قصة ايروتيكة عبد العزيز بركة ساكن - مسامير الأرض

فصل
وَدْ أمونه

عِطْرُ البَخُورِ الحَبشي يملأ القُطِيةَ، تأتي أصوات المكان مخترقة قش وأقصاب القُطِية عَبْر الظُلمة للداخل، واستطعنا أن نميز غِناءً جميلاً رقيقاً يتلمس سِكَكَه عبر الليل نحونا، قال ود أمونة: إنها بوشاي. ثم واصل في حكي تفاصيل السجن، تحدث بتلقائية وبساطة، بهدوء ورقة لا تتوفر في شخص غيره، ألم قِشي تقاسمني الوسادة البيضاء المستطيلة على طول عرض السرير، تخلف ساقيها مع ساقي، وبين وقت وآخر تتعمد حَكّ أخمصَ قدمي بأحد أظافر رجليها، مُثيرة شَبَقَاً وحشياً تؤجله دائماً حكايات ود أمونة المدهشة في السجن، الليل كعادته في هذه الشهور دافئ مَرِح، عَنّتْ فِكرةٌ لألم قِشِي، عبرت عنها بنهوض مفاجئ من حضني قائلة:
. حَأعمل ليكمُ قهوة-
هكذا يعبر الناس عن حبهم واهتمامهم بالآخر في هذه الأمكنة، بأن: يعملوا لك جَبَنة.
قال ود أمونة مواصلاً حكاية العازة، لم تستطع عازة أن تقنع أمه لكي تتركه معها عندما تخرج من السجن في الغد، وأرسلت لها الوسطاء من سجانين ومسجونين، وحتى مأمور السجن نفسه، ولم يقنعها سوى ما حدث لود أمونة في ذلك المساء: كنت في طريقي إلى عنبر النُسوان بعد أن عدت من مشوار كلفني به الشاويش خارج السجن، عندما وصل ود أمونة الممر المؤدي إلى الزنازين وهو الطريق الأقصر إلى الجزء الغربي من عنبر النُسوان حيث مقام أمه، إذا بيد ناعمة قوية تُمسك بذراعه، وأخرى توضع في فمه، كانت تفوح منها رائحة البصل والثوم مما جعله يتعرف بسهولة على الطباخ، ثم همس في أذنه
. ما تخاف، دا أنا-
ثم سُحبت الكف عن فمه، قال له ود أمونة
- عايز مني شنو؟
قال الطباخ
- إنت بكره ماشي مع عازة، طبعاً حيطلعوها من السجن، وإنت حتمشي معاها، وأنا جيت عشان أقول ليك مع السلامة، طالما إنت ما بادرت بالوداع، مُشْ عيب عليك يا ود أمونة، ما تقو لي مع السلامة؟
قال ود أمونة متضايقاً
. كويس، مع السلامة، يَلاّ فك يدي-
قال الطباخ محاولاً أن يكون رقيقاً ومهذباً
- لا.... ما كدا.. مع السلامة دي عندها طُقوس وفي احتفال صغير أنا عامله ليك في مخزن المطبخ برانا، أنا وإنت.. جِبت شمع وعندي ليك هدية، ملابس جديدة وجزمة وكرة وحلاوة وحاجات حتعجبك.
قال ود أمونة وهو يحاول نزع يده
. إذا ما فكيت يدي حأصرخ وأمي تسمع وحتجي تقتلك-
فأدخل الطباخ يده في جيبه وأخرجها قابضة على نقود لها رنين
قال له ود أمونة
. أخير ليك تفكني-
بيد الطباخ الممسكة بالنقود، أعاد النقود إلى جيبه وبسرعة ومهارة فتح زرار بنطاله وأخرجه، شئ لم يستطع ود أمونة تمييز معامله في الظلام ولكن عندما دفع به الطباخ إلى بطن و أمونة، أحس به ود أمونة قوياً وطويلاً، قال الطباخ
. الموضوع بسيط، وما بِيَاخُدْ دقيقة واحدة، وأنا أدْيّك أي حاجة عايزها-
وعندما مَدّ فَمَه الذي تفوح منه رائحة الصعوط مختلطة بسجائر البرنجي محمولة على عبق عَرَق العيش، بحركة رشيقة خاطفة أمسك ود أمونة بشئ الطباخ، كان مظلماً، كبيراً وأملس، أدخل ما يكفي في فمه وبين أضراسه الحادة نفذ وصية أمه بحذافيرها، الشئ الذي جعل كل من في السجن والذين يجاورونه والذين تصادف مرورهم في تلك الليلة بتلك الأنحاء، يقفزون رعباً في الهواء من جراء صرخة الطباخ العنيفة البائسة التي لم يسمع أحد في حياته مثلها ولن تتكرر في مقبل الأيام، صرخة أطارت العصافير الصغيرة النائمة في أشجار النيم في وسط السجن، جعلت السمبريات العجوزات الساكنات بالسنطة عند بِركة المياه جنوب السجن، تضرب بأجنحتها في ذعر، كانت الصرخات التي ألحقها بالصرخة الأول، أقل أهمية، لأن أحداً لم يسمعها سوى ود أمونة، كانت أكثر بؤساً ورعباً. ثم سقط.
بصقت رأس الذكر من خشمي، كان شئ مقرف.-
قالت لي أمي بعدما صلينا صلاة الصُبح في الساحة
- إنت حتمشي مع عازة إلى بيتهم، أنا تاني ما حأخاف عليك، إنت بس حافظ على أسنانك، حأديك قروش تشتري بيها مساويك.

رائحة قلي البُن الحبشي تملأ رئتي عبقاً لذيذاً، وصوت بُوشَاي الحُلو يغني، فيأتي به الهواء الدافئ من حي العُمدة إلى قُطِيّة أدّي شَهياً، قالت ألم قِشي:
بعد دا كله.. الطباخ شغال لِسَعْ في السجن، سمين زي البغل.-
تحركت ألم قِشي وهي تحمل المِقلاة تطوف بالقُطية مقربة إياها من أنوفنا، فنستنشق المزيد.
قال ود أمونة
- طلعت من السجن وأنا عمري عشر سنوات، لكن تقول راجل كبير، كنت بعرف كل شئ، ما تفوت عليّ كبيرة ولا صغيرة.
أضافت ألم قِشي في زهو
. ما شاء الله.. ود أمونة دا... أصلو ما تقول كان طفل في يوم من الأيام .
صبّت البُن في الفُنُدك وأخذت تدق بتنغيم اتبعته بغناء بلغة الحماسين.
قال لي ود أمونة معتذراً
- معليش شغلتك بحكايات السجن والأمور الفارغة دي، أنا حأخليك شوية مع ألم قِشي وحنتلاقى، أنا قاعد في قُطية ما بعيدة من هنا. بالغرفة سرير واحد ولكنه ضخم، يساوي سريرين كبيرين، يسمونه: السرير الدَبُل، مصنوع من السنط، له قوائم ضخمة ثقيلة، عليه مُلاءة بيضاء مطرزة بالكروشيه في شكل طاووسين كبيرين متقابلين بالفم، ويبدو النهج الحبشي واضحاً في فن الحياكة والتطريز،من حيث استخدام اللون الأصفر و الأحمر و الأخضر، كانت ألم قِشي كعادة الحبشيات تبدو في بشرة حمراء ناعمة وساقين طويلتين نحيفتين منتظمتين وجميليتين، عليهما نقوش حناء باهتة ووشم على القدم غريب، بدى لي كصليب أو خاتم سليمان، أو ربما وردة سحرية، على كلٍ، كان شهياً وطيباً وطازجاً
لا أفهم كثيراً في ممارسة الجنس، في صباي، أنا وغيري من صبية الحي، في أيام مراهقتنا الأولى، أتينا الأغنام والدحوش وحتى العُجول ولم يكن ذلك ممتعاً، ولكنه مهماً حيث تبدو كبيراً وفحلاً أمام أصحابك وإلا لُقبت بـ المرا، وهذا لا يجوز في حق أحدنا، ولكن، تجربة شريرة حدثت لي قبل ذلك أي قبل البلوغ بسنتين أو أقل، كانت الأكثر إدهاشاً وأكثر بقاء في ذهني وربما مازالت توجه بوصلة الجنس في ظلماء نفسي، إعتادت خالتي التَاية أن ترسلني إلى المِطحنة عند الصباح الباكر، قبل الذهاب إلى المدرسة، لكي أوصل جردل العيش إلى هناك ثم أعود لأخذه في نهاية اليوم وأنا عائد من المدرسة، أي بعد أن يتم طحنه حيث تقوم بإعداده لصنع كِسرَة يوم غد، التي تبيعها في السوق الكبير، صاحبة المطحنة امرأة شابة ليس لديها أطفال، يعمل زوجها في سوق الخضار، وكعادته لا يعود إلا عند المغرب، وهي سيدة معروفة في مجتمع المراهقين بصورة جيدة وكل واحد منهم له معها قِصة، ربما أغرب من قصتها معي، ولكن ربما الشئ الذي يميز حكايتها معي؛ هي أنها كانت تضربني ضرباً مبرحاً، لا أدري لماذا في ذلك الوقت، ولكني فهمت فيما بعد بعض الشئ، عندما أعود لأخذ الطحين كانت تأخذني إلى داخل المنزل عبر باب داخلي للمطحنة، وهناك تخلع ملابسها وملابسي، في أول مرة شرحت لي وأرتني إياه، وخفت خوفاً حقيقياً عندما رأيته لأول مرة، كان لا يشبه كل التصورات التي رسمتها له و أصحابي، كن نظن أنه شيئاً جميلاً، جذاباً مثل الوردة، ولكن هذا الشيء الذي أمامي شيئاً آخر، إنه أشبه بفأر كبير على ظهره شعر أسود مرعب،له فم كبير وربما أسنان أيضاً، بل له رائحةٌ كريهة،لا أدري كيف خُدعنا به طوال تلك السنوات، فلم آلفه أبداً،ولكنها بخبرة المرأة المجربة التي تعرف كيف تُثير، أذالت مخاوفي، ثم عرفتُ كل شئ، أو ما ظننت أنه كل شيء، ولكنها كانت تطلب مني غير الإيلاج أن أقذف، بالأحرى كانت تأمرني قائلة:
. بُول … بُول..... بُول -
وأنا لا أعرف كيف أبُول هناك، وليس لدي بُول في مثانتي، فكنت أقول لها ذلك فتغضب فتضربني قائلة:
. بُول، بُول الرُجال، إنتَ مَاكْ راجل-
ولم أعرف بُول الرجال هذا إلا بعد سنوات كثيرة، عندما جاءتني في الحلم هي ذاتها عارية، وبحلق فيّ فأرها المتوحش ، وضربتني عندما اشتد بها الشبق.
. بُووووووووول-
فبللت ملابسي بسائل دافئ، له رائحة اللالوب الذي كنت أكثر من أكله في تلك الأيام، خرج البُول في لذة و ألم مُدهشين. ثم لم أبل في سيدة بالفعل أبداً، حيث لم تتح لي فُرصة لذلك، أو أنني كنت خجولاً أمام النساء، ولم تصادفني من هي في جُرأة تلك المرأة، أو لست أدري ما هي حكايتي بالضبط، كل ما امتحنت به جسدي، كانت لمسات أخت صديقي الدافئة البريئة، إذن بعد خمسة وثلاثين عاماً هائنزا وجهاً لوجه مع امرأة، ولأول مرة في حياتي: امرأة فعلية مجربة وخبيرة وأنا رجل كبير في السن راشد وبالغ ولا خبرة لي في النساء، ولا أدري كيف فَهِمَتْ ألم قِشي ذلك، ولكنها قامت بكل شئ بنفسها، بدءاً من لِبسِ الواقي؛ انتهاءً بالبُول، بُول الرُجَال، كانت تسحبه من أعماقي بِجُنونٍ ولذةٍ لا يوصفان.











صورة مفقودة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى