تواتيت نصرالدين - الأعمال الإبداعية والقراءات النقدية

كثيرة هي النصوص الإبداعية التي تفرزها أقلام المبدعين شعرا أو نثرا إلاّ أنّ هذه الأعمال الإبداعية لا يمكن أن تجد طريقها إلى المتلقي وتبقى تراوح مكانها مالم تجد القارئ الذي يهتم بها. ولا يمكن لأيّ نص إبداعي أن يصل إلى القراء ويكسبشهرة وذيوعا ما لم تفجر حوله قراءات مهما كان التباين واضحا بين النصوص وبين المناهج النقدية التي يتبناها النقاد في محاولا ت قرائية للدخول إلى عالم النص وسبر أغواره .
إن الأعما ل الأدبية التي نالت الشهرة والتقديس هي الأعمال التي تناولها النقاد وتم تقديمها إلى المتلقي بقراءات مستفيضة تزيل غشاوة الغموض على النصوص وتكشف الرؤى والدلالات حتى يتسنى للقارئ العادي القيام بقراءتها قراءة ثانية والتعرفعلى مضمونها وقيمها الجمالية والفنية.
إن قراءة النصوص الإبداعية هي تجاوز للعمل الإبداعي في حدّ ذاته. ذلك لأن القارئ الّذي يتفحص جسد النص يستطيع أن يشخصه
من كل جوانبه الإنسانية والحضارية والإجتماعية والثقافية لأن النص في حدّ تكوينه ينمو ويتفاعل مع هذه الأوساط ولا يمكن أن يقرأ بمعزل عنها مهما كان نوع النص
يقول الشاعر المناضل محمود درويش الفلسطيني الكبير في ديوانه أوراق الزيتون :-
قصائدنا بلا لون...
بلا طعم ... بلا صوت ...
إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت..
وإن لم يفهم البسطاء معانيها..
أولى لنا أن نذريها
ونخلد نحن للصمت..
إنها رؤية شاعر يدرك جيدا أن النص الّذي يبقى بعيدا عن قرائه لا يمكن أن يرقى إلى مستوى التأثير والتقبل ويبقى معزولا عن عالمه ومحصورا في زوايا النسيان .
إن تراكم النصوص والأعمال الإبداعية نتيجة الكم الهائل الّذي تقذف به الصحف والمجلات ودور النشر تبقى بحاجة
ماسة إلى من يعيد قراءتها وينفض الغبار عنها بقراءات متجلية تبرز قيمتها وقيمة أصحابها والتعريف بهم وبعث أعمالهم
من جديد وتقديمها للمتلقي الّذي يتعطش لقراءتها.
ومهما يكن فإن القراءة الإبداعية للإبداع تبقى وسيلة تحبيب وترغيب وتقريب في آن واحد وذلك لما لها من أهمية بالغةفي تثمين العمل الإدبي والوسيلة الأنجع لتثمين التجارب الأدبية في كل مكان وفي كل زمان مادام النص ينبض بالحياة و يتدفق بروح الإبداع .
تواتيت نصرالدين
---------
نشر بجريدة المساء العدد 3387 / 2008

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى