قصة ايروتيكة عبدالنبي فرج - الحرِّيق

وجلس على الكرسي واستغرق في عالمه والآخرون يحملونه على محفة، ويدخلون به في قلب الحائط، وأنا من شدة خوفي نظراتي تلاشت حتى أنني لم أر الراقصة إلا بعد فترة طويلة من رقصها، وهي تهتز بعنف على وقع الموسيقى الوحشي.. وتساءلت: من أين تخرج كل هذه الموسيقى الوحشية.. وكيف تدمر الحب هكذا.. أريد أن أنسى كل هذا.. سحبت عصا من جواري كانت لرجل يشرب خمرة، ظهره تجاهي.. وتقدمت مخترمًا المعازيم الذين تكاثروا بصورة أربكتني وجعلتني أقف على مشط رجلي؛ لكي أرى ورك الراقصة المطل. أين الفرقة الموسيقية؟.. صعدت خشبة المسرح..
سمع هوووس.. وأخرجت الورق الأخضر.. الحبايب، ذئاب الجبل، أبو دومة، أهل أسيوط، أرجل ناس الفلاحين، أهلي، الحاج صابر عواد، الحاج محمد طارق، أبو رشا. أطوح العصا في الهواء، وأرم على الراقصة الورق الأخضر، أغرس الفلوس ما بين ثدييها، أترك لجسدي الانسجام مع الموسيقى، والمطرب الذي خرج لا أعرف من أين خرج بصوت مبحوح، ضعيف، في هوس المحب
معادش حاجة تهمني ولا ريح عفية تهزنـي
لا عنيد ولا مغرور ولا أحب أكون مجبور
***
جـوايا صـوت مجروح يصـرخ ولا المذبــوح
ويقولـي يا إنســان إوعاك تخاف على الروح
نزلت من على المسرح، والراقصة تتبعني، وأنا في غاية الانتشاء، وتصورت حياتي التي عشتها قبضة ريح، وأن الإنسان من غير ورث في هذه الدنيا الشرموطة ضائع لا محال، حرِّيق يا أخي أحة.. عمر مع زوجة شبه الكلبة، وأسوار مصنع لصهر الطوب الأحمر، وأنا الواقف كل يوم شاعرًا باليتم والضياع.. أنا الواقف في نفق بين صحبة لا أعرفها، ولكن أشعر حيالهم بالأمان، ماذا لو خيرت بين البيت والأمان والأولاد والحياة الشريفة الكريمة الذي حاولت أن أبنيه طوال عمري؟ ماذا أختار، وأن أكون صبي عَلْمَة، ترقص في الموالد والأفراح. أنا الذي بلا عائلة، يتيم، ساقط، مكبل بخوف دائم من الآخرين والمكان، خائف من الأحجار والترعة والحلفة، خائف من الأرض التي تحت قدمي من أن يكون كثبات ويسحبني إلى هاوية، تكتم على نفسي حتى أموت، أو تتبعني الرياح وتضرب فيّ حتى تدمرني وتتركني في العراء نهبًا للكلاب والحشرات.
خراء، أرمي وراء ظهرك كل هذا الهراء.. يبقى وقتًا طويلاً، يجب أن أعيشه كما أريد واد برمجي عترة، عينه في قلب رأسه، يجيب الفلوس من هبوب الريح.
تحررت وبدأت أرقص وسط الصحبة، التف الناس حولي، أنا الذي كنت خائفًا منهم، حتى اقتربت من الراقصة، وسحبت مني العصا ووضعتها على قلبي وأوقفتني بحزم
شرفت المكان
أنا الذي تشرفت بالمعرفة.. معرفة الناس الكويسين كنوز.
للمكان شروط
على رقبتي
السر
في بير
والخائن
عليه ربنا
ضحكت في مودة، وسحبت العصا من بيننا، واقتربت مني حتى أن لهب نفسها كاد أن يخدرني.. كانت جميلة حتى أنني لم أسمع من كلامها شيئًا حتى قالت بحزم: الخائن له ده.
تراجعت إلى الوراء بعد أن رأيت في يديها مطواة بسوستة، خرجت على القلب مباشرة..
يابا
الأمان، خد راحتك
جلست في حلقة وركنت زجاجات الخمر، وسحبت الجوزة، وشربت حتى باتت الدنيا خراء، وأنني ميت وفي الجنة..
وعندما أحسست بالجوع قدم لي الطعام، لحوم، أسماك، رز، حلويات، أخذت آكل وأحشي في بطني حتى كادت أن تتفزر، وكتمت نفسي، ووجدت صعوبة في إخراج النفس، فسحبت مرة أخرى زجاجة خمر حتى أهضم الأكل الذي آكلته والمغني يغنى:
ولا مـوج يخطي لحـد شــطي
يترع جــذوره يهـــــدني
يجري مهما يكون ما أنا صريح اللوم
والدنيا لو بركان الصعب فيها يهون
تخففت من العوائق، ونسيت الأموات والأحياء، وبدأت مع المطرب، ثم أخذت للحاضرين.. أنني أحب الجنس، ولكني عاجز، كما اقتربت من زوجة أجد روحها عتمة، روح حلوفة، وأنا عارف أني لو غيرت الكلبة سيخرج الفحل الذي بداخلي.. وأنني غير قادر على الزواج مرة أخرى، وكلما فكرت في الحرام ظهرت صورة أولادي أمامي، وأنا أعلم أنه كله سلف ودين.. تركت الصبية -التي كانت تحضر لي الطعام- الآخرين واقتربت مني، ثم نزعت ملاءة سوداء، وبدت في ملاءة أخرى شفافة، تظهر ثديها وجسمها ووركها، ابتسمت لها وأنا فاتح فاهي، سحبت رجلي عرتني ومسكت عضوي وأخذت تدلكه وتضعه على ثديها حتى دب فيه حرارة.. ثم أخذت تمص فيه استحلابًا حتى انتصب، لم أعد قادرًا، قمت وخلعت جلبابي، ورميتها على ظهرها وركبت فوقها في قوة وجبروت، أقبل فيها وأنا في غاية النشوة والعذاب، ألم أتوق إليه من مدة طويلة، حتى غمرني ضوء قوي، أخرجني من حالتي فتحت عيني، وجدتني راكدًا على بطني على الأرض، عارٍ، وجهي مصفر بالتراب وبفمي تراب، قمت وجدت زوجتي أمامي، وأنا خائف من وجودها المفاجئ، تنبح كالكلبة مسعورة ورذاذها يتناثر على وجهي، ضربت يدها الممسكة بيدي، وابتعدت عنها بمسافة بعيدة، وأخرجت من جيبي الفلوس ومددت لها يدي
خذي، خذي الفلوس، واكتبي بلاغ، أنا عايزك تخربي بيته ابن ديك الكلب
صرخت في وجهي.. أنا مش عايزة أكتب بلاغ، أنا عايزة واحد يحميني
بدأت أفقد السيطرة على انفعالاتي، وأخذت أتوجه بالكلام نحو الجمهور الذي بدا متجاوبًا معي، ثم نظرت إلى زوجتي لم أجدها، التفت إلى الجمهور؛ ليفسر لي الأمر، لم أجد أحدًا.
فقط فراغ وأنا وحدي في كهف أسطواني مغمور بالظلام التام، شعرت ساعتها بالتعاسة، وأنني ضعيف وهش بشكل مزر.
أخذت أنهار على نفسي في المكان حتى تكومت وغطيت وجهي بيدي لعلي أصل إلى حل، أو أرمم ذاتي المهترأة حد الجنون.


.
صورة مفقودة
  • Like
التفاعلات: 2 أشخاص

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى