قصة ايروتيكة ألف ليلة وليلة - حكاية نعم ونعمة

قال بهرام: ذكروا الله، اعلم أنه كان بمدينة الكوفة رجل من وجهاء أهلها، يقال له الربيع بن حاتم وكان كثير المال مرفه الحال، وكان قد رزق ولداً فسماه نعمة الله فبينما هو ذات يوم بدكة النخاسين إذ نظر جارية تعرض للبيع وعلى يدها وصيفة صغيرة بديعة في الحسن والجمال فأشار الربيع إلى النخاس وقال له: بكم هذه الجارية وابنتها؟ فقال: بخمسين ديناراً، فقال الربيع: اكتب العهد وخذ المال وسلمه لمولاها، ثم دفع للنخاس ثمن الجارية وأعطاه دلالته وتسلم الجارية وابنتها ومضى بهما إلى بيته، فلما نظرت ابنة عمه إلى الجارية قالت له: يا ابن العم ما هذه الجارية؟ قال: اشتريتها رغبة في هذه الصغيرة التي على يديها واعلمي أنها إذا كبرت ما يكون في بلاد العرب والعجم مثلها أو أجمل منها، فقالت لها ابنة عمه: ما اسمك يا جارية؟ فقالت: يا سيدتي اسمي توفيق، قالت: وما اسم ابنتك؟ قالت: سعد، قالت: صدقت، لقد سعدت وسعد من اشتراك، ثم قالت: يا ابن عمي ما تسميها؟ قال: ما تختارينه أنت، قالت: نسميها نعم، قال الربيع: لا بأس بذلك، ثم إن الصغيرة نعم تربت مع نعمة بن الربيع في مهد واحد إلى حين بلغا من العمر عشر سنين وكان كل شخص منهما أحسن من صاحبه وصار الغلام يقول لها: يا أختي وهي تقول له: يا أخي.

ثم أقبل الربيع على ولده نعمة حين بلغا هذا السن وقال له: يا ولدي ليست نعم أختك بل هي جاريتك وقد اشتريتها على اسمك وأنت في المهد فلا تدعها بأختك من هذا اليوم، قال نعمة لأبيه: فإذا كان كذلك فأنا أتزوجها، ثم إنه دخل على والدته وأعلمها بذلك فقالت: يا ولدي هي جاريتك فدخل نعمة بتلك الجارية وأحبها ومضى عليهما تسع سنين وهما على تلك الحالة ولم يكن بالكوفة جارية أحسن من نعم ولا احلى ولا أظرف منها وقد كبرت وقرأت القرآن وعرفت أنواع اللعب والآلات وبرعت في المغنى، وآلات الملاهي حتى إنها فاقت جميع أهل عصرها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.



.../...

rama.jpg

تعليقات

وفي الليلة الحادية والثلاثين بعد المئتين قالت: بلغني أيها الملك السعيد بأن نعم فاقت أهل عصرها، وبينما هي جالسة ذات يوم من الأيام مع زوجها نعمة بن الربيع في مجلس الشراب وقد أخذت العود وشدت أوتاره وأنشدت هذين البيتين:

إذا كنت لي مولي أعيش بفضله = وسيفاً به أفني رقاب النـوائب
فما لي إلى زيد وعمرو شفاعة = سواك إذا ضاقت علي مذاهبي

فطرب نعمة طرباً عظيماً ثم قال لها: بحياتي يا نعم أن تغني لنا على الدف وآلات الطرب فأطربت نعم بالنغمات وغنت بهذه الأبيات:

وحياة من ملست يداه قيادي = لأخالفن على الهوى حسادي
ولأعصين عواذلي وأطيعكم = ولأهجرن تلذذي ورقـادي
ولأجعلن لكم بأكناف الحشـا = قبراً ولم يشعر بذاك فؤادي

فقال الغلام: لله درك يا نعم، فبينما هما في أطيب عيش وإذا بالحجاج في دار نيابته يقول لا بد لي أن أحتال على أخذ هذه الجارية التي اسمها نعم وأرسلها إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان لأنه لا يوجد في قصره مثلها ولا أطيب من غنائها، ثم إنه استدعى بعجوز قهرمانة وقال لها: امضي إلى دار الربيع واجتمعي بالجارية نعم وتسببي في أخذها لأنه لم يوجد على وجه الأرض مثلها، فقبلت العجوز من الحجاج ما قاله ولما أصبحت لبست أثوابها الصوف وحطت في رقبتها سبحة عدد حباتها ألوف. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


.../...
 
وفي الليلة الرابعة والسبعين بعد المئتين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العجوز قبلت ما قاله الحجاج، ولما أصبحت لبست أثوابها الصوف وحطت في رقبتها سبحة عدد حباتها ألوف وأخذت بيدها عكازاً وركوة يمانية وسارت وهي تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولم تزل في تسبيح وابتهال وقلبها ملآن بالمكر والإحتيال حتى وصلت إلى دار نعمة بن الربيع عند صلاة الظهر فقرعت الباب ففتح لها البواب وقال: ما تريدين؟ قالت: أنا فقيرة من العابدات وادركتني صلاة الظهر وأريد أن أصلي في هذا المكان المبارك، فقال لها البواب: يا عجوز إن هذه دار نعمة بن الربيع وليست بجامع ولا مسجد. فقالت: أنا أعرف أنه لا جامع ولا مسجد مثل دار نعمة بن الربيع وأنا قهرمانة من قصر أمير المؤمنين خرجت طالبة العبادة والسياحة، فقال لها البواب: لا أمكنك من أن تدخلي وكثر بينهما الكلام فتعلقت به العجوز وقالت له: هل يمنع مثلي من دخول دار نعمة بن الربيع وأنا أعبر إلى ديار الأمراء والأكابر؟ فخرج نعمة وسمع كلامها فضحك وامرها أن تدخل خلفه، فدخل نعمة وسارت العجوز خلفه حتى دخل بها على نعم فسلمت عليها العجوز بأحسن سلام، ولما نظرت إلى نعم تعجبت من فرط جمالها ثم قالت لها: يا سيدتي أعذك بالله الذي آلف بينك وبين مولاك في الحسن والجمال، ثم انتصبت العجوز في المحراب وأقبلت على الركوع والسجود والدعاء إلى أن مضى النهار وأقبل الليل بالإعتكار، فقالت الجارية: يا امي أريحي قدميك ساعة ن فقالت العجوز: يا سيدتي من طلب الآخرة أتعب نفسه في الدنيا ومن لم يتعب نفسه في الدنيا لم ينل منازل الأبرار في الآخرة، ثم إن نعم قدمت الطعام للعجوز وقالت لها: كلي من طعامي وادعي لي بالتوبة والرحمة، فقالت العجوز: يا سيدتي إني صائمة وأما أنت فصبية يصلح لك الأكل والشرب والطرب والله يتوب عليك وقد قال الله تعالى: (إلا من تاب وعمل عملاً صالحاً)، ولم تزل الجارية جالسة مع العجوز ساعة تحدثها ثم قالت لسيدها: يا سيدي احلف على هذه العجوز أن تقيم عندنا مدة فإن على وجهها أثر العبادة فقال: اخلي لها مجلساً للعبادة ولا تخلي أحداً يدخل عليها فلعل الله سبحانه وتعالى نفعنا ببركتها ولا يفرق بيننا، ثم باتت العجوز ليلتها تصلي وتقرأ إلى الصباح.

فلما أصبح الصباح جاءت إلى نعمة ونعم وصبحت عليهما وقالت لهما: أستودعكما الله فقالت لها نعم: إلى أين تمضين يا أمي وقد أمرني سيدي أن أخلي لك مجلساً تعتكفين فيه للعبادة؟ فقالت العجوز: الله يبقيكما ويديم نعمته عليكما ولكن أريد أن توصوا البواب أن لا يمنعني من الدخول إليكما وإن شاء الله تعالى أدور في الأماكن الطاهرة وأدعو لكما عقب الصلاة والعبادة في كل يوم وليلة.

ثم خرجت من الدار والجارية نعم تبكي على فراقها وما تعلم السبب الذي أتت إليها من أجله، ثم إن العجوز توجهت إلى إلى الحجاج فقال لها: ما وراءك؟ فقالت له: إني نظرت إلى الجارية فرأيتها لم تلد النساء أحسن في زمانها، فقال لها الحجاج: إن فعلت ما أمرتك به يصل إليك مني خير جزيل، فقالت له: أريد منك المهلة شهراً كاملاً، فقال لها: أمهلتك شهر، ثم إن العجوز جعلت تتردد إلى دار نعمة وجاريته نعم.

و أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
 
أعلى