قصة ايروتيكة أمين صالح - شمالاً إلى بيتٍ يحنُّ إلى الجنوب

إنَّهُ ليلٌ خَاصٌ يَتَضَوَّعُ فِيهِ شَذَا الجِنْس،
حيث الإباحة تنضو عنها أستار المحظور، وترخي عنان ما هو إباحي. ليل يذرعه البوّاب الشاب متدثّراً باللهفة، مبلّلاًً بزخّات من شهوةٍ تموت إن تأجلت.
وها هو يقرع بقدمين مضطربتين حيّز الانتظار بين وقتٍ كسول يأتي متباطئاً، ووقتٍ يحْرن إن استعجلهُ أحد ولا يعبأ بالمواعيد، نافضاً عن كفّيه رغوة الإمتثال لتعاليم تكبّل رغائبه.
كان قد تعطّر بكحول المجازفة، فاعترته رعدة الفحش الكامن في عضل الفحولة، وشدّ على رسغه رباط الطيش، ثم مكث منتظراً – هذا الذي لا يطيق التريّث أوان اشتعال الشبق في حواسه – ريثما يحين موعد لقائه بالمومس القاطنة في الدور الثالث، تلك المغوية التي تسفح أعوامها الثلاثين كلما مشت في خيلاء وسط جمع من الذكور لا يفسحون لها، بل يضيّقون الحيّز أكثر، على أمل أن ينعموا بشي من الاحتكاك بها، أن يلمسوا شيئاً من دفئها.. ووسط جمع من الإناث لا يقدرن أن يسترن حسدهن وغيرتهن من امرأةٍ يلتمع الفحش في بؤبؤيها، امرأةٍ يحلو لها أن تستعرض مفاتنها أمام أعين جاحظة من فرط الإشتهاء، فتتعمّد الإنحناء، مائلةً بجسمها إلى الأسفل، متظاهرةً بالتقاط شيء خفيّ، وعندئذ ينحسر القماش، عند أعلى الصدر، كاشفاً عن ثديين ماجنيْن يتواثبان في غنج، فتندفع الشهقات الذاهلة، بغتةً وبلا كابح، وتندلع الجذوة المطمورة في غريزة ما أيقظها منظر فاتن كهذا منذ زمن.
يوماً، طفَر كحلُ الغيرة من بين رموش نسوةٍ هالَهن أن تهرق هذه الفاجرة – في أركان المبنى – مجونها علناً، وبلا قيد أو كابح..
مجون تمنيْن في السرّ لو يُباح لهنّ فعله جهاراً
أمام مرأى الذكور (كما تفعل الفاجرة) لكن
ليس بدافع التهتك والإنحلال والكسب الحرام
(كما هو حال العاهرة) وإنما للتباهي بجسدٍ
حرٍّ يزهو فيه الجمال، ويسطع فيه الإغواء،
وتصهلُ فيه الشَّهوة..
فتدثّرن بعباءة العرْف والدِّين، وتذرَّعن بحماية العفّة والفضيلة، وراحت كل واحدة منهن تحرّض زوجها أو أخاها أو أباها أن يفعل شيئاً إزاء هذا العهر الفاضح وإلا انهار المبنى أمام رذيلةٍ تتنامى وتتكاثر حتى تجتاح كل سرير، عندها لن تلام المرأة إن مسّها الفسوق بأنامله المغوية، واستدرجها الفحش إلى مكمنه.
الذكور استجابوا مرغمين، وأظهروا – في حضور نسائهم – شراسةً في الدفاع عن الأخلاق، بل بلغ الحماس بأحدهم ذروته فتطوّع لأن يرمي بالعاهرة خارجاً هي وأغراضها المُدنّسة.. "من تكون هذه التي جاءت لتقوّض قيمنا، وتفسد راحة بالنا، وتشوّه سمعتنا؟.. هذا لا يجوز.. لقد استغلّت طيبتنا وتسامحنا فتمادت، حتى راحت علناً تحرّك شهواتنا بعينيها.. تبّاً لها".
أجمعوا، بعد تداول طويل، على كتابة عريضة تطالب المالك بطرد العاهرة من المبنى، حتى يتطهّر المكان من الدنس، ويستعيد نقاءه وبراءته.
وحده البوّاب الشاب دافع عن حق المرأة في السكن:
"ما رأيتها يوماً تجلب غريباً إلى دارها. ما سمعتها يوماً تجهر بالعيب والشائن في القول والفعل. هي في حالها وأنتم في حالكم. غضّوا البصر يا جيران، وخبئوا وساوسكم. ليس من حق أحد أن يجرّم آخر بلا دليل ولا بيّنة"
صاحت الجارة بعصبية:
"لا شأن لك في هذا الأمر. ما أنت إلا خادم، وعليك إبلاغ سيدك المالك فوراً"
أغضبته هذه الإهانة فرفع العريضة وراح يمزّقها في انفعال وينثر النتف أمامهم، ثم أعطاهم ظهره ومضى مبتعداً.. تاركاً النسوة في ذهول واستنكار واستياء، أما الرجال فتظاهروا بالسَّخط وبعدم الرضا، لكنهم في قرارتهم استحسنوا ما فعله البوّاب، بل وفرحوا بدفاعه عن الحسناء المثيرة، فقد منحهم الأمل ببقاء المرأة، وحقّق لهم الرغبة الدفينة في أن تتعرّض خطة النسوة للفشل.
المومس لم تنس للبواب موقفه النبيل. شكرته ووعدت أن تكافئه يوماً على شهامته. ولم تعاقب أو تتوعّد أحداً من الرجال الذين وقفوا ضدها إكراماً لزوجاتهم "الناقصات عقلاً"، أولئك الذين جاءوا إليها سرّاً وفرادى، في تملّق فاضح، من أجل أن يعتذروا ويلتمسوا الصفح، مبدين الرغبة في خدمتها وتلبيةِ كل ما تشتهيه.. بل انهالت عليها الهدايا من كل حدبٍ، وكل واحد يبتغي الحظوة الآسرة.

مرّةً كل أسبوعين،
وعلى مدى ساعتين تقريباً،
يقضي معها البوّاب الشّاب أمسيةً مترعةً بالجنس، حيثُ ينزلق الإثنان نحو سَرير يشتعلُ ما إن يحتكّ الشرشف بعُريٍ تحتدمُ فيه حمّى الشّهوة،
والسّقف يصُونُ أنينَ اللذّة
فلا يَدعُ أنَّةً تنسلُّ لتفضَح الخلوة السِريّة،
أما النافذة المُطلة على الساحة المهجُورة،
الآن، فتتَظَاهرُ بالحِيَاد. “

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
✏أمين صالح | شمالاً إلى بيتٍ يحنُّ إلى الجنوب


صورة مفقودة
  • Like
التفاعلات: Maged Elgrah

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى