شعبان المنفلوطي - هلوسة

استيقظت من نومى على نباح الكلاب التى تملأ الشوارع والحوارى, لعنت عندها كل كلاب الأرض ومن شابههم , حاولت جاهداً أن أجعل سداً منيعا من القطن بينى وبين الأصوات التى اختارت أذنى لتزعق فيها . تقلبت فى فراشى . لكن الكلاب أبت إلا الاستيقاظ, جلست على حافة السرير . أخذت أفكر في طريقة أخرس بها أفواه جميع كلاب الأرض............
دخلت جدتى ألقت علىّ صباحها المعهود فرددتُ برتابة وكسل,وكالعادة قبلتها, نظرت إلىّ نظرةٍ طويلةٍ ثم أخرّجت تنهيدتها الحارة وهى تترنم:
ــ زمن...!
أخذت أراقبها عند خروجها,تسرّبت إلىّ رائحةٍ غريبةٍ . جدتى ازدادت نحولاً؛ فبرز ت عظام وجنتيها فاستطال وجهها.. شعرت بنشاط مفاجئ قمت بارتداء ملابسى , نزلت إلى الشارع, لفت نظرى جموع الكلاب الغفيرة المتواجدة في الشارع , كذلك التى تملا المقاعدَ الخلفيةِ للسياراتِ ..
ذهبتُ إلى عملى, سجلت توقيعى في دفترِ الحضورِ, ألقيتُ صباحى المعهود على الزملاء, وإذ بزمجرةٍ تصدر من مكتبِ السيد المديرِ ؛ فأسرعتُ بدفعِ البابِ , وجدت كلباً (وولف) أنيق برابطةِ عنقِ أنيقةٍ يجلس إلى مكتبِ السيد المديرِ وكلبة (رومى) تقدم له بعض "السندوتشات", قفز الكلب فوق مكتبِ السيد المديرِ مستعداً للانقضاضِ ؛ فانسحبت عائداً للخلفِ , وأنا أصفق الباب خلفى بشدة دخلت صباح بجسدها الفائر وهى (تسرسع) :
ـ صباح الخير....
فجأةً وجدتُ نفسى مدفوعاً إليها , بالرغم من دمامةِ وجههاِ. احتوت أصابعى أصابعها ضاغطةً ً, لفت نظرى أظافرها الطويلة .تسرَّبت إلىَّ رائحة غريبة , فأخذت أدور حولها والزملاء مشدوهين, أرى في عيونهم الحسد , والاستعداد للدخول معى فى معركةٍ شرسةٍ ....
أحاطوا بها , وأنا أحتضنها بين ذراعىَّ , ثم كشروا عن أنيابهمِ,وهم يضَّيقون علىَّ الخناق.. فجأةً ظهر الكلب الـ (وولف) بالبابِ فهرب الزملاء إلى مكاتبهمِ , دار حولى ثم دفعنى بمؤخرتهِ فوجدتُ نفسى أجلس إلى مكتبى , وأصطحبها هو إلى مكتبه .....
في طريق عودتى وجددت الكلاب تقود السيارات, والبشرُ يجلسون في المقاعدِ الخلفيةِ, انشغلوا بالثرثرةِ . قفزتُ إلى "الأتوبيس" ؛ فوجدت أحدَ الكلابِ الضخمةِ قد جلسَ إلى مقودهِ , حاولتُ النزول, فزجرنى بزمجرة شرسة مكشراً عن أنيابه نظرتُ إلى الراكبين أستجديهم فوجدتُ (الأتوبيس ) قد أكتظَ بالكلاب...
فى الطريقِ وفي غفلةٍ من الجميعِ قفزتُ إلى الشارعِِ . لفتَ نظرى جمعُُُ غفيرُ من الكلابِ, اقتربتُ منه في حذرٍ فوجدت أن أحدَ الكلابِ المجنونةِ قد صدم رجلاً .
حملته على كتفىِ وأسكنته التراب .فى المساءِ اشتقتُ إلى دموعى , فوقفتُ بالسرادقِ أتلقى واجبَ العزاءِ, العشرات من الكلابِ تتدلى رؤوسها في أسى , و عندما أستفتح المقرئ بالبسملة اندفعوا خارجين.....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى