مهند يونس - الجرذ الأعرج.. قصة قصيرة

صندوق مكعب، تقتحمه أشعة الشمس خجلًا مرتين في اليوم. يسكنه اثنان لا يقيم أحدهما أهمية للآخر. لكن بعد مضي بعض من الوقت على إقامة النزيل الجديد، أراد من يؤنسه ولو جرذ! فكان له ما تمنى. رآه يتسلل من ثقب محدد، يقرض بقايا الطعام، يتطفل عليه، ويطمئن على مقدرته على ابتلاع الضوء المقنن لألاّ يصاب بالعمى. قطرات تتسرب من السقف أحيانا بانتظام وأحيانا بعشوائية، لكنه طوعها في عقله لملائمة لحن ما كيْ ﻻ يجن. مد يده للجرذ، مسد على فروه، وقدم له نفسه. تحسسه قليلا فاكتشف أن لديه قدما مفقودة. التقط من الأرض قطعة خشبية كان الجرذ قد أتى بها محمولة بأسنانه، جعلها بطول قدم الجرذ، ثم نسل خيطين من ثوبه، ولف بهما القدم الخشبية للجرذ الأعرج، ثم شجعه على النهوض وراح يراقبه وهو يعدو به متقافزًا، مما أدخل سرورا إلى قلبه لم يذقه من أشهر. كان قد كتب رسالة لم يدر إذا كان قد قدر لها أن تقرأ أم ﻻ، فربطها بقدمه، مرسلا معه كل ما يملك في هذه الزنزانة من ذكريات، ربت عليه بحنو، وتركه يمضي. فتح باب الزنزانة، لم تستطع أعينه تحمل انفجار الضوء الشديد، فانكمش على نفسه. سحبوه إلى الخارج، وفي نفس الوقت كانوا يسحبون جثة هامدة من الزنزانة المجاورة، ألقوه فيها نزيلا جديدًا، تفاجأ بوجود رسالته، عرفها من إحدى أطراف الورقة المقروضة. أقدم على فتحها، لكنها كانت بيضاء تماما.
أعلى