قصة ايروتيكة عبدالكريم الساعدي - عادة علنية

في إحدى محطات الغربة رأيتك تحلم، ورأيت اللوحة المعلّقة على أحد جدرانها تحدّق في عينيك، تمسح دمعة قبل أن تحرث خدك الموشى بتجاعيد الحرمان، وعلى فوديك بياض صامت، يحكي ليلك الطويل، تطيل النظر إلى امرأة عارية، يخال إليك أنّها ذات المرأة التي راودتك في زقاق معتم في الميدان، ربما هي وسادتك الرثة، أو حائط فندق بغداد الذي التصقت به حدّ الجنون، وربما...
يدفعك طوفان رغبة لتكون جزأ من اللوحة، أنفاسك اللاهثة تحرك خصلات شعرها، تتمايل على إيقاع أمانيك، تتسع حدقتا عينيك، يحتويك عالم آخر، تصحو على نداء سحري يشبه النغم:
- إلى أين تمضي وقد أتعب التجوال خطاك؟ أ ما تترجل من صهوة التسكع لتبلغ مجمع اللذة؟
تمدّ يدها، تلمس كتفك، تفزّ مدهوشاً، لم يكن في المحطة غيرك، تحدّق في اللوحة، تغمزك بطرف عينها، امرأة تضيء مفاتنها ظلمة الفراغ، ممهورة بالغنج، تزرّ قميصك المفتوق، تعدّل هيأتك، تنسى حوت عوالم التيه، تختبئ خلف ابتسامة شاحبة، تقف بخشوع؛ لتمارس طقسك المقدّس، هي تكتم ضحكتها، تدعوك لمائدة ليلها، تجلس على عشب ندي، قرب شجرة شامخة على ضفة نهر ساكن، وأنت واقف، مبهور بفتنتها، يصفعك عطرها، دلالها، أنفاسها الساخنة تسجر تنور ميقاتك، وجيب قلبك يزداد، ما زالت نظراتك معلّقة بين النهر وعشب جسدها المتوهج بالإغواء، يهزّك صهيل النهدين، ترجرج أردافها، أرى خيولك تجمح في ظلّ رغبة قديمة:
- أنظريني ماءً لعطشك، فأنا ينبوع متدفق.
تتعانقان بلهفة العائد من سفر طويل، تستلقيان على العشب الندي، تتوسد يمينك، تند آهة من شفتيها الطريتين، تتغطيان بالعري، أنت تغفو على تضاريس جسد باذخ بالثورة، هي تفتح خزائن مملكتها، تمنحك جنونها، ارتعاد يسري في مفاصلك، تتناسل عيناك رغبة جامحة لاكتشاف خرائطها الغامضة بالتفاصيل، فحيح الجسد يقطّع أنفاسك، صرخات الأمس تمزّق رداء غرائز الليل، تسري بجيشك الغازي، تعبر أسلاك الحواس الشائكة، في المساء تدّق أوتاد خيمتك في وادٍ ضيق، يقع بين جبلين من مرمر، في الهزيع الأخير من الليل تنزلق إلى أرض الحرام، تكمن لهدفك في قعر السرة، تباغته من زاوية منفرجة، تفتح مدناً تبرق بطقوس غجرية، تغرز رمحك في رحاها، تتفجر ينابيعها العميقة، وقبل أن تفكّ طلاسمها و تقيم مراسيم نصرك كما تريد، يفاجئك برق بازغ من أفق رعشتها التترية، يتفجّر أمطاراً تحت ثيابك البالية، غشاوة تحتلّ عينيك، تنعدم الرؤية، تغيب في أفق اللذة، يرتخي جسدك، ويدك لمّا تزل معلّقة بين فخذيك، تغرق في موجة هذيان في ظلّ صمت يطبق على المكان، تأخذ سبيلك إلى بحر عينيها الناعستين، تلمح دمعك المختبئ خلف كحل مراياها، تضمك بين ذراعيها؛ فتذوب كما الشمع تحت قبة حلم لم تدركه بعد.



matisse_nu_rose.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى