«يا زمان الخليج».. حكايات مشوّقة غير مألوفة.. عرض - جعفر الديري

يا زمان الخليج.jpg


تتناثر صفحات كتاب «يا زمان الخليج» للكاتب والمؤرخ خالد البسام، على روزنامة منطقة الخليج العربي؛ لتروي حكايات مشوّقة غير مألوفة تكشف فيها براءة الناس وهموم البشر وخدع الساسة وقبّعات الاستعماريين ومشاهدات الرحالة وبواكير التقدم.

ويواصل البسّام، الذي سبق أن نشر مجموعة من الكتب عن تاريخ المنطقة بأسلوب وطريقة كتابة جديدين، إمتاع القارئ بحكايات عن نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تروي دخول سفن الروس الأولى إلى الخليج، ورحلات حكام زنجبار إلى أوروبا، ودندنات العود، وبدايات السينما في البحرين، وتهريب الذهب إلى الهند، وقرّاء الصحف الأوائل، وغيرها، بجانب صور فوتوغرافيا قديمة جميلة. إنها حكايات من الأيام الخوالي تعطينا الكثير من الحنين وتأسرنا بأشواق لا تحصى.

ويورد البسام؛ تواريخ وحكايات من روزنامة منطقة الخليج العربي في القرن العشرين. لا تقلب موضوعاً واحداً أو تاريخاً معيَّناً، بل تتوزَّع على خارطة الخليج بحكايات وقصص متنوعة تكشف براءة الناس وهموم البشر وخدع الساسة وطلقات البوارج ومشاهدات الرحّالة وبواكير التقدم. إنها تواريخ حافلة بالأيام الخوالي التي لم تتلوث أرضها بسواد النفط في المنطقة بعدُ، ولم تعرف شوارعها قرقعة الآلات وضجيج الحضارة.

انها تواريخ لا تحتاج إلى حبر كثير لتقديمها إلى القارئ العربي، فهي أكثر براءة من أن نعقِّدها بتحليلات، وأكثر بساطة من أن نقولبها في نظريات وتنظيرات. كل ما فيها أنها فصول من أيام رحلت تركت لنا بعض القصص والأساطير والرحلات وقبعات الغربيين وأوراق الدولة البهية السرية، كما كانت الامبراطورية البريطانية تسمي نفسها آنذاك، وذكريات من ورد وعرق.

زويد يسجل أغنياته ببغداد

حول محمد زويد وكونه أول مطرب بحريني تُسجَّل أغنياتُه على أسطوانات في بغداد العام 1929 دندنات العود في الخليج. يكتب البسام: بدأت أولى دندنات العود في الخليج مع كلمات الطرب، تنساب لأول مرة في جلسات سرية لا يحضرها إلاَّ المطربون أنفسهم وعشّاق الفن. ومع هذا الفن الجميل بعُوده ومراوسيه، كثُر العشّاق، وازداد المستمعون، ومضت الأوتار تشق طريقها وتحطم كل المعترضين على الغناء. وقد كانت أول فرصة للغناء العلنية، هي تسجيل أسطوانات لكبار المطربين، وخاصة في البحرين.

في العام 1929، جاءت إلى البحرين بعثة فنية من إحدى شركات التسجيل، وهي شركة «بيضافون»، لمسح البلاد ميدانياً بغية اكتشاف الأصوات الجيدة التي يمكن للشركة التعاقد مع أصحابها لتسجيل أغنياتهم على أسطواناتها، والاستفادة من ذلك تجارياً.

وقد أقامت شركة تسمى «حكاك» في العشرينيات، فرعاً لشركة «بيضافون» العالمية لتسجيل الأسطوانات في بغداد، وعُيِّن عزرا هارون، الملقَّب بـ «عزوري»، مسؤولاً فنياً فيها، وهو يهودي عراقي. أما وكيلها العام فهو نيقولا كافوري، والوكيل في البصرة حسن إبراهيم درسة، وهو من أصل سوري. أما البعثة التي وصلت البحرين فيرأسها سعيد إبراهيم درسة، وهو شقيق وكيلها في البصرة. وبعد أن بحثت عن المهتمين والعارفين بالحركة الغنائية في البحرين، اهتدت إلى شخصين تنطبق عليهما المواصفات المنشودة، وهما محمد بن فارس وضاحي بن وليد.

أين ضاحي بن وليد

كان الوقت صيفاً، وسفن الغوص تجوب الخليج بحثاً عن اللآلئ، وعلى متنها بحارتها المنهمكون في مهنتهم التي كانت المهنة الرئيسية لغالبية أهل البحرين والخليج، ومن ضمنهم الفنان ضاحي بن وليد الذي راحت تبحث عنه البعثة الفنية من دون طائل.

أما محمد بن فارس، كما يقول الباحث مبارك العماري، فقد زاره أعضاء البعثة في «دار السيفية» في قرية الجسرة ـ البحرين ـ وطلبوا منه أن يُسمعهم شيئاً من غنائه وألحانه، فأجاب طلبهم، فاستمعوا منه لأغان عديدة، وبعض النصوص غناها لهم بأكثر من لحن مثل صوت «إن العواذل قد كووا»، حيث سمعوه منه بثلاثة ألحان. وبعدما نال غناؤه استحسانهم، أعلموه بسبب قدومهم، وعرضوا عليه أن يسجِّل لهم بعض الأسطوانات مقابل ما ستدر عليه من إيراد، وما سيناله من شهرة، وفوجئوا به يرفض العرض، برغم أنهم موافقون على ما سيمليه من شروط، غير أنه استمر على إصراره.

وقد قيلت أسباب كثيرة لرفض المطرب محمد بن فارس تسجيل الأسطوانات، إلاَّ أنه، أيّاً تكن الأسباب، فإن البعثة لم توفَّق في مسعاها معه، ولكنه طرح عليها رأياً حاز موافقتها، حيث اقترح عليها مطرباً بديلاً يختاره لها بنفسه ويكون ذا مؤهّلات فنية تلائم مواصفاتها.

أما المطرب «البديل» فهو المطرب الشاب محمد زويد. ووافق أعضاء البعثة على سماع غنائه بدلاً من العودة أدراجهم خالي الوفاض، فلا ضاحي بن وليد موجود، ولا محمد بن فارس موافق. ولحسن حظهم أن تجربة محمد زويد قد حازت قبولهم، واتفقوا معه على تسجيل أغنياته في العام نفسه في ألمانيا.

البرد يؤذي بن فارس

ويذكر محمد زويد أن ابن فارس وافق على التسجيل، غير أنه لمّا عرف أنه سيكون في ألمانيا رفض العرض، لعدم احتماله البرد الشديد، بينما قبله هو، وجهَّز ملابس خاصة من الجلد لاتّقاء برودة أوروبا.

ويذهب زويد إلى بغداد عام 1929، ويسجّل عدداً من الأسطوانات بعد أن أُحضرت آلات التسجيل إلى هناك بدلاً من ألمانيا، ويصبح بذلك أول مطرب بحريني تسجَّل له أسطوانات، سواء داخل البحرين أو خارجها.

وتسجل روزنامة تاريخ الفن في منطقة الخليج هذا الحدث الهام، حيث سجّل المطرب زويد نفسه كأحد أوائل المطربين في المنطقة الذين تسجَّل لهم أسطوانات معروفة.

ويعود زويد إلى البحرين ويستقبله أستاذه محمد بن فارس ليسمع منه تفاصيل رحلته وكيفية التسجيل وانطباعاته وأحاسيسه بعد هذه التجربة. ويكوّن ابن فارس فكرة عن الرحلة، ولكن عليه أن ينتظر، فلا يجوز إصدار الحكم قبل سماع الأسطوانات. إنها هي الحصيلة التي نتجت عن رحلة محمد زويد، وعليه أن يحكم عليها بالنجاح أو الفشل بعد سماعها. وأخيراً، وصلت الأسطوانات، وأقبل الناس على شرائها. إنها التجربة الأولى والجديدة لأول مطرب بحريني، لذلك حظيت باهتمام الأوساط الشعبية والفنية. لقد كان ثمة فوائد مرضية من هذه الصفقة، وإن كانت التسجيلات ليست بالمستوى الفني الجيد، إلاَّ أنها كانت مثيرة لكونها الأولى محلياً.

في 1921 قرب الساحل

ويكتب البسام حول بدايات السينما في البحرين كوخ «الصور المتحِّركة» المدهش!: بعد ربع قرن تقريباً على بداية السينما في العالم، راح جمهور صغير قرب ساحل مدينة المنامة بالبحرين يتفرج على أحد الأفلام السينمائية في كوخ صغير مبني من سعف النخيل في منتصف عام 1921. ولم يكن في بال ذلك الجمهور الصغير المملوء بالدهشة والسحر، أن هذا الكوخ الصغير هو بداية دخول السينما في منطقة الخليج والجزيرة العربية (باستثناء العراق). وكالعادة، جاءت السينما إلى البحرين بضجيج كبير ودهشة أكبر، وتلاقت، في تناقض تام، مع سعادة لا توصف وغضب عارم! ولم تعبّر تلك التناقضات التي بدأت مع دخول السينما، لأول مرة، البحرين، عن أية غرابة. فالسينما في العالم كله كانت عالَماً جديداً وغريباً، وفناً لم يكن مألوفاً، فما بالك ببلاد أو منطقة كاملة لم تعرف أي شكل من أشكال الفنون سوى الغناء.

في منتصف العام 1921 قام التاجر محمود الساعاتي بمغامرة كبيرة غير محسوبة عندما استطاع جلب آلة عرض سينمائية ومجموعة من الأفلام الأجنبية، كما يقول الباحث منصور سرحان في كتابه رصد الحركة الفكرية في البحرين خلال القرن العشرين. واختار الساعاتي كوخاً صغيراً من سعف النخيل يقع على ساحل المنامة، غرب محاكم البحرين القديمة، لعرض الأفلام السينمائية، في منطقة تنتشر فيها المقاهي الشعبية ويتواجد فيها تجار اللؤلؤ والغواصون.

ويذكر الباحث د.منصور سرحان: لقد صُفَّت بالكوخ الذي هُيِّئ كمقر للسينما، ثلاثون كرسياً، ووُضعت لوحة خشبية كبيرة عبارة عن شاشة. وحُدِّد سعر التذكرة بآنتين (كانت الروبية تساوي ست عشرة آنة). حيث يتم الدفع مسبقاً، وتعطى للمشاهد قصاصة ورق صغيرة هي بمثابة تذكرة يحملها في يده للتأكد من أن المبلغ قد دُفع. وبرغم بساطة التجربة وتواضعها، إلاَّ أنها أصابت الجميع بدهشة الإعجاب والغضب. فبينما تعلق الكثيرون، خصوصا الشباب، بالسينما وعروضها المثيرة واعتبروها من أهم الأشياء الجميلة التي رأوها في حياتهم، وجد فيها آخرون من المتعصّبين والرجعيين مكاناً للفساد و«نشر الرذيلة».

معرضة وصلت للحاكم

وكان من الواضح أن «كوخ السينما» بجانب النجاح والإعجاب اللذين حصل عليهما، قد أدى إلى خلق معارضة كبيرة وصلت إلى الحاكم نفسه. ومع تنامي هذه المعارضة ضد «الفساد» الذي يسببه «كوخ السينما»، رفع عدد كبير من رجال الدين والأعيان وبعض المواطنين عريضة احتجاج إلى حاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة تُطالب بإغلاق السينما أو مكان «الصور المتحركة» ـ كما قالوا ـ لأنها مصدر للفساد.

وعلى الفور، يكتب الحاكم الشيخ عيسى بن علي رسالة إلى المعتمد البريطاني في البحرين الميجور كلايف ديلي، محفوظة في سجلات مكتب الهند بلندن، يقول في بعضها: ربما بلغكم سَمْع عن العريضة التي كتبوها وقدّموها (كتبها وقدَّمها) لمحبكم بعض العلماء والأعيان، مقصودهم إزالةُ حدوث المنكَر والأمرُ بالمعروف من ذلك حدوث الصور المتحركة والمومسات المتظاهرين بالفساد. ونرسل لسعادتكم ملف العريضة المذكورة تطّلعون عليها وترجعونها لمحبكم. وحيث إن صاحب الصور المتحركة أجنبي نرجو من سعادتكم أن تأمروه بألا يستعمل هذه الصور المذكورة ولا غيرها من ألعاب في البحرين.

السينما "مكان فساد"

وتُعبّر الرسالة، بشكل واضح، أن الحاكم ومعه رجال الدين وغيرهم قد حسموا أمر موضوع السينما بأنها «مكان فساد»، وبالتالي لا خيار أمامهم إلاَّ إغلاقها. وبما أن القوانين البريطانية تحظر على السلطة في البحرين القيام بأي إجراء ضد مواطن غير بحريني، لذلك كتب الحاكم يطلب من ديلي أن تقوم السلطات البريطانية بذلك الإجراء، وهو إغلاق السينما نهائياً.

من الواضح أن الميجور ديلي المشهور بسلطته الديكتاتورية، قد أغلق السينما بدون تردد مستفيداً من طلب الحاكم وعريضة الاحتجاج. وفي الوقت الذي استطاع فيه بعض الرجعيين حشد قواهم لإغلاق السينما، لم يستطع صاحبها ومحبوها القيام بأي شيء أو مجرد الاحتجاج على ذلك.

وبرغم تجربة «كوخ السينما» التي لم تستمر سوى شهور قليلة، إلاَّ أن السينما أحدثت إعجاباً استمر وقتاً طويلاً، وسببت لمشاهديها وروادها القلائل صدمة البداية وصدمة النهاية. وظلت السينما برغم إغلاق «كوخ السينما»، حلماً يُراود الكثيرين وبهجة تنتظر التحقق.

قرّاء البحرين بالصحف العربية

ونقرأ للبسام في شأن آخر بالكتاب، بعنوان "قرّاء البحرين في الصحف العربية 1899 ـ 1939: أشواق الصحف الأولى": طغى الفرح العارم على وجه المثقف وقارئ الصحف البحريني حسين بن علي مشرف حين رأى جريدة المقتطف المصرية في نهاية عام 1899 تنشر رسالته التي كتبها لها قبل مدة، وتجيب عن أسئلته أيضاً. وقتها، كان القارئ حسين مشرف ـ ومعه الصحف والعالم كله ـ يودّع قرناً كاملاً حافلاً، ويدخل قرناً آخر مملوءاً بالآمال والأحلام.

وأول تلك الأحلام البسيطة هو حلم القارئ مشرف في الكتابة للصحف العربية التي بدأ وصولها إلى البحرين عن طريق المثقف النجدي البارز المقيم في المنامة الشيخ مقبل عبد الرحمن الذكير، الذي كان يجلب صحفاً مثل العروة الوثقى و المقطف و الهلال و المنار وغيرها، لحساب المثقف البحريني المعروف الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، وليتمكن قُرّاء مجلس الشيخ إبراهيم من الاطّلاع عليها.

تأخر الصحافة

ولم يعبأ مشرف، وهو في غمرة فرحه، بتسجيل سَبْق ريادة كونه أول القُرّاء البحرينيين الذين كتبوا للصحف وسابقوا الزمن. فالبحرين، برغم تقدمها عن باقي البلدان المجاورة، إلاَّ أن الصحافة فيها تأخرت كثيراً لأسباب متنوعة. لكن أهل القراءة لم ينتظروا صدور الصحف، في بلادهم حتى يتمتعوا بفضيلة القراءة وتصفُّح الجرائد والمجلات، بل راحوا يكتبون لتلك الصحف، يسألون ويعلقون وينتقدون ويعبّرون عن آرائهم في جميع المجالات.

وهكذا فعل القارئ حسين مشرف حينما كتب إلى المقتطف في نهاية عام 1899 يسأل: ما قولكم في ابن آدم إذا وُلد في الفلاة وتُرك حتى بلغ سن التمييز. أكان يؤدي به الطبع ليعرب إعراب الإنسان بالنطق؟ أم يبقى أبكمَ كالحيوان لممازجته إياه من زمن الاستهلال؟ أرشِدونا بما أحاط به المعقول الفلسفي، ومنا القبول ولكم الشكر؟ وردّت المقتطف بما يلي: لو اتفق لابن آدم أن يُترك في القفار وهو طفل رضيع ويبقى حياً إلى أن يبلغ سن التمييز، لما تيسّر له التشبُّه بالوحوش التي تكون معه في أصواتها. هذا الغرض بعيد الوقوع لأن طفل الإنسان أضعف من أن يعيش من غير أن يعتني به أحد من الناس، ولكن يمكن الوصول إلى غرضكم بفرض آخر، وهو لو رُبِّي الطفل من غير أن يكلِّمه أحد أو يسمع كلام أحد من الناس فإنه يشبُّ أخرسَ، ولو كان ناطقاً بالقوة. ولذلك، لو ألف سمعه وهو طفل حتى لا يسمع كلام الناس من حوله، فإنه لا يتكلم أبداً، لأنه لا يسمع أصوات الذين من حوله حتى يقلدهم بها من نفسه.

توالي رسائل القراء

ومع بداية رسالة القارئ البحريني مشرف، يبدأ القرن العشرون وتتوالى الرسائل والكتابات من قُرّاء البحرين إلى الصحف العربية. ففي بداية العام 1903 تنشر المقتطف أيضاً رسالة قالت إنها من «أحد المشتركين» في البحرين يسأل فيها: يقول أبو العلاء المعري: "تثاءب عمرٌو إذ تثاءب خالد،، بعدوى فما أعدتني الثؤباء"، فما سبب التثاؤب؟ وهل دعوى العدوى صحيحة؟

وترد المقتطف بالتالي: التثاؤب نوع من التنفس يحدث بفعل منعكس لكي يدخل به مقدار من الهواء إلى الرئتين، كأنه موروث في الحيوانات البرية التي تتثاءب من أسلافها لمّا كانت بحرية وبرية، وتحتاج إلى أن تفتح أفواهها وتُدخل مقداراً كافياً من الهواء إلى رئاتها. أما العدوى فقال البعض وحسبوا أن التثاؤب ميكروب، لكن لا دليل على صحة هذه الدعوى. والصحيح أن التثاؤب يحصل بالقدوة؛ أي أن نظر المتثائب يؤثر في الأعصاب تأثيراً يهيّجها للتثاؤب، كما أن نظر الليمون الحامض يُفيض من اللعاب من الفم.

ومن التثاؤب والليمون إلى الصيام، حيث يكتب المثقف النجدي البارز مقبل عبد الرحمن الذكير في العام نفسه رسالة إلى مجلة المنار التي يرأسها الشيخ محمد رشيد رضا، يسأل فيها: اطّلعنا في الجزء السابع عشر من المنار على بحث عن الصيام وفضله وثبوته، فجزاكم اللَّه عن الإسلام خيراً، فقد أوجزتم وأحسنتم. ولنا هنا سؤال وهو: إذا ذكرت الجرائد أن شهر رمضان قد ثبت شرعاً أن أوله الجمعة، وكان بعض أهل الأقطار البعيدة كخليج فارس والعراق قد رأوا الهلال ليلة السبت، فهل يعتمدون على خبر الجرائد إذا بلغهم في أثناء الشهر، ويبنون عليه إتمام العدة ثلاثين يوماً إذا لم يروا هلال شوال، ثم يقضون يوم الجمعة، أم يتمّون العدة على حساب صيامهم الذي أوله السبت، ولا يجب عليهم قضاؤه؟ أفيدونا مأجورين. بتوقيع: الداعي لكم بالخير مقبل عبد الرحمن الذكير.

وترد المنار قائلة: الواجب على من ذكرتم أن يعملوا بحسب رؤيتهم، ويتمّوا العدة على حسابهم، إلى أن يروا الهلال ليلة الثلاثين بحسابهم، كأنهم بنوا صيامهم على إثبات شرعي صحيح. وما سبق في المنار استحسانه من عمل أهل القطر المصري لا ينطبق على مثل ما ذكرتم، فإنه خاص ببلاد يمكن أن يعرف أهلها كلهم إثبات الشهر في الليلة الأولى منه ليصوموا جميعاً ويفطروا جميعاً، فإن الاجتماع والاتفاق في أداء العبادات من مهمات الشرع. أما البلاد المنقطعة بعضها عن بعض، فيجب أن تعمل كل جهة بما يثبت عندها. ولا يعمل أهل البحرين بما يثبت في البصرة أو الهند أو مصر، إلاَّ إذا أمكن العلم في الليلة الأولى من الشهر بطريقة مأمونة من التزوير، وأنّى لهم هذا.

وبانتظام وصول الصحف والمجلات العربية إلى البحرين، يزداد القُرّاء وتكثر مراسلاتهم واشتراكاتهم بسبب الفراغ الكبير الناجم عن عدم وجود أية صحف ومجلا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى