حسين علي محمد - حكاية كاتبة

*مشهد أول:
وقفتَ تتحدثُ مع «ناهد سليم» ـ في مدخل نادي القصة بشارع القصر العيني ـ عن محور النص وعن الحبكة فيه وجمالية السرد، بعد أن ألقت قصتها «في منتهى الشجاعة» .. ورددت هي في غبطة ما سمعته من تعليقات الجمهور عليها، وعبارات الاستحسان، ولم تشر ـ طبعاً ـ إلى القليل من النقد الذي قيل عن النص.
...
كانت عيناك محمرتين من طول التحديق فيها .. فأنت تصحو لتُطالع صورتها ـ بالألوان ـ التي نشرتها مجلة فنية منذ عامين .. ولا تنام إلا في سرادق كلمات قصص ذات الأربعة والعشرين ربيعاًً .. ولا يتحقق الذي تنتظره: أن تنبهر بكلماتك ونقدك!
تسهرُ في ضوءِ القمرِ، ترنو إلى عينيها اللتين تشبهان عيونَ البقر الوحشي كما تقول كتب الأدب القديم الذي تدرسه!
في آخر ذلكَ الليلِ، وأنت عائد إلى حجرتك التي تقيم فيها خلف ترعة الزمر .. قال صديقك المغني الضرير عبد الله الصامت، وكان قد حضر ندوتها ـ معك ـ في "نادي القصة":
ـ إن ما يعوق نص ناهد هو تكثيف الرمز الذي يعوق جمالية السرد، ويصيب محور النص في مقتل من جهة ثانية، وبعض الاضطراب المعنوي في محتوى النص.
قلتَ له وأنت تضحك:
ـ أول مرة أرى مطرباً يُمارسُ النقد الأدبي!
وضحكتما، وحمدتَ الله أن ناهد لم تسمعه، فهي لا تتحمل النقد، وإذا سمعته لن تفهم ما يريد، وربما تُقاطعُك، فقد تعوّدت ألا تفهم كلمات النقاد، منذ أن بدأت الكتابة وتركت التمثيل، وتركت مسرح «الطليعة» التجريبي!
وكانت ممثلةً فاتنةً تبشر بمستقبل مأمول!!
*مشهد ثان:
حينما رجعت «ناهد» إلى بيتها في الزمالك، أيقظت غادة ابنة شقيقتها، الطالبة في الصف الثالث الثانوي، وأخرجتها في رقة مصطنعة من تحت الغطاء .. وطلبت منها أن تحكي لها قصة الفيلم الذي قدمته درية شرف الدين الليلة في برنامج «نادي السينما»، وتكتبها في نحو صفحة ونصف .. حتى تعيد ناهد كتابتها .. أو تختار مقاطع منها لتقدمها في جلسة القراءة لندوة السرد التالية في "نادي القصة".
تحسّرت حينما قالت لها ابنة شقيقتها أنها كانت منشغلة بدرس الرياضة الجديد، وإعادة قراءته وإجابة تطبيقاته، بعد أن شرحته لها الأستاذة، وأنها نامت قبل بث البرنامج!

الرياض 14/4/1998م

* من مجموعة «عندما تكلم عبد الله الصامت!»

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى