عصام سعد حمودة - طقوس العودة

تمارس دائما نفس الطقوس خلال العودة من الاسكندرية حيث تعمل الي حيث تسكن في احدي القري القريبة من مدينة طنطا
تخرج من عملك حاملا حقيبة يد صغيرةتحوي كتبا وجرائد واشتراك القطار السنوي
تصعد القطار ..تلقي بالحقيبة الي اقرب مقعد لتحجز بها مكانا ..تستاذن من احد الجالسين في الذهاب لعدة دقائق..تمضي لتفرغ جسدك مما يثقله..تعود ..تفرغ كل مافي جيبك..تدفعه الي باطنها..تستقر بعدها فوق فخذيك ويداك تقبض علي مزلجها..يغالبك الوسن..تستسلم له دون ان تجاهد.
واليوم علي غير المالوف تغيرت طقوسك لسبب ما..تودع المرتب داخلها حين دخلت المحطة..تتركها لدي شخصا لاتعرفه وتراه لاول مرة دون ان تاخذ مابها او تنتظر شخصا تعرفه.
فركاب ذلك القطار مالوفين لدي بعضهم وتولدت بينهم صداقة من طول الوقت الذين يقضونه سويا في الحكايات والتعليقات وتستطيع ان تترك لدي احدهم اي شيء
اما الراكب الذي يشاهد لاول مرة فهو غريب ونادرا ما تجمعك معه مصادفة اخري
هل شاهدك تضع حاجياتك في الحقيبة؟ تنفي ذلك
فقد حوطت عليها بجسدك مانعا تسلل العيون الي ما تقذفه في جوفها
محصورا الي تلك الدرجة التي جعلتك تتلاكها لدي شخصا مجهولا
اينتظرك؟ سياخذها ويمضي:
ما بين دورة المياه ورصيف المحطة مسافة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة ايضا
تغالب شكوكا عديدة وتوعز لنفسك بانه ليس لصا وملامحه لا تدل علي ذلك
في دورة المياه يتسلل العفن الي ذاتك ..تشعر بدوار
اماكن ضيقة..شبابيك محطمة..ابواب مهشمة..صنابير مفتوحة..كتابات ورسوم علي الابواب والجدران يدعون بعضهم لبعض الي افعال دنيئة دون مواربة معلنين عن ابرز ملامحهم وسبل الاتصال وكيفية التعرف عليهم.
كيف ستعود لمنزلك ان اخذ الغريب الحقيبة ورحل؟
امراتك مالتي ستفعله ان عدت دون نقود؟ فهي تنتظر اليوم اكثر من اي وقتا اخر
............
فلتدخل عليها غاضبا.تبلغها بما حدث.واذا علا صوتها.اهوي بكفيك علي صدغها.
.............
تعقد العزم علي ذلك مرات ومرات وتفشل في ان تفعلها.
تدفن راسك بين شقوق جدران سوداء تطل منها تلك الرائحة.يوشك القطار علي القيام ولم يعد هناك وقتا.
جسدك مازال ثقيلا ومازلت تحاول وتحاول
بين السبابة والابهام يرقد الانف مستكينا..عيناك مغمضتان..تشتد الرائحة..تضغط اكثر واكثر
لم تنتظر لتغلق سحاب بنطالك وتحكم رباطه.
مسرعا..تخرج عيناك علي الرصيف..تبحث عن القطار الذي كان قد غادر المحطة....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى