قصة ايروتيكة جلال نعيم - فيفا كولومبيا..!

أقول لها : " سأتمدّد كحلم ، وأنتصب مثل فاكهة ، وخذي أنتِ كلّ ما تشتهين .. " .
عندما دخلتِ كان البار خاوياً إلا من وجهي ، وبضعُ أغان ٍ ، انتقيت ركناً أبعد من صحو الدنيا بأجمعها ، وتُهتِ تدخنين ، طنين البيرة يتعالى في رأسي ، وأنا أتابع حدسكِ للمكان ، للطاولات والناس ، مُبتهجة كانت عيناكِ ، وهما تستدركان ذكرى لم أعرفها ، وما عادَ لكِ مُتّسعُ لروايتها..
" غامض هو العالم " أقول لنفسي " مليء بأشيائنا التي لا تدرك .."النادلة الكنديّة تُحضر لي كأساً آخر ، أشكرها وأدخّن :
" كثيراً ما تأتي في مثل هذا الوقت .."
تقول مُتطوّعة / أعني قبل أن أسألها كعادتي / مُشيرة إليكِ .. هناك حيث تجلسين وحيدة ، تدخّنين ، وتطلبين مارتيني بطعم التفّاح ..
"لا أعرف إن كانت تحبّ العراقيّين ؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍! "

تلقي النادلة جُملتها الأخيرة وتضحك ، تمضي إلى مائدة أخرى ، أتبّسم في سرّي ، أترك كأسي وعلبة سكائري وأمضي إلى المرأة ، إليكِ ، هناك :
" أهو حلم آخر .. ؟ " أقول فتسأليني مُعتذرة
" أقصد أن آتي من آخره الدنيا .. كي التقيكِ .. ؟ .. أليس هو حلماً آخر .. ؟ ‍!"
" فيرونيكا"
وتمدّ يدها مصافِحة .. أُعرّفها بنفسي و ببلادي ، تقول :
" ما دمت من العراق ، فهو بالتأكيد حلماً آخر .. ! "
تضحك وأضحك ونضحك ..
"أنا من كولومبيا .. أقصد لي أكثر من عشرين عاماً هنا .. ولكنّي ما زلت من هناك !" قالت ..
قلتُ / أو يُخيّل إليّ الآن بأنني قلتُ :
" ماركيز والحشيش .. "
"والكثير من وجع الرأس أيضاً .."
" كنت أظنّ كلّ نساء كولومبيا "ريميديوس"، وكل رجالها أركاديو بونيديّا !"
تضحك .. " هنالك فيرونيكات أيضاً "
"ولكن بلا ملاءاتٍ بيضاء .. رجاء ! "
" هي محض حُلم .. "
"تقصدين مثلكِ ..حلماً آخر .. ! "
"أقصد أنتم الحالمون .. "
"أنه ثروتنا الأولى .. ما قبل النفط .. وما بعده .. أوو ..ه .."
أهتف بانتعاش وأنا أستمع إلى أغنيتي المفضلة:
" شاده.. أحب هذه الأغنية ،ترقصين ؟ "
نرقص ، قلبي يهبط مع مرتفعاتها ، تتوالى كؤوس البيرة والمارتيني وأنا أردّد بإسبانية خجلة :" مثير .. " .. " جميل .. " .. " مغرٍ .. "
أقبّل حلمتها اليسرى في سيّارتي :
" واوووو .. فيفا كولومبيا .. ! " أهتف .. تضحك .. أقبّلها ..
" لديّ يوم عمل غداً ..عليّ أن أستيقظ مبكراً " تقول لي .. أجيبها مُتابعاً مسير أصابعها نحو لوعتي ..
"عليّ الذهاب إلى جهنم فوراً ..! "
تقبض على روحي .. تهتف " فيفا إيراك .. ! "
نضحك حتى أتمدّد على أريكة ، وتلتهبُ فيّ فاكهة ما قبل الخليقة ، تتسلّلين على قلبي مثل هرّة ، تبرك ، تتنهّد ، أهمسُ لكِ بقدسيّة عوالمنا السفلية ، خذيني وتذكري أصابعكِ تُداعبان سيلانات الرعب فيّ وفيه ، تذكّري طعم شفتيكِ إذ تقبّلان نبض الأيام ، تذكّري وجهكِ ، لهفة أنفاسكِ ، فمكِ .. تذكّري حريق الآلهة و اشتعال الأنثى ، تذكّري سعير الروح ..
"حلماً آخر .. أم محض احتراق ! "
تذكّري اختراق المعنى وانطباق المسافة ،
تذكّري أنفاق العزلة
ودهشة الصهيل
تذكّري غيمه الأصابع إذ تنطبقان .. هناك
أو هنا
"فيفا فيرونيكا ! "
مرّغي وجهكِ ،
سيلي على رقبتي مثل عسلٍ قديم
و تذكّري .. تذكّري الأصيل وشهقة النوارس
إذ تغنّي
أو تنفجر بالتحليق ..
خذيني، اهزجي على جسدي مثل عرس
تيهي معي ،
فيّ ،
اصرخي بلذّة مُعتّقة
امتصي هوسي
اعراسي وغربتي
عانقي معي
بهجة المستحيل..
ليس في الغربات مسافة " فيرونيكا ".. سواء كان ذلك في عمّان أو كولومبيا أو أريزونا أو حتّى هنا في لوس أنجلس حيث الأيّام تمضي كنهر ، وكذلك الأماكن والوجوه / و ربّما أقصد وجهكِ /.. وكأنها ما كانت أبداً .. وكأنّكِ ما كنتِ بذاك التوهّج هنا قبل ساعات .. هكذا ، أيقظكِ صباح آخر لتلملمي بعثرة أشياءك وتهرعين إلى لا مكان ، هكذا تغيبين مثل أكوانٍ أخرى ، هائلة و بعيدةٍ.. ومثلها تصرخين ونتلوّى .. و مثل فاكهةٍ أخرى ، حيث أتمدّد على الحلم كأريكة ، وتأتي النادلة بالتفّاح بطعم ألمارتيني ، وتشيرُ إليكِ وتبتسم ولا تهمس بشيء ، و أمضي إليكِ ، ثمّ أقبّلكِ ونضحك ، وأصرخ ( فيفا غواتيمالا ! ) ونضحك .. دون أن تعرفين بأنّي / بأنّكِ حلماً آخر حيث المدينة تمضي مثل نهر والأكوان تأتي لتبتعد وتغيب لتذرونا في رائحة التفّاح و طعم البيرة وأريكة تتمدّد كحلم ..




*تحيا كولومبيا .. بالإسبانية
* عن موقع ألف لحرية الكشف في

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى