طلق المرزوقي - فقاعة.. قصة قصيرة

أقعينا أمام قصر الاليزيه المهيب, وعيوننا مصوبة إلى الباب ذي الإطار النحاسي، خرج منه الرجل الذي كنا ننتظره, كان يرتدي معطفاً خبأ تحته بذلةً باذخة, بشرته بيضاء وناعمة، يداه بهما بعض نمش, كان يعتمر على رأسه عمامة فلسطينية, حين وقف على حافة الدرج المكسو بجرانيت أسود شديد اللمعان, تحلق حوله الصحفيون وأخذوا يسألونه عن نتائج المباحثات قال:
جئت من فلسطين, أحمل بيارات برتقال الجليل في صدري, والقدس عروسٌ أحسها الآن تركض في أوردتي حافية القدمين, لقد أخبرنا المسؤولون الذين اجتمعنا بهم, أن دماء أطفالنا التي انتثرت على أرضنا المقدسة, تحولت إلى كروم عنب تعرش إلى السماء كل يوم.
اطمئن الجميع أنهم اقتنعوا بعدالة قضيتنا, فجأة خفت صوته وأخذ يصغر.. يصغر.. يصغر حتى اختفى خلف الجمهور الذي كنت أقف خلفه, اشرأبت عنقي إلى الأعلى حتى جاوزت الجميع, رأيته يضمحل.. يضمحل.. حتى ذاب على الرخام الصقيل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى