موفق السراج - صواب مهجور خير من خطأ مشهور

الوقوع في الخطأ اللغوي ليس بدعاً أو جديداً، فما يعرف بـ «الّلحْن» -وهو الخطأ اللغوي- كان أمراً غير خاف على علماء العربية منذ عصر صدر الإسلام وبعده، فنبهوا عليه، واحتاطوا له، وحللوا أسبابه، وذكروا علاجه في مؤلفاتهم... وماوضع قواعد النحو واللغة إلا بسبب شيوع الخطأ على ألسنة العامة ولاسيما الأعاجم الذين دخلوا الإسلام ...
وقد تجاوز العلماء وضع القواعد والأحكام إلى تصحيح ألفاظ المتكلمين، فرأوا أن مخالطة الخاصة والمثقفين والمتعلمين العامة توثر في لغتهم، وتصيب بعض ألفاظها بالتصحيف والتحريف والخطأ... فبادروا إلى لغة العامة يؤلفون في بيان لحنها، ويصححون ألفاظها... ومن ذلك كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت، وكتاب «مايلحن فيه العامة» للسجستاني ...الخ. هذه الأمور التي ذكرت معروفة لدى المهتمين بلغتنا الجميلة... وليست هي المرادة من هذه الزاوية اللغوية... ولكن المراد- وأراه لبّ المشكلة - ماتلوكه الألسنة- قاصدة أو غير قاصدة- من أقوال لاندري أول المتكلمين بها، وهي تحمل في حروفها السم الزعاف لما لها من أثر سيء في حياة المجتمع، والأمة. ومن هذه الأقوال قولهم «خطأ شائع مشهور خير من صواب مهجور» وإنني أقول لهؤلاء: الأفضل أن نقول «صواب مهجور خير من خطأ مشهور» وهذا هو قول الغيورين على سلامة لغتنا العربية الجميلة التي نعتز بها أيما اعتزاز، فهي هويتنا، وفكرنا ، وتراثنا، وانتماؤنا لأمة واحدة جزّأها الاستعمار في العصر الحديث. وسوف أذكر الخطأ الشائع، ثم أردفه بصوابه، ومن ذلك قولهم:
- معي ضغط في الدم ... والصواب: معي زيادة في ضغط الدم، لأن الضغط موجود، ومن دونه يموت الإنسان.
- هذا الأمر مُناط بفلان.. والصواب: هذا الأمر منوط بفلان أي معلق به، أو له صلة به، لأن الفعل هو ناطه به أي وصله، وليس أناط به.
- صار خالد عالة على أبيه ... والصواب: صار عائلاً على أبيه، ومعنى عائل أنه يعيش على كسب أبيه، والعالة جمع عائل وهم الفقراء، قال الشاعر: ومايدري الفقير متى غناه
ومايدري الغني متى يعيل
- فلان لا أخلاق له ... والصواب: فلان سيء الأخلاق، لأن الخُلُق قد يكون حسناً أو قبيحاً.
- لازال أخي مريضاً .. والصواب: مازال أخي مريضاً ، لأن هذا الفعل دال على الاستمرار في الزمن الماضي، وينفى بـ «ما» وليس بـ «لا».
- شاهدت المرأة سافرة أو سافرة الوجه ... والصواب: شاهدتها سافراً أو سافر الوجه، لأن هذا الوصف خاص بالمؤنث، يقال: سفرت المرأة سفوراً إذا كشفت وجهها فهي سافر وهن سوافر،
- يزورنا صديقي في كل آونة... والصواب: يزورنا في كل أوان، لأن آونة جمع أوان مثل زمان وأزمنة.
- رأيتُ عَمراً.. حدّثتُ عَمْرواً .. والصواب: رأيت عُمَرَ لأنه علم ممنوع من الصرف لاينوَّن... وحدّثت عَمْراً ... تحذف واو «عَمْرو» في حالة النصب، لأن التنوين علامة تميزه عن «عُمَر» الذي لايقبل التنوين.‏


د. موفق السراج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى