أحمد أبو المجد - يوسف والعملاق سامبو

في الخامسة فجرًا، ظهر يوسف في غرفة والديه مرتديًا زي رائد الفضاء الذي أهداه له أبوه يوم أتم عامه السادس الشهر الماضي. أستيقظت الأم، أولًا لم تميز في ظلام الغرفة سوى شبح لأحدهم يقف فوق سريرها دون أن ينطق بكلمة واحدة، هادئاً يضم يديه اليمنى على الأخرى مما أعطاه هيبة تفوق عمره بكثير، حين أدركت أنها بالفعل مستيقظة لا تحلم صرخت في ذعر وانفجر يوسف ضحكاً. استيقظ الأب على تلك الأصوات المتضادة المتداخلة، أضاء المصباح وانضم إلى صف الابن ضاحكًا.

– سامحك الله يا يوسف! ألم تكبر على هذه الأشياء، كدت أموت ذعراً.

قاطعها الأب:

– أراك ترتدى ملابس العمل، أين قضى مغامرنا العظيم ليلته؟

صمت يوسف قليلاً وأجاب:

– ذهبت إلى المريخ.

– فعلتها حقاً؟ لا أطيق صبراً عن معرفة ما رأيته، احكِ لي..

استدار الفتى نحو باب الشرفة، ثم خاطب أباه:

– إتبعني يا أبى إلى غرفتي.


نظرت الأم إلى زوجها وقالت:

– إذهبا واتركانى أستكمل نومي بعيدا عن هذا الجنون.

وفى الغرفة، بدأ حوارهما الشيق:

= أخبرنى يا يوسف كيف يبدو ذاك الكوكب.

تغيرت ملامح الصغير إلى جدية صارمة وقال بصوت يكاد لا يُسمع:

– أبى هذه المعلومات سرية للغاية ولا يجوز أن تغادر هذه الغرفة حتى لو لأمي.

– أتفهم ذلك يا يوسف لا تقلق.

– حسناً، لقد قابلت يوسف المريخيّ، وأخذني في رحلة حول كوكبه ووعدته أن أرد له كرمه عندما يزور الأرض!

= يوسف المريخيّ؟

– نعم يا أبى، لكل شخص على الأرض نظيره على كل كوكب.. هذا ما علمته مؤخراً، ولما كان يوسف المريخي يبحث مثلى عن معلومات عن الكواكب الأخرى، التقينا.

= عظيم، وماذا فعلتما؟

– الحياة على الكوكب الأحمر تشبه الحياة هنا قليلاً ولكن لا يوجد لديهم مسطحات مائية كثيرة مثلنا لهذا السبب لا يسكن المدن الساحلية هناك سوى الأثرياء. دعك من أمور الحياة سأحكى لك عن العملاق سامبو.

= العملاق سامبو؟ يبدو أن ليلتك كانت مليئة بالمغامرات.

– نعم، سامبو هذا يبدو مخيفاً للوهلة الأولى، لديه جناحان فلا يحتاج مركبة فضائية مثلنا، ويمتلك ذيلاً قادراً على تدمير قرية كاملة بسكانها، ولكنه يا أبى لا يستغل قدراته الخرافية سوى في الخير والصلاح فقط.

= يا له من فعل عظيم …

بدى على الأب التركيز التام حتى بدأ يوسف يقص عليه:

– في إحدى قرى المريخ، كان يوجد ظالم مستبد يعذب الناس بقوته و بطش خادميه، وقد علم بشأنه سامبو و اصطحبنا إلى تلك القرية ليخلص اهلها من هذا الظالم.

– قتله؟

= سامبو لا يقتل يا أبى، سامبو يؤدب المخطئ حتى يعلم خطأه ويتراجع عنه.

_ ماذا فعل به.

إبتسم يوسف ابتسامةً واسعة وقال:

– نزل سامبو إلى هذا المستبد وحمله على ذيله وارتفع به قليلاً في السماء، ثم أزاحه لأعلى، ظن الجميع أنه سيسقط هالكاً عكس الجاذبية، ولكن التقطه سامبو ثانيةً قبل السقوط، ثم أزاحه مرة أخرى، ثم التقطه وهكذا دواليك وسط تصفيق الأهالي وضحكاتهم العالية وهتافاتهم سامبو! سامبو! في المرة الأخيرة سأل المستبد هل سيعاود أفعاله هذه، فبكى رجاءاً وأقسم أن يعيش متواضعاً آمناً بين الناس، فأعاده إلى بيته في سلام وشكر الأهالي سامبو على ما صنع.

يبدو أن طلاب الفرقة الأولى في كلية العلوم قسم الفلك وتكنولوجيا الاتصال قد راقت لهم تلك القصة البسيطة و اندمجوا مع أحداثها. بعد أن أنهى قصته الأستاذ الدكتور الباحث يوسف المنيرى، توجه نحو طلبته قائلاَ:

– منذ أكثر من أربعين عاماً، كنت ذلك الطفل يوسف الذي يشارك أبيه أحلام نومه ويقظته ويخلق من الخيال واقعاً لا يصدقه أحدٌ سواهما. مرت السنين وكبرت وأبى، كبرت معنا حكايتنا، وحصلت أنا على درجة الدكتوراه في دراسات متعلقة بكوكب المريخ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى