قصة ايروتيكة فاديا عيسى قراجه - كتاب العشق

خرج القائم مقام بعد منتصف الليلة القمراء متنكراً كعادته، دلف إلى دهليز الجواري وتحصّن بين بابين ضيقين، يحرسه عبده تيمور.. يكش ذباب المتطفلين ويعتبر المنطقة محرّمة على العامة .. ألصق القائم مقام أذنه وخده الحار بالجدار فتسربت كلمات تلك الشمطاء، عارية متأوهة أشعلت الحرائق في ثيابه ..مسح قطرات باردة ًنفرت على جبينه كالثآليل. فحّ صوت كبيرة الجواري: - يبدأ العشق يا بناتي من العين، ثم الأنف، ويتدحرج حول الفم ككتلة من السكر الأبيض فالعين ترشق، والأنف يمزج، والفم يرشف ..هذه يا صغيراتي مرحلة الرسم، فالمزج والرشق والدفق لا تساوي عند مولاكم شروى نقير ما لم تتبعها مرحلة النحت، وفي هذه المرحلة سيتملى سيدكم تفاصيل يجب أن تكون منحوتة بالمرمر، مرشوشة بالعنبر، مكسوة وعارية بالشفيف، الرهيف، الخفيف .. لم يكن القائم مقام يعلم ما جرى بين الصهباء و كبيرة جواريه، فجأة علا صوت الصهباء مرفقاً بالصفعات التي بدأت ترددها الجدران، وتدحرجها السراديب.. فالجارية تتغنى بجمال معشوقيها، وتؤلف القصص مختارة أكثر التعابير مجوناً وعربدة، تحشوها في آذان القيان الصغيرات اللواتي يتلمظن بشبق أمام المشاهد المرسومة بدقة وإتقان وخصوصاً زبرجدة تلك الرومية الشقراء التي احمرت أذناها، وانتفخت فتحتا أنفها، وارتجفت شفتاها الورديتان .. خرج حارس الدولة وقد نفد صبره من معتزله يحف ثوبه الحريري مصدراً صوتاً مبحوحاً كصوت أساور العروس ..نقل نظره بين ابنة عمه وكبيرة الجواري .. ضرب صولجانه بالأرض فركعت الجاريات وقد شفت ثيابهن كاشفات عن ظهور ملساء، وإليات مضمومات، نافرات.... نظرت الصهباء نحو ابن عمها بقرف ثم غادرت المكان والغضب يتراشق من عينيها كالسهام .... صفّق القائم مقام بأطراف أصابعه فتطايرت الجواري تاركات المكان كفراشات ملونات بألوان الحياة كلها,صاح بوجه كبيرة الجواري: توقفي ركعت العجوز بين يديه وقلبها يرتجف هلعاً, أشار إليها، فهرولت سنواتها التسعون وراء مولاها، وهي تتفرس العقوبة التي تستحقها ,فقد انتقلت عادات النعمان إلى رجاله الرابضين على الثغور وهي لا تدري أهو، أي القائم مقام في يوم سعده أم نحسه ؟ وقفت العجوز على باب القائد الشاب، لم تنتظر طويلاً حتى ساقها إليه العبد الأسود تيمور، كم كانت تأتي إلى أماكن مشابهة لهذا المكان في زمان كان شبابها يتمرغ على أرائك من حرير أحمر وأخضر وأزرق، كم رشت العطور الحارة على أسرّة لا تنقصها سوى الأجنحة كي تطير من رهافتها وخفتها، كم غسلوا أقدامها بالخمر النبيذ، كم دلكت ظهوراً خشنة وناعمة بمسك العنبر.. لقد نسيت الأسماء لكنها تحفظ عن ظهر قلب مواطن جمال ورجولة كل من مرّ عليها .. وتعددها بتفاخر وشوق أمام جواريها المتدربات لديها ولا تبخل بنصائح كانت لها عوناً في يوم غابر .. كتاب الأغاني وقال لها علميني من لدنك سر الأنوثة تلك الخلطة السماوية حيث يقابل الجحيم جحيمه بإذن من ربهما، وسيعبرهما الخلق مشدوهين ولن يتركوهما ففي احتراقهما لذة يُقتلون ويَقتلون في سبيل الحصول عليها وهم طائعون.. صفقت بيدين من خشب ومرمر ,فخرجت القيان، يضربن الزق والمزهر، تثنت أعطافهن، تلوت خصورهن فعنّ له البكاء وحضرته الدموع فصاح: أريد أمي اللحظة انتشرت في الأصقاع رائحة لا مثلها بين الروائح تجمع بين الخشب والعنبر والصنوبر ازداد صوت الغناء علواً وعتواً، هاجت أسارير نفسه وحاول أن يغادر كي يهدئ براكين ابنة عمه، لكنه قرر قبل قليل أن يبقى بين جواريه ليشنف آذانه على ضرب الكفوف على الدفوف، وتمايل الأرداف وتثني الخصور لذوات الخدور ربيبات قصره الأملودات، صانعات الدهشة والفرح .. وفي لحظات الشروق حيث سيصبح رجلاً كباقي رجال الأرض خفة ودعة قالت له: - علمني من أسرار الرجولة الباذخة، علمني كيف يتقابل بابي الجحيم والنعيم لتنبثق منهما الحياة .., علمني كيف تعبر الرجولة الحجاب دون أن يمسسها الضرر، وتلتقي بأنوثتها عن بعد آلاف المسافات، وهناك ستمسك الرجولة بناصية الفاعل والمفعول، تتبادلها بسحر منقطع النظير مع أنوثة أرق من النسيم ... اقترب منها وصفق بيدين من ماء ونار، فخرج جمهرة من العبيد داروا عدة دورات أطلقوا روائح تقطع نياط القلب، حملوا بين أيديهم خوابي الحياة، دلقوها على
أقدام القيان، فقفزن من على الأرض، يغسل السائل الناري أجسادهن الطرية، فاختلط الحابل بنابل الأشواق واختارت كل جارية عبداً وفار المكان بالرعشات، وفُتح البابان على مصراعيهما، وغرف الرجال لحظات الشروق العظمى، فتجلوا حتى أصبحوا بأبهى الصور.. هب القائم مقام من مكانه بعد أن فار منه البئر، ذهب يحمل وصايا العجوز ليطبقها على ابنة عمه التي تثور براكين حرمانها منذ أن اعتلى زوجها عرش المجد كتاب آلاف الليلات الليلة الأولى وقالت لي يا صهباء: أن الفراديس تسكننا ونسكنها. تعالي نبحث عنها، وإن خانتنا الذاكرة ها هو كتاب جمعه أكبر الشّعار وأذكى العلماء، سيكون بوصلتنا إن أخطأنا الاتجاه..هنا ستتربعين يا صهباء القلب وتقلبين كتاب العشق وفي كل يوم ستحكي، وتحكي حتى تزقزق طيور الوجد، من هنا ستُخرجين ماردي من مصباحه، وتدلينه على فراديسك، ومن هنا ستدخلين ملكوتي الكبير، من هنا سأدخل أرخبيلك، و لن تأخذي وقتاً طويلاً حتى تتقنين فنون الرشق والمزج والدفق، وستأخذين بيدي إلى مرحلة النحت، ثم الحفر، ثم الغرس . خواتيم الحكي قالت له: أنت فردوسي يا ابن عمي وقال لها : أنت فردوسي يا ابنة عمي وقالا: نحن الحكي، نحن الصمت، نحن شياطين وفراديس العشق والغرام، نحن الفاعل والمفعول، نحن الأفعال الناقصة والكاملة والمركبة، نحن هذا الكون، نحن الحياة . قال لها: أنا أنت . قالت له: وأنت أنا .


.

صورة مفقودة

abdelbasset bendahman

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى