سابق بن عبد الله البربري - النفسُ تَكلَفُ بالدنيا وقد عَلِمَت

النفسُ تَكلَفُ بالدنيا وقد عَلِمَت
أن السَّلامةَ منها تَركُ ما فيهَا
واللَّهِ ما قَنَعَت نَفسِي بما رُزِقَت
من المَعيشَة إلا سوفَ يكفيها
أموالُنا لِذَوي المِيراثِ نَجمَعُها
ودُورُنا لِخَرَابِ الدَّهرِ نَبنيها
قِس بالتجاربِ أحدَاثَ الزَّمَانِ كما
تَقِيسُ نَعلا بِنَعلٍ حين تَحذُوها
واللَّهِ ما غَبَرت في الأرضِ ناظِرةٌ
إلا ومرُّ الليالي سَوف يَفنِيها
أينَ المُلُوكُ التي عن خَطبِها غَفَلَت
حتى سَقَاها بكأسِ المَوتِ ساقيها
غَرَّت زَمانا بِمُلكٍ لا دوامَ له
جَهلا كَما غَرَّ نفسا من يُمَنِّيها
وصبَّحت قومَ عادٍ في ديارِهمُ
بمقطعٍ يوما عادتهُم عَواديها
وتُبَّعا وثمودَ الحِجر غادرهُم
ريبُ المَنون رَميما في مَغَانِيها
فكيفَ يَبقَى على الأَحدَاثِ غَابِرُنا
كأنَّنا قد أظَلَّتنَا دَواهِيها
نلهُو ونأمُل أيَّاما نُعَدُّ لنا
سريعةَ المرِّ تَطوينا ونَطويها
كم من عزيزٍ سيَلقَى بعد عِزَّتِه
ذُلاً وضاحكةٍ يوما ستَبكِيها
وللحُتُوفِ تُربِّي كلُّ مُرضِعَةٍ
وللحِسَابِ بَرَى الأروَاحَ باريها
لا تَبرَحُ النفسُ تُنعَى وهي سالمةٌ
حتى يقومَ بنادي القَوم ناعيها
ولن تزالَ طوَالَ الدَّهرِ ظاعِنةً
حتَّى تُقيمَ بِوَادٍ غَيرِ واديها
سابق بن عبد الله البربري
أعلى