مهند يونس - نسيان.. قصة قصيرة

ما زلت أذكر جيدًا ذلك اليوم الذي التقيتُك فيه لأول مرة، كنتُ في الثانوية العامة، وطوال الطريق إليك كنتُ- كعادتي قبل الذهاب إلى أي لقاء مهم- أتخيل كيف سيكون اللقاء، بل وأتمادى في رسم الحوارات والسيناريوهات المتوقعة. صافحتَني بحرارة ثم تحسست وجهي بين يديك. تنظر إليّ وتقول في نفسك، كيف تحوّل ذلك الولد الصغير ذو الشعر الأشقر، الذي كان يتقافز ليصل إلى الشباك ويرى البحر، فصار الآن شابًا بمثل طولي. ثم أخذتني إلى حضنك الذي حُرمتُ منه سنين، عانقتني بدفء حاولتَ فيه تلخيص كل تلك السنين بتفاصيلها المعقدة بين أب وابنه. كان دفؤك حنونًا واعتصارك لي قاسيًا. في الحقيقة أنت لم تفعل ذلك كله، حتى ظننتُ بعد أن مددت يدك لتصافحني وجلسنا برهة وسألتني عن حالي، أن هناك جزءًا ثانيًا من هذا اللقاء، سأشاهد فيه البقية، ذلك الجزء لم يحدث أبدًا.


* مهند يونس، كاتب من غزة، وضع حدا لحياته في أغسطس 2017 وهو في الثانية والعشرين من عمره. صدرت له حديثًا مجموعة بعنوان "أوراق الخريف".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى