محمد أمين حسونة - المرحوم معاوية محمد نور

رزئ القطر الشقيق - السودان - بفقد المرحوم معاوية محمد نور من أدباء الشباب المستنيرين الذين قامت بفضل جهودهم الموفقة دعائم النهضة الفكرية الحديثة في مصر الجنوبية

وقد تلاقيت مع المرحوم معاوية لأول مرة على صفحات جريدة السياسة الغراء حوالي عام 1929؛ ثم توثقت بيننا عرى الألفة والزمالة حين أسسنا جماعة الأدب القومي التي كان يرأسها معالي الدكتور هيكل باشا، فجمعية العشرين التي أسسها الأستاذ محمود تيمور بك. وكان الأستاذ معاوية قد تخرج حديثاً في كلية غردون بالخرطوم وأراد إتمام تعليمه في كلية الآداب؛ غير أنه صادف عقبات منعته من الالتحاق بالجامعة؛ واتصل النبأ بسمو الأمير العالم عمر طوسون فرأى أن يرسله في بعثة خاصة على نفقة سموه إلى الجامعة الأمريكية ببيروت. وبعد أن نال إجازتها في الآداب عاد إلى القاهرة واتصل بالأوساط الأدبية وزاول مهنة الصحافة في صحف شتى كالأهرام والهلال والإجبشيان ميل، وكتب على صفحات الرسالة، وساهم بقلمه وفكره في كافة الحركات الأدبية التي اضطلع الشباب بأعبائها. وفي غضون تلك الفترة وقع الاختيار عليه ليكون سكرتيراً لغرفة التجارية بالخرطوم، غير أن فاجعة أليمة وقعت له وانتهت باختلال قواه العقلية وكان المرحوم معاوية في كافة مراحل جهاده الأدبي يتوق جهده إلى توثيق عرى الصداقة بين القطرين الشقيقين، ويقصر جهده على خدمة أمته عن طريق إذاعة أدبها القومي فكتب بعض أقاصيص سودانية لها صبغة محلية، وصور طبيعة بلاده في صور سحرية أخاذة يساعده على ذلك ثقافة العربية والسكسونية

وأطلعني قبل موته على تجارب كتاب كان ينشر فصولاً منه على صفحات الإجبشيان ميل بعنوان (الأدب المصري وتاريخه) تناول فيه بالدراسة والبحث مدارس التفكير في الأدب المصري وقادته، ثم أدب المقالة والنقد الأدبي فخصائص الأدب القومي والشعر والقصة والمسرح وأثر الجيل في كل حقل من حقوله، وكان غرضه من ذلك أن يقف الرأي العام الإنجليزي على تطور الأدب العربي عامة والمصري خاصة

وكان إيمانه بالأستاذ العقاد يفوق حد الوصف فكتب بعض فصول حلل فيها أدبه وارتباطه بشخصيته، وحلل شعره وأثره في البيئة المصرية. أما أخلاقه فكانت على جانب من السمو. وقد عرف البؤس والفاقة في بعض أويقات حياته غير أنه لم يقاسهما مطلقاً، بل كان يعمل وكان سعيداً أن يرى الناس تفهمه وتقدر جهوده






محمد أمين حسونة
مجلة الرسالة - العدد 445
بتاريخ: 12 - 01 - 1942

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى