قصة ايروتيكة فاديا عيسى قراجه - رجل من جلنار

هل تكفي أغنية واحدة كي تخرّّ الحروف ساجدة فوق سجادة وصالك .. من أطلق أول موّال فيها ؟؟ من وضع لحن الشوق على سلم موسيقاها ؟؟ من باح للريح بأسرار القصب ؟ من أيقظ الأميرة بقبلة ؟؟
ربما أغنية واحدة وقفت على جبل المسرات ونفخت بالبوق, فقام الحرف من بين الأموات…
هبّت نسمة وأزاحت ستائر العيد عن فجائعي .. وصل الصوت إلى فراشي ينادي : هل من مجيب يا أهل الصحراء .. هل من مجيب يا سكان الكهوف .. هل من مجيب يا من يسكنكم البحر وتسكنونه ؟؟ هل من مجيب يا من جعلتم الجبال أوتاداً..
قمت وقد غزتْ الزوابع غرفتي .. فتحتْ حقائبي .. وحطمتْ زجاجات خمري .. طيّرتْ شراشف سريري .. غامتْ الرؤيا .. تناثر رمل الصحارى, وتمدد فوق شواطئ عيوني .. تدفق موج البحر .. زحفت الجبال .. ثم………. وقفت كعمود نور أصله في الأرض وفرعه في السماء.. كنت عالماً واسعاً .. كونًاً بأكمله .. استويت على عرشك وبدأت رحلة تيهي ..
صرخت وأنا ألجأ لصدر أمي : ما هذا أماه ؟؟ هل هذا يوم الحشر حيث لا أم ولا أب ولا أخ ؟؟
أماه إني أراه يركب الريح ويحاول فك أصابعي .. أماه القمر والشمس له عاشقان ..
هل تكفي حكاية واحدة كي تحيط بهذه الزوابع التي قلبت روحي كسفينة عجوز لا نفع حتى من أخشابها؟؟
كيف سأرتب الأحداث دون أن أتوقف طويلاً أمام اسمك ..
لاسمك عقيق الجلنار .. ولون العنب .. وغصة السفرجل .. ورقة الخوخ .. وانتعاش البرتقال .. ولسعة الليمون … وجوع الموز ..ورعشة الكرز.. وتراتيل ساقية .
قبل ألف كلمة لم أكن أميّز بين الرمان والتفاح .. كنت ألتهم الألوان بشبق امرأة تبحث عنك .. تسيل السوائل على ثيابي فأتبلل بجحيم الشهوة …… ألتهم خطوط الضوء حينما يسابق الغيمَ .. الغيمُ .. أجمع بين الضوء والظل دون أن أراعي وجع اللوحة .. أزاوج الأبيض والأسود دون شفقة على لمعان الأبنوس من جور الثلج .
بعد ألف كلمة……. وبعد أن مررت تحت قوس قزح زائف لم يوصلني إليك ..فكرت أن أكتب عنك …… كي يأتي هاو ٍ من زمن ما ويجمع رحلتي في قاموس ضخم تتداوله البلدان.. يحكي كيف أصبح صوتي رملياً .. وفحيحي رملياً .. جسدي رملي .. وخطواتي رملية .. حصل هذا في زمن رملي كنت أبحث عن شبيهي الذي أضاعني منذ ألف كلمة ..
كم قوس قزح عبرت .. وكم لون زائف رفضت وأنا في بحثي كان سلاحي روحاً مسافرة وجسداً مهاجراً.. كنت أقف على حواجز التفتيش ,أبرز صوتك الفاكهي, وصورتك العنبية واسمك المقطر بعسل الحروف .. كم رحلة شتاء وصيف أرهقت روحي وتساوت مع خف البعير المتشقق عطشاً.. كم بادية ضاجعت وأنا أظن السراب شراباً ..
حتى مررت تحت أقواس لونك .. هل تريد أن تعرف كيف قادني لونك إليك ؟؟
هو الاختلاف يا سيدي …………..
هذا المسحوق السحري الذي بذرته على طريقي .. شممت روائح مختلفة, بملمس مختلف .. ببحة مختلفة .. تراشقنا سهام المعرفة كلها ……… كلها .. ….. كلها ..لدرجة أننا استهلكنا الحياة بمربعاتها ومسنناتها .. بردها وحرّها .. جوعها .. وشبعها وكل ذلك بطرفة عين .. ..
كانت الرجفة الأولى في رحم المعرفة .. توقفت حركة جنين الوصال .. هل مات الحرف .. هل نقصه ماء الحياة كي يسبح في أحماض الأبجدية الجديدة التي كتبناها دون تخطيط مسبق ..
كنت أقبع فوق مملكتي مثل قطة لا تملك إلا مخالبها .. كنت أظن أن الحياة لن تستقيم إلا بمخالب قطة وحيدة تنام فوق عرش هرم أتعبه التكرار .. حتى قدمت أيها الملك .. وقفت تحت نافذتي .. رفعت يديك تبتهل وتصلي كي تتوحد روحي مع روحك .. كنت أريدك أن تجيّش حروفك .. كنت أحلم أن تحاصرني حروفك .
لكنني أنا من فعلت ذلك .. جيشت الأبجديات .. وأخفيتها في حصاني الورقي الذي سافر إليك .. ووقف على بابك يطلب الماء …… وحينما أحضرت عصيرك خرجت حروفي, تترادف حولك وتحاصرك بالآلاف .. وبقيت في اعتصامها حتى خطفتْ روحك إليّ …….
كنت أنت هيلينا الفاتنة التي غسلتُ قدميها بنبيذ حروفي وجففتها بقميص روحي ..مسدت فوق قدميك بأصابع لهفتي .. سكبت النبيذ .. وبدأت أرتشفه, فتصاعدت روائح طرقاتك وغربتك وعزلتك …. وجوعك .. وشبعك ..
لا تستغرب تطرف أفكاري … فأنا لا أؤمن بالوسط …
هنا تضع مواجدي أوزارها .
فيا رجل الجلنار هبني كلمة السر كي أدخل في بطن الرمان وأبني فيه قصراً من حروف .
أيها الرجل المغسول بالجلنار .. أفرد لي مكاناً قرب شجرتك.. وازرعني حبة قمح في الأرض الميتة …..
علمني كيف ينطق الرمان في مهده …..
علمني كيف تسيل السوائل من صحرائك
كي أستمد من عصيرك خلق حروفي …….. كي أكتب ملحمتي ….. كيلا يجف حبر الجلنار .


.


صورة مفقودة
  • Like
التفاعلات: Maged Elgrah

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى