إيمان عادل - انسحاب إجباري

أصوات وأضواء تحتل المركز الأول والأخير في إدراكها وذاكرتها، صورة ترتبط بها بقوة، تنتمي إليها بشكل ما, تدرك هذا وتعرفه رغم عدم إدراكها لماهية تلك الصورة.

شعور آخر يسيطر عليها هو أن هذا المكان الذي تجلس مستندة إلى أحد جدرانه والذي يسبح في الظلام الدامس، غير المخيف وغير المطمئن، جزء منها وهي جزء منه، لكن هناك من يأخذها من مشاعرها تلك، هناك من يقترب (من؟) تصرخ بقوة لكنها لا تسمع إجابة بل إن الخطوات تقترب أكثر غير مبالية بندائها.

يغمر المكان ضوء مبهر يجبرها على غلق عينيها تستنكر النور فتصرخ، ولكن القادم كأنه قد اتخذ من عدم المبالاة بها وبوجودها قاعدة له.

تتحسس جسدها قدميها رأسها وبصوت مضطرب تقول: “هذا مكاني” لكن الضحكات الباردة لهذا القادم والحوار الذي لم تفهم منه شيئا يسرب لها تيارا كهربيا يصيبها بالرعشة ويجعلها تكتفي بتكرار النداء داخل أسوار عقلها.

تنتزعها من ندائها رائحة تعرفها جيدا, رائحة الاشتعال، إنهم يشعلون عود ثقابا، لا بل أعوادا، تختنق فتسعل بقوة، تجبرها الدموع على فتح عينيها.

كل تفاصيل المذبحة التي قضت على أهلها اندفعت إلى ذاكرتها عندما رأت الجثث الملقاة حولها، ما جعلها تتجه نحو الأجساد الحية الموجودة في المكان وتقذفها بكل ما تجد في طريقها، حينها شعرت أن الضوء ينسحب ولكن في هذه المرة انسحابا إجباريا، لكن هذا لا يهم فهي تعرف أنها موجودة وأن هذا مكانها وهذا يكفي لتشعر بالأمان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى