تواتيت نصرالدين - البحث عن المجهول / قصة قصيرة

لقد جبلت البشرية على الأحلام لتحرق بها ركام اليأس كما يحرق الهشيم الذي تذروه رياح العواصف فيصبح قاعا صفصفا فيتولدالأمل.تلك العروة التي يتشبث بها بنو البشر في كل ضائقة .فكثير ما كان سليم يردد هذا البت من الشعر من لامية
العجمللطغراني الذي حاكى بها لامية العرب للشنفرى .
أعلل النفس بالآمال أرقبها** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

هكذا كان سليم كلما مرّ بحالة نفسية أو مشكلة اجتماعية إلاّ وردد من مخزون قاموسه الشعري الذي حفظه أيام الثانوية والجامعة أبياتا من الشعر تزيح عنه هموم الحياة أو يستمد من حكمتها ومعانيها ما يريحه لأنه كان مولعا بالأدب الذي تخصص فيه وتحصّل على شهادة شرف واستحقاق أثناء تخرجه .لكن الحلم كان يراوده ليكون أستاذا في ثانوية أو جامعة . ولكنّ مع مرورالسنين بدأت أحلامه تتبخر وتتلاشى وأدرك أنّه كمن يبحث في سراب ففرص العمل لم تعد في متناول كل طالب في وطنه . فأصبح يفكر في وطن يأويه ويحتضنه .لقد كانت أمنية سليم أن يعيش ويعمل في وطنه أو في أي قطر من البلاد العربية ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن وأن الأوضاع التي تعيشها الأقطار العربية مخيبة الآمال فشد الركاب ليركب البحر مع ثلة من أبناء وطنه الذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت ففكر في الهجرة إلى أوروبا ظننا منه أنه سيجد ظالته هناك لأنه كان يحسن الكثير من اللغات اللاتنية .

لقد كان البحر عائقا للوصول إلى الضفة الأخرى وكاد اليأس يقضي عليه . وذات مرة بينما هو يتناول أطرف الحديث مع بعضاصدقائه في إحدى المقاهي التي ألفو ارتيادها والتي أصبحت محطة أنظار أصحاب قوارب الموت لصطياد زبائنهم وقد تمكنوا من سليم وأصدقائه بعدما تقربوا منهم وشاركوهم جلسة الحديث ليعرضوا عليهم خدمة السفر بدون تأشيرة إلى الضفة الأخرى حيث الجنة الموعودة مقابل مبالغ مالية لشد الركاب إلى بلد الجن والملائكة أو بلد الضباب .

لقد ترددوا في البداية ولكنهم وافقوا لأن أحلامهم كانت أكبر منهم .بعدما أقنعهم أحد أصدقائهم ببعض الأقوال التي كان يرددها الحراقة والتي كان تغنى وتدفع الكثير من الشباب إلى الهجرة .

اتفق الطرفان على موعد الأنطلاق بإحدى الشواطيء بعد تسديد ما طلب منهم من أموال لتبدأ رحلة العناء للبحث عن الفردوس المفقود .لكنتهم لم يدركو ا أنهم ركبوا الموت للبحث عن المجهول.
---------
تواتيت نصرالدين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى