السيد شليل - كلب حراسة..

الموضوع بمنتهى البساطة كلب!!
نعم كلب قوي البنية ، ضخم صوته ، إذا نبح يرج العمارة رجا ، ويجعل من يحاول الاقتراب منها يفكر ألف مرة ، ولن يكلفنا ذلك شيئا سوى طوق من الجلد وسلسلة . يمكنني أن أجعله يشارك سالم غرفته ، تلك الغرفة التي أعددتها له قبل زواجه من سعدية التي جاء بها من أقصى الصعيد ، قطة مغمضة ، ولم ينجب منها إلا منذ شهور رغم زواجهما الذي استمر أكثر من عشرة أعوام ..
أو نربطه أمام مدخل العمارة. البلطجية لا يقتحمون البيوت إلا ليلا ، ولو سمعوا صوته فلن يفكروا في الاقتحام لا ليلا ولا نهارا . إذا اتفقنا على هذا الرأي. أجابه الجميع بالموافقة .

عاد سالم الحارس إلى مكانه في مدخل العمارة بعدما هبط سلالم الدور الأول ، فلحقت به سعدية ، تحمل على كتفها وليدهما مختار ، الذي وهبهما الله إياه بعد صبر طويل ، وقد وجدته تائها فسألته عن سر هبوطه السلالم مسرعا هكذا؟
فحكى لها بعض ما دار بين الحاج أمين صاحب العمارة وبعض السكان الذين أكدوا على اقتراح الحاج لشراء كلب.

ربما كان يحدثهم عن أمور أخرى ، الإيجار المتأخر عليهم مثلا، أو مصاريف صيانة الأسانسير ، أو حتى مصاريف ترميم العمارة التي أصبحت حالتها سيئة وسلالمها التي أصبح شكلها مخيفا ،عند مسحي لها يتجمع الماء بكميات كبيرة في الحفر .

، وذات مرة وقف الحاج يحرك مسبحته وهو يتفحص درجات السلم وأنا أمسحها وقال : أن العمارة تحتاج إلى صيانة سريعة .

فتح باب الأسانسير وصعد وبعدما وصلت إلى الدور الأول كان الحاج لازال يتفحص السلالم . سمعتهم يتشاورون في الأمر وأكد أحد السكان الجدد وأظن أنه العريس الجديد الساكن في الدور الخامس على كلام الحاج وخصوصا بعد انتشار أخبار تؤكد على اقتحام بعض البيوت المجاورة لعمارتنا وسرقتها فكيف له أن يأمن على زوجته في عمارة حارسها نايم على ودانه !

حرك الحاج مسبحته للمرة الثانية وهو يستمع للجميع بما فيهم زوجة العريس الجديد . كفت سعدية عن اللعب في رأس مختار ومشت ببطء نحو غرفتها وهي تتذكر أول يوم جاءت مع سالم من البلد حيث دخلا تلك الغرفة معا ، وضعت ابنها وراحت تتحسس ملامحه التي كان يؤكد سالم على أنها لا تشبه ملامحه لا من قريب ولا من بعيد .

كانت تخبره بأن الأطفال في الشهور الأولى يتغيرون في الشكل حتى يكبرون ، ولكنه أبدا لم يقتنع وقد شعرت بحركة قريبة منها . كان سالم يتلمس الجدران حتى وصل إلى جوارها وضوء الباب الموارب ينعكس على وجه مختار، فتجلت تحت عينه اليمنى حسنة صغيرة بنية اللون وسط وجهه البدر.

ربتت على كتفه في حنو. . جايز عايزين يريحوك. هز رأسه وهو يتحسس ملامح مختار وأطراف أصابعه تحاول طمس تلك الحسنة.

الأستاذ خيري اللي ساكن في الرابع أكد على كلامهما بأني كبرت وخرفت ونظري أصبح شيش بيش . كان صوتهم على السلم عال حتى هذه الغرفة ربما يقاسمنا فيها الكلب حتى العريس اللي في الخامس .

قال: إني بسيجارة ممكن أفوت أي حد هو أنا بدخن أصلا!! ثم هو يعرفني منين؟ المصيبة إن الراجل اللي بقى لي معاه عمر صدقه!!
نشتري كلبا قوي البنيان صوته عال يخافه الجميع في الشارع والعمارة. انتفض سالم ملبيا للصوت الذي ناداه كان هو كما توقعه صوت الحاج أمين الذي أخبره بأن يجهز مكانا مناسبا للكلب الذي سوف يشاركه الحراسة والسكن أيضا ، بعدما أصبح مثل خيل الحكومة خسارة فيه الأكل.

راح الجميع يضحكون على كلام الحاج الذي أخبره أيضا بأنه من الآن لن يتقاضى راتبه الشهري حتى يشترون كلبا ويجربوه !! فإن أفلح وأدى مهمته على أحسن حال ، صرفوا له نصف راتب والنصف الآخر طبعا للكلب ربما أشتروا له سلسلة فضية أو حتى ذهبية ليست خسارة فيه، وإذ لم يوفق يقومون ببيعه ويبحثون عن آخر ليتم لهم المهمة ، ثم راح كل منهم يخرج مبلغا من المال يعطيه للحاج الذي ما أن جمع المبلغ حتى نهره عندما أطال النظر إليه.

أول مرة يراه عن قرب تحت العين اليمنى نفس الحسنة الموجودة عند مختار. ضغط على جهاز التحكم لسيارته ، وأمر سالم أن يذهب ويحضر زميله وانفجر الجميع في الضحك. بينما كل ما يدور في عقل سالم تلك الحسنة ولماذا لا يملك حسنة أسفل عينه اليمنى أو حتى اليسرى ؟

كانت السيارة تقف بجوار العمارة وقد اقترب منها سالم فوجده من خلف الزجاج بلونه الأسود ولسانه المتدلي من فمه بأسنانه الكبيرة البيضاء ، سحب مقبض الباب فإذا بكلب ضخم قوي حول رقبته طوق من الجلد الأسود عليه كبسولات فضية على شكل نجوم ودوائر ، وقد بدا متأهبا للانقضاض عليه .

فتح الباب أكثر وتوارى سالم خلفه بحذر فانطلق الكلب ، وراح يشق الشارع متجها إلى مدخل العمارة ، وسط نباح لا ينقطع بينما كانوا يهبطون السلالم ويضحكون ظنا منهم بأن الكلب قد افترسه ، عاد إليهم سالم لا شيء في يده ، فبدا الغيظ واضحا على الحاج أمين الذي ظل ينظر ناحية سعدية ثم اتجه ناحية سيارته ليعود ومعه طوق جديد بسلسلة علقها في رقبة سالم الذي سقط على الأرض ، وسط انبعاث صرخات عالية خرجت لتوها من غرفته..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى