محسن الصفار - ليلة القبض على سعيد!!

جمع سعيد اغراضه وحمل الحقائب في سيارة الاجرة وتوجه نحو المطار كي يلحق بطائرته التي ستحقق حلم حياته في حضور حفل زفاف ابنه المغترب والذي يصادف غدا , توجه نحو الجوازات بعد تسليم الحقائب وسلم على الضابط واعطاه جوازه نظر الضابط اليه مليا ثم قال:

- لم صورتك في الجواز بذقن وانت حليق الذقن ؟

تعجب سعيد من السؤال وقال:

- انا ذاهب لحضور مراسم عرس ابني ويوم اخذت الصورة كنت على عجل فلم الحق ان احلق ذقني .

ضرب الضابط حروف اسم سعيد في جهاز الكمبيوتر وفجأة اتسعت عيناه وحمل السماعة وتكلم بصوت خافت حضر على اثرها فورها عناصر من الشرطة وامسكوا بسعيد المذهول مما يجري لدرجة ان لسانه انعقد عن النطق بينما وقف ضابط الجوازات وهو يصرخ :

- خذوه هذا المجرم المطلوب من القضاء الى الحجز حتى ترحيله الى النيابة

فزع سعيد من كلمة النيابة وتوسل بصوت اقرب للبكاء :

- سيدي والله هناك سوء فهم انا رجل شريف ولست مجرما وغدا زواج ابني ولايمكن تاجيله الله يرضى عنك لاتحرمني من حلم حياتي والله ماعندي غير هذا الولد وامه متوفية حرام عليك.

لم تجد توسلات سعيد نفعا فاقتيد مكبلا بالاغلال وسط نظرات الناس في المطار وكل منهم يفسر الموضوع على هواه واحد يقول تاجر مخدرات واخر يقول ارهابي دولي ونصاب وكل تهمة شنيعة يمكن تصورها , وفي الحجز حاول سعيد ان يستذكر حياته كي يعرف سبب اعتقاله فلم يجد شيئا فهو عاش طوال حياته بكل شرف وامانة واحترام للقانون , ولكنه تذكر انه في احد الايام انه نهر احد زملاؤه في العمل عندما كان يغرق في مدح الوزير و اعطاه صفات لاتليق الا بالرسل والانبياء وتقترب من الكفر وتوعده زميله في وقتها بانه سيريه من هو الوزير, ولكنه ترك الفكرة لان هذا الوزير تم طرده منذ سنوات وهو الان يقبع في بيته ولايملك لنفسه نفعا ولاضرا, ياربي ماذا تكون اذا ؟ قالها لنفسه مائة مرة مالذي فعلته كي اكون مطلوبا امنيا ؟ تذكر ان جاره الذي يعمل في جهة امنية كان يوقف سيارته كل يوم امام مدخل كاراج بيته وفي يوم طلب منه ان يتوقف عن ذلك فضربه الجار وهدده بان يغلق على حياته ان هو اعترض مرة ثانية , ولكنه استبعد ذلك من راسه مبتسما بمرارة قائلا ومنذ متى اصبحت المخابرات تصدر احكاما بالاعتقال هم ياخذونك وانتهى بدون حكم ولا مذكرة توقيف ولامن يحزنون .

بات سعيد في الزنزانة دون ان يغمض له جفن بين خوفه على مصيره وحزنه على ابنه الذي سينقلب عرسه الى مصيبة بعد اختفاء والده دون اي خبر او اثر اذ لم يسمح له بالاتصال باي احد من اقاربه او معارفه وفي الصباح اقتيد مخفورا الى النيابة ووقف على رجليه ثلاث ساعات مع عتاة المجرمين والقتلة حتى جاء دوره ووقف امام قاضي التحقيق الذي فتح ملفه وقال لسعيد الذي كاد قلبه ان يتوقف من الخوف :

- يا سيد سعيد انت عليك غرامة مرورية منذ 3 سنوات لتوقفك في مكان ممنوع ولانك لم تسددها فقد صدر الامر بالقاء القبض عليك

لم يصدق سعيد ما يسمع فبعد معاناته كان الامر اشبه بنكته سمجة او كابوس مرعب ولكنه قال

- ياسيدي القاضي انا اصلا لا املك سيارة ولم املك يوما سيارة ولا احمل رخصة قيادة لاني قلبي الذي يكاد يتوقف منذ ليلة امس لايستحمل السواقة وانت تعتقلني بسبب غرامة مرورية ؟ وعلى فرض صحة الموضوع كم هي غرامة التوقف الممنوع؟ وهل يستحق هذا المبلغ التافه اهانة الناس ومسح كرامتهم بالارض ومعاملتهم كالمجرمين ؟

نظر القاضي اليه وقال :

- الست انت سعيد وحيد حميد ؟

- لا يا سيدي انا سعيد وحيد فريد

امسك القاضي بالقلم وشطب على الملف وقال لسعيد :

- بسيطة ياعم تشابه اسماء وحصل كل خير ان شاء الله !! ولكن كي ترفع امر القاء القبض يجب ان تاخذ هذه الورقة وتذهب الى المحافظة والامن العام والجوازات ودائرة تنفيذ الاحكام ومديرية الكمبيوتر ومركز شرطة الحي الذي تسكن فيه وهذا كل شيئ وان شاء الله ماتزعل منا !!

وكل تشابه اسماء وانتم بخير.



* المصدر موقع بنت الرافدين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى