ميسون أسدي - حمالة الدلع

النهد زيّ الفهد نط اندلع
قلبي إنهبش بين الضلوع وانخلع
يلـّي نهيت البنت عن فعلها
قول للطبيعة كمان تبطل دلع..
وعجبي (صلاح جاهين)

مر أسبوع كامل وهيفاء حائرة، لا تدري كيف تطلب من والدها هذا المبلغ دون التعرض للإحراج.. نسقت بعض الجمل وأعادت ترتيبها مرارا ثم ألغتها، ورتبت جملاً جديدة وألغتها، كانت تفكر كل الوقت في كيفية الطلب.. فجأة، وهي عائدة إلى البيت، شاهدت والدها خارجا من البيت ويقف على باب المدخل، فضحك لها وحياها وبدون أي مقدمات قالت له: أبي..

-نعم..

-أعطني بعض المال..

-لماذا؟

-أريد أن أشتري شيئا ما!

-ما هو؟

-لا استطيع أخبارك..

-لماذا؟!

-سأشتري شيئًا.. يخص الفتيات..

فهم الوالد ما ترمي إليه ولكنه أراد أن يسمعها تقول بنفسها ما تريد ويضحك معها ويستفزها قليلا:

-لن أعطيك، إلا إذا قلت لي ما هو هذا الشيء!

-كفى يا أبي.. لا تكثر الكلام.. أعطني بعض المال وخلص..

-هيـّا أخبري أباك.. ماذا تريدين أن تشتري؟

صمتت هيفاء... طأطأت رأسها وقالت بصوت خجول يخالطه الضحك:أريد أن اشتري صدرية (*)

-آه.. فهمت صدرية.. ثم أضاف: مش بكير عليك لبس الصدرية، فما زال صدرك صغيرا!

-أبي، أبي.. لا تتحدث إليّ هكذا.. هذا ليس شأنك.. أعطني المال فقط..

ربت الوالد على كتفها ومسد شعرها، وضحك بصوت عال ومد يده إلى جيبه وتناول بعض المال وأعطاها ثمن الصدرية وأضاف مبلغًا آخر حلاوة الصدرية الأولى.

جرت هيفاء إلى حانوت أم سليم مسرعة، وهو الحانوت الوحيد في القرية ويوجد فيه كل شيء، رغم ضيق مساحته، ملابس أطفال ورجال ونساء وأحذية، كتب ودفاتر مدرسية وقصص متنوعة، بقوليات وخضروات وفواكه، عطور وأدوات زينة، وكل شيء مكدس هنا وهناك بدون ترتيب.

- خالتي أم سليم..

- نعم..

- أريد شراء صدرية..

- يا سلام.. العروس كبرت وبدها صدرية وبعد شوية بتقولي بدّك عريس!!

- ما بدّي عريس.. بدّي صدرية..

- حسنا، اقتربي لأرى حجم نهديك، سأعطيك واحدة جميلة ومريحة، خذي هذه.. ادخلي إلى الحمام وقيسيها.. تناولت هيفاء الصدرية، نظرت إليها بإعجاب كبير، تحسستها، وكانت اللحظات الأولى بينها وبين صدريتها لا تنسى، صدرية بيضاء اللون، نصفها العلوي من القماش الأبيض المتين والقسم السفلي مغطى بالساتان الأبيض اللامع. خلعت عنها قميصها البرتقالي وارتدت الصدرية بعد عدة محاولات فاشلة لأحكام إغلاقها من خلف ظهرها، خرجت من الحمام، فرحة لا ترى شيئا أمام عينيها، فقد كان شعورها يطغى على ما حولها، فهناك شيء أملس يلف نهديها الصغيرين بملمس ناعم جميل، وكانت الصدرية أول ما لامس نهديها بعد يديها. هذا الإحساس الدافئ والزيادة الطفيفة في بروز نهديها أصابها بنشوة لدرجة إنها ناولت المال إلى أم سليم دون أن تنظر إليها، وواصلت الخالة الحديث إليها عن رأيها حول الصدرية، لكن هيفاء لم تسمع كلمة من كلماتها: مشت مختالة ناهدة الصدر إلى الأمام، فرحة بصدريتها الأولى.

كانت تعتقد وهي في طريقها إلى البيت أن الجميع ينظر إليها.. ولكنها عندما تأكدت أن أحدا لم يلتفت نحوها، قررت أن تخلع الشيال الخفيف الذي ارتدته تحت قميصها البرتقالي الشفاف ليتسنى للجميع رؤية الصدرية على نهديها وكان قميصها شفافا للغاية ومن اللمحة الأولى يتمكن من يشاء وبدون جهد رؤية الصدرية الجديدة، وبدأت تتجول وتدخل إلى بيت هذا وذاك من أقاربها، وتجلس بهدوء أو تسير أمامهم متصنعة، لربما يشاهد احدهم صدريتها الجديدة اللامعة، ويعلق عليها، ولكن لصغر سنها لم يلاحظ احد صدريتها، وحتى من لاحظ ذلك، لم يبدِ اهتماما بهذا الصدر الناشئ وبصاحبته.

وكان للصدرية فعل غريب ووقع خاص على نفسيتها، تغيرت شخصيتها مباشرة مع الصدرية الجديدة، تحول مفاجئ جميل وغريب تلبسها حالا مع لبسها الصدرية، فأصبحت تمشي مرفوعة الرأس، مبتسمة وصدرها شامخ إلى الأمام وظهرها مستقيم مشدود، وقدماها تطآن بخفة على الأرض، معتزة فخورة، تتمايل شمالا ويمنيا مثل عارضات الأزياء وكأنها معلنة: وداعا للطفولة.

أصبح نهداها مركز اهتمامها تنظر إليهما في استمرار، تداعبهما كلما كانت لوحدها وتنظر إليهما من كل الزوايا ويذهب خيالها إلى البعيد، ، تتساءل مع نفسها: من سيكون أول من سيلمس هذين النهدين، هل هو خالد ابن صفها المعجبة به بشدة، أم هو رامي بائع الشطائر في المدرسة والذي يقيم علاقة حميمة مع صديقتها حسناء، التي حدثتها مرارا عن أفعاله الجريئة، عندما يختلي بعضهما ببعض، تمنت لو كان خالد مثل رامي بجرأته.


فيما بعد، وقع أمام عيني هيفاء حادث غريب، إذ تم ضبط صديقتها حسناء وهي في مراحيض المدرسة وبائع الشطائر يداعب صدرها العاري، وقد تم جرهما معا أمام الطلبة وضربا بشدة وبدون رحمة.. هذا الحادث جعلها تغير رؤيتها تجاه النهدين، و قررت أن تلبس من جديد الشيال تحت قميصها الشفاف ليغطي ما كشف في السابق بل تمادت أكثر وبدلت قميصها الشفاف بآخر غامق وسميك، لا يرى من تحته شيئا ومن ثم أصبح القميص فضفاضا.. حرب ضروس خاضت هيفاء لإخفاء نهديها، دحرتهما إلى الخلف، حتى لا يرى احد تكورهما، وبعدها أحنت كتفيها إلى الإمام للتغلب على بروز النهدين.. انتبهت العائلة لتصرفاتها الغريبة وتحولها المفاجئ وشعر الجميع بحزنها وكآبتها.. انزوت في غرفتها، واختفى فرح المراهقة.. حاول الأهل أن يتحدثوا إليها وان يفهموا ما يدور في خلدها ولكن ذهبت كل محاولاتهم أدراج الرياح، فالحادث الذي شاهدته كان بالنسبة لها مرعبا ومربكا.

ابتعدت عن رفاقها وخاصة الشباب وانزوت وحيدة، وأهملت مظهرها الخارجي وتحولت مشيتها إلى مشية عجوز منحنية الظهر ومطأطئة رأسها ورقبتها متدلية بوهن من فوق كتفيها، تسير وهي مكتفة يديها طوال الوقت.


***

أعذرني عزيزي القارئ على هذه النهاية الحزينة والمتوقعة، لكن الحقيقة لم يحدث شيء مما قررته هيفاء بعد ذلك الحادث مع صديقتها حسناء، فقد ذهبت بالاتجاه العكسي تماما وأصبحت تبرز نهديها في كل مناسبة متاحة أو غير متاحة وتترك نصفه الأعلى مكشوفا يترنح ويرقص كيفما تسير، ورمت قطع القطن التي أخفت بها بروز حلمتيها السوداوين لتبرزا وتشقا الملابس إلى الخارج وكانت تشعر بالرضا والاعتزاز وهي تثير وتشد العيون مباشرة صوب صدرها، ورمت الصدرية القديمة وبدلتها بصدريات شفافة من الدانتيل وكانت هي التي دعت صديقها خالد إلى الاختلاء بها وهي من علمه ماذا يفعل معها.



حيفا
(*) صدرية- حمالة الصدر



.


صورة مفقودة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى