سليم الحاج قاسم - امرأة غريبة تمشي على السطح

-1-

كل ما قيل لك فترة انبت الموز من جلده، كل ما اعتنقت من فوات الأمر كي يحسن ما أنت من فتى لولبي قديم، كل ما قالت الطفلة لأمها قبل الموت الثاني و بعد النبرة الحالمة، كل ما فاض من الموج على صدرك المشقوق نصفا لها و نصفا لشوك الدرب قبيل الرحيل، كل ذلك الذي ينخر مسام الذاكرة االبكر، ما يحتد الآن في جلدك المهزوم عند الغروب، ذاك انسلالها الغابر بين تقاسيم جسمك الملون بمائها، فانتبه.
-2-

المدينة المهجورة التي تنساق عفوا ضمن خرافات الجدة و سعالها الدامي، الأصوات المتعالية من نافذة الجارة المرهقة مما فعل معدل السكر المنخفض في دمها، أوراقك البيضاء الملطخة بذكرى سيدة سمراء مرت و لم تدرج في الطرة تعليقا واحدا يرشد الغازين إليك، نصف ما بقي أو ربعه الفائت منذ قرنين في غفلة مدوية للمنافي و أرضها، مكنون ما وعد به الواعدون حين أفل النهر لا الماء استكان و لا غير الشاربون مصرعهم، ما قال الجار حول موعد صرف الشيك المثبت على الورقة، كل ما تداخل في ذهن العاشق المقلوب على عقبيه في هذا الفراغ، ذاك احتشادها حول مدامع جوفك المقيد الى جوفها، فانتبه.
-3-

مرور ذلك الضوء المشاكس بين ربوع البيت في غفلة من القطة العجوز، تداخل ما كنته و ما ستكونه وما ربما كنته دون ذكرى تنبه عقلك المخدوع لما احتواه الحصى على الربوة العالية، الحي و تمتمات الشيخ المتسمر آخر النهج يصنع من خطوات العابثين موعده الحالم بالربيع، اربعة أخماس ما قال الأستاذ عن دوباليه و رابليه و مونتانيي، الوقت الذي واعدتك فيه ابنة الجيران خلف شجرة التين الشوكي خارج أسوار القرية الضاحكة، التحليل الجنيولوجي الذي أثبت انصهارك الأزلي في عناصر الكون و مادته الأولى، وجهك الغريب و سهرات الصحب المعجونة بضجر روتيني هزيل، ذاك ازدحامها في شرايين الهواء الجازع الى قفصك الصدري، فانتبه.
-4-

مشهد الطير اذ يمر فوق أنظار الشاردين على مقرب في الأصيل، شجار الوحوش عند الغابة الحمراء الشاهدة على ألوان الحزن المترامي في الضفاف، صوت العاهرة المتململ من الهاتف منتصف الليل الزهيد العابر من الفجوة الحالكة، المرأة الغريبة التي تمشي على سطح الغرفة ليلا كمجنونة باحثة عن ثوبها الأبيض، ― لم أر ثوبا أبيضا و ليس على سطح غرفتي سوى الخشب المتبقي من أثر البناء، ابتسام الصبح في بلور شباكك المكسور و كأسك الفارغة، كل ما قال الملاحدة عن تكون العالم و ابتداء الخلق و كل ما قال المسيح لحواريي كنعان و أجدادهم، مزاعم دروين عن أصول القردة و الانسان البدائي و الارتقاء الدائم لموجودات الأرض، ما قرأت في صحف اليوم في صفحة الجرائم و اغتصاب عشرين فتاة بعيد الفصل الأخير من المسرحية الغامضة، ذاك ارتفاعها عن تجاويف صوتك الرابض قربها، فخذها اذا شئت الى ضواري الموج العابث في السيول و قبّل خدها المعجون بالنبيذ الأحمر، وانتبه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى