج مرة واثنين وثلاثة، وفي كل مرة كان الزواج يتحطم على صخرة لوسي باعتبارها المثل الذي كان ينشده في الانثى والجنس ولم يستطع ان يجده، فانتهت به الزيجات الفاشلة الى المطلق الابدي، ولم يعد الان يحتاج للزواج لان الشهوة نفسها فارقته، فسالته ان كان قد عالج ضعفه الجنسي بالاكتشاف الذي احتفى به العالم المتمثل في حبوب الفياجرا، فقال انه لا يستطيع لان الطبيب لا ينصح باستعمالها فعنده اضطراب في نبضات القلب قد يزداد سوءا بتعاطي هذه الحبوب، وقد يصل الى تعطيل عضلة القلب عن العمل.
وعندما انتهى اللقاء بيننا وعدت لتأمل ما حصل بيني وبين نفسي، وجدت ان من حقه ان يبكي ويبكي، فالشعور بالفقدان الذي يعانيه والوحدة التي يعيش فيها والضعف الجنسي الذي فاقم ازمته يجعل لوسي بالنسبة له هي الفردوس المفقود الذي لم يعد هناك فرصة لان يعود اليه، الا بالتذكر والحنين والبكاء

.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى