خالدة نيسان - ليل في وضح النهار.. قصة قصيرة

الحيُّ غارقٌ في ضوء الشمس ، يلعبُ في أرجائهِ ويمتدُّ الى حيث يريد هو النهار والاماكن كلها له حتى المساء لكن البيوتَ مغلقةٌ والجدران ملثمة كما الوجوهُ المغطاة للنساء اللواتي انحشرن بينها ، لاحركةٌ في الدروب أو نداءٌ من
امراة الى جارتها او نظرة مطلّةٌ من النافذة ولا يد تدقُّ باب دارٍ، الشمس تمرح في كل مكان لكن البيوتَ أغلقت ابوابها كأنّ ليلا قد حلّ في وضح النهار ، الخراب وخفافيش الظلام قد سكنتْ الحي .
بيتٌ فتح بابه لتدخل الشمس ارجائه وخطوات خرجت منطلقة ، صبية خصلاتُ شعرها تركتها للضوء وفستان تلعب في طياته الفراشاتُ الجميلة والورد واخوها الصبي وخطواته الفتية الرشيقة مرتديا سروالا صيفيّاً يمتدّ حتى ركبتيه ، نسيم هاديء يداعب الحديقة ويخفف من لهيب حرِّ الصيف.
مخلوقات متوحشة عيونها تترصد بقسوة وشراسة طلعت من نوافذ ثم تلتها أصواتٌ متوحشة خفية وخطوات سريعة لآشكالٍ بشرية ذات مخالب طويلة من سكاكين حادة وبنادق أتجهت نحو حديقة الدار.
وقفوا يحيطون بهما،ن ظرات فيها نذير الموت ولون الدم ، قال احدهم للصبية:
- ما هذه الملابس التي ترتدينها،انت تستحقين الموت...
الآخر صوّب بندقيته ونظراته القاسية الشرسة الى الصبي:
- وأنت أيضا ما هذا السروال الذي ترتديه...
رعب وهلعٌ ولامتسع من الوقت للصبي وأخته لينطق اي منهما بكلمة واحدة ، أصوات متوحشة ورصاص البنادق ينهمر على الجسدين يغتال هدوء النسيم ووشوشة الورد...
العشب الأخضر أحتضن الجسدين الفتيّينِ وصار بلون الدم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى